الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نوي

                                                          نوي : نوى الشيء نية ونية ، بالتخفيف عن اللحياني وحده ، وهو نادر إلا أن يكون على الحذف ، وانتواه كلاهما : قصده واعتقده . ونوى المنزل وانتواه كذلك . والنية : الوجه يذهب فيه ، وقول النابغة الجعدي :


                                                          إنك أنت المحزون في أثر ال حي فإن تنو نيهم تقم



                                                          قيل في تفسيره : ني جمع نية ، وهذا نادر ويجوز أن يكون ني كنية . قال ابن الأعرابي : قلت للمفضل : ما تقول في هذا البيت يعني بيت النابغة الجعدي قال : فيه معنيان : أحدهما يقول قد نووا فراقك ، فإن تنو كما نووا تقم فلا تطلبهم ، والثاني قد نووا السفر فإن تنو كما نووا تقم صدور الإبل في طلبهم ، كما قال الراجز :


                                                          أقم لها صدورها يا بسبس



                                                          الجوهري : والنية والنوى الوجه الذي ينويه المسافر من قرب أو بعد ، وهي مؤنثة لا غير ، قال ابن بري : شاهده :


                                                          وما جمعتنا نية قبلها معا



                                                          قال : وشاهد النوى قول معقر بن حمار :


                                                          فألقت عصاها واستقر بها النوى     كما قر عينا بالإياب المسافر



                                                          والنية والنوى جميعا : البعد ؛ قال الشاعر :


                                                          عدته نية عنها قذوف



                                                          والنوى : الدار . والنوى : التحول من مكان إلى مكان آخر أو من دار إلى دار غيرها ، كما تنتوي الأعراب في باديتها كل ذلك أنثى . وانتوى القوم إذا انتقلوا من بلد إلى بلد . الجوهري : وانتوى القوم منزلا بموضع كذا وكذا واستقرت نواهم أي أقاموا . وفي حديث عروة في المرأة البدوية يتوفى عنها زوجها : أنها تنتوي حيث انتوى أهلها أي تنتقل وتتحول ، وقول الطرماح :


                                                          آذن الناوي ببينونة     ظلت منها كمريغ المدام



                                                          الناوي : الذي أزمع على التحول . والنوى : النية وهي النية مخففة ، ومعناها القصد لبلد غير البلد الذي أنت فيه مقيم . وفلان ينوي وجه كذا أي يقصده من سفر أو عمل . والنوى : الوجه الذي تقصده . التهذيب : وقال أعرابي من بني سليم لابن له سماه إبراهيم ناويت به إبراهيم أي قصدت قصده فتبركت باسمه . وقوله في حديث [ ص: 395 ] ابن مسعود : ومن ينو الدنيا تعجزه أي من يسع لها يخب ، يقال : نويت الشيء : إذا جددت في طلبه . وفي الحديث : نية الرجل خير من عمله . قال : وليس هذا بمخالف لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - من نوى حسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ومن عملها كتبت له عشرا . والمعنى في قوله : نية المؤمن خير من عمله أنه ينوي الإيمان ما بقي ، وينوي العمل لله بطاعته ما بقي ، وإنما يخلده الله في الجنة بهذه النية لا بعمله ، ألا ترى أنه إذا آمن ونوى الثبات على الإيمان وأداء الطاعات ما بقي . . . ولو عاش مائة سنة يعمل الطاعات ولا نية له فيها أنه يعملها لله فهو في النار ، فالنية عمل القلب وهي تنفع الناوي وإن لم يعمل الأعمال ، وأداؤها لا ينفعه دونها ، فهذا معنى قوله : نية الرجل خير من عمله . وفلان نواك ونيتك ونواتك ؛ قال الشاعر :


                                                          صرمت أميمة خلتي وصلاتي     ونوت ولما تنتوي كنواتي



                                                          الجوهري : نويت نية ونواة أي عزمت ، وانتويت ، مثله قال الشاعر :


                                                          ونوت ولما تنتوي كنواتي



                                                          قال : يقول لم تنو في كما نويت في مودتها ، ويروى : ولما تنتوي بنواتي أي لم تقض حاجتي ، وأنشد ابن بري لقيس بن الخطيم :


                                                          ولم أر كامرئ يدنو لخسف     له في الأرض سير وانتواء



                                                          وحكى أبو القاسم الزجاجي عن أبي العباس ثعلب أن الرياشي أنشده لمؤرج :


                                                          وفارقت حتى لا أبالي من انتوى     وإن بان جيران علي كرام
                                                          وقد جعلت نفسي على النأي تنطوي     وعيني على فقد الحبيب تنام



                                                          يقال : نواه بنواته أي رده بحاجته وقضاها له . ويقال : لي في بني فلان نواة ونية أي حاجة . والنية والنوى : الوجه الذي تريده وتنويه . ورجل منوي ونية منوية : إذا كان يصيب النجعة المحمودة . وأنوى الرجل : إذا كثر أسفاره . وأنوى : إذا تباعد . والنوي : الرفيق ، وقيل : الرفيق في السفر خاصة . ونويته تنوية أي وكلته إلى نيته . ونويك : صاحبك الذي نيته نيتك ؛ قال الشاعر :


                                                          وقد علمت إذ دكين لي نوي     أن الشقي ينتحي له الشقي



                                                          وفي نوادر الأعراب : فلان نوي القوم وناويهم ومنتويهم أي صاحب أمرهم ورأيهم . ونواه الله : حفظه ، قال ابن سيده : ولست منه على ثقة . التهذيب : قال الفراء : نواك الله أي حفظك الله ؛ وأنشد :


                                                          يا عمرو أحسن نواك الله بالرشد     واقرا السلام على الأنقاء والثمد



                                                          وفي الصحاح : على الذلفاء بالثمد . الفراء : نواه الله أي صحبه الله في سفره وحفظه ، ويكون حفظه الله . والنوى : الحاجة . قال أبو عبيد : ومن أمثال العرب في الرجل يعرف بالصدق يضطر إلى الكذب ، قولهم : عند النوى يكذبك الصادق ، وذكر قصة العبد الذي خوطر صاحبه على كذبه ، قال : والنوى هاهنا مسير الحي متحولين من دار إلى أخرى . والنواة : عجمة التمر والزبيب وغيرهما . والنواة : ما نبت على النوى كالجثيثة النابتة عن نواها ، رواها أبو حنيفة عن أبي زياد الكلابي ، والجمع من كل ذلك نوى ونوي ونوي ، وأنواء جمع نوى ، قال مليح الهذلي :


                                                          منير تجوز العيس من بطناته     حصى مثل أنواء الرضيخ المفلق



                                                          وتقول : ثلات نويات . وفي حديث عمر : أنه لقط نويات من الطريق فأمسكها بيده حتى مر بدار قوم فألقاها فيها ، وقال تأكله داجنتهم . والنوى : جمع نواة التمر ، وهو يذكر ويؤنث . وأكلت التمر ونويت النوى وأنويته : رميته . ونوت البسرة وأنوت : عقد نواها . غيره : نويت النوى وأنويته أكلت التمر وجمعت نواه . وأنوى ونوى ونوى : إذا ألقى النوى . وأنوى ونوى ونوى ، من النية وأنوى ونوى ونوى في السفر ، ونوت الناقة تنوي نيا ونواية ونواية فهي ناوية من نوق نواء : سمنت ، وكذلك الجمل والرجل والمرأة والفرس ، قال أبو النجم :


                                                          أو كالمكسر لا تؤوب جياده     إلا غوانم وهي غير نواء



                                                          وقد أنواها السمن والاسم من ذلك الني . وفي حديث علي وحمزة - رضي الله عنهما :

                                                          ألا يا حمز للشرف النواء

                                                          قال : النواء السمان . وجمل ناو وجمال نواء ، مثل جائع وجياع وإبل نووية إذا كانت تأكل النوى . قال أبو الدقيش : الني الاسم ، وهو الشحم ، والني هو الفعل ، وقال الليث : الني ذو الني ، وقال غيره : الني اللحم بكسر النون ، والني الشحم . ابن الأنباري : الني الشحم من نوت الناقة إذا سمنت . قال : والنيء بكسر النون والهمز اللحم الذي لم ينضج . الجوهري : الني الشحم وأصله نوي ، قال أبو ذؤيب :


                                                          قصر الصبوح لها فشرج لحمها     بالني فهي تثوخ فيها الإصبع



                                                          وروي : تثوخ فيه فيكون الضمير في قوله فيه يعود على لحمها تقديره فهي تثوخ الإصبع في لحمها ، ولما كان الضمير يقوم مقام لحمها أغنى عن العائد الذي يعود على هي ، قال : ومثله مررت برجل قائم أبواه لا قاعدين ، يريد لا قاعدين أبواه ، فقد اشتمل الضمير في قاعدين على ضمير الرجل ، والله أعلم . الجوهري : وناواه أي عاداه وأصله الهمز ؛ لأنه من النوء وهو النهوض . وفي حديث الخيل : ورجل ربطها رياء ونواء أي معاداة لأهل الإسلام وأصلها الهمز . والنواة من العدد : عشرون ، وقيل : عشرة ، وقيل : هي الأوقية من الذهب ، وقيل : أربعة دنانير . وفي حديث عبد الرحمن بن عوف : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى عليه وضرا من صفرة ، فقال : مهيم ؟ قال : تزوجت امرأة من الأنصار على نواة من ذهب ، فقال : أولم ولو [ ص: 396 ] بشاة . قال أبو عبيد : قوله على نواة يعني خمسة دراهم . قال : وقد كان بعض الناس يحمل معنى هذا أنه أراد قدر نواة من ذهب كانت قيمتها خمسة دراهم ، ولم يكن ثم ذهب إنما هي خمسة دراهم تسمى نواة كما تسمى الأربعون أوقية والعشرون نشا . قال أبو منصور : ونص حديث عبد الرحمن يدل على أنه تزوج امرأة على ذهب قيمته خمسة دراهم ، ألا تراه قال على نواة من ذهب ؟ رواه جماعة عن حميد عن أنس ، قال : ولا أدري لم أنكره أبو عبيد . والنواة في الأصل : عجمة التمرة . والنواة : اسم لخمسة دراهم . قال المبرد : العرب تعني بالنواة خمسة دراهم ، قال : وأصحاب الحديث يقولون على نواة من ذهب قيمتها خمسة دراهم ، قال : وهو خطأ وغلط . وفي الحديث : أنه أودع المطعم بن عدي جبجبة فيها نوى من ذهب أي قطع من ذهب كالنوى ، وزن القطعة خمسة دراهم . والنوى : مخفض الجارية وهو الذي يبقى من بظرها إذا قطع المتك . وقالت أعرابية : ما ترك النخج لنا من نوى . ابن سيده : النوى ما يبقى من المخفض بعد الختان ، وهو البظر . ونواء : أخو معاوية بن عمرو بن مالك وهناة وقراهيد وجذيمة الأبرش . قال ابن سيده : وإنما جعلنا نواء على باب ن و ي لعدم ن و ثنائية . ونوى : اسم موضع ، قال الأفوه :


                                                          وسعد لو دعوتهم لثابوا     إلي حفيف غاب نوى بأسد



                                                          ونيان : موضع ، قال الكميت :


                                                          من وحش نيان أو من وحش ذي بقر     أفنى حلائله الإشلاء والطرد



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية