الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ومن سبي من أطفالهم ) أي : الكفار ( أو مميزيهم منفردا ) عن أبويه فمسلم ; لأن التبعية انقطعت ، فيصير تابعا لسابيه المسلم في دينه ( أو ) سبي ( مع أحد أبويه فمسلم ) لحديث أبي هريرة مرفوعا { ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه } متفق عليه فجعل التبعية لأبويه فإذا لم يكن كذلك انقطعت التبعية ، ووجب بقاؤه على حكم الفطرة قال أحمد الفطرة التي فطر الناس عليها شقي أو سعيد وذكر الأثرم معنى الفطرة على الإقرار بالوحدانية حين أخذهم من صلب آدم وأشهدهم على أنفسهم : ألست بربكم ؟ قالوا بلى وبأن له صانعا ومدبرا وإن عبد شيئا غيره وسماه بغير اسمه ، وإنه ليس المراد على الإسلام ; لأن اليهودي يرثه ولده الطفل إجماعا .

                                                                                                                      ( وإن كان السابي ) لغير البالغ منفردا أو مع أحد أبويه ( ذميا تبعه ) المسبي على دينه ( ك ) مسبي ( مسلم ) لانقطاع تبعيته لأبويه ( وإن سبي ) غير البالغ ( مع أبويه فهو على دينهما ) لبقاء التبعية .

                                                                                                                      ( وإن أسلم أبو حمل أو طفل أو مميز ) فمسلم ( لا ) إن أسلم ( جد وجدة ) ، فلا يحكم بإسلامه بذلك الخبر السابق ( أو ) أسلم ( أحدهما ) أي : أحد أبوي الحمل أو الطفل أو المميز فمسلم ( أو ماتا ) أي : أبوي غير بالغ ( أو ) مات ( أحدهما في دارنا أو عدما ) أي : الأبوان ( أو ) عدم ( أحدهما بلا موت كزنا ذمية ، ولو بكافر ، أو اشتبه ، ولو مسلم بكافر ، فمسلم في الجميع ) للخبر السابق وانقطاع التبعية ولا يقرع فيما إذا اشتبه ، خشية أن [ ص: 57 ] يقع ولد المسلم للكافر .

                                                                                                                      ( وكذا إن بلغ ) ولد الكافر ( مجنونا فإنه يحكم بإسلامه ) في الحال الذي يحكم فيه بإسلام غير البالغ كإسلام أحد أبويه أو موته بدارنا ، كما هو صريح الكافي وغيره وليس المراد : أنه مسلم مطلقا ، وإلا لما صح قولهم فيما سبق أن المسبي المجنون رقيق بالسبي وقولهم في باب الذمة : لا تؤخذ من مجنون وغير ذلك .

                                                                                                                      ( وإن بلغ ) من حكم بإسلامه تبعا لأحد أبويه أو موته بدارنا ( عاقلا ممسكا عن الإسلام والكفر قتل قاتله ) ; لأنه مسلم معصوم ، وليس المعنى : أنه يكون مسلما مطلقا كما يدل عليه قوله ( ويرث ممن جعلناه مسلما بموته حتى ، ولو تصور موتهما ) أي : أبويه ( معا لورثهما ) إذ الحكم بالإسلام يعقب الموت ، فحال الموت كان على دين مورثه لكن الحمل لا يرث أباه إذا مات بدارنا كما يأتي في ميراث الحمل ( وإن ماتا ) أي : أبوا غير البالغ ( بدار حرب لم يجعل مسلما بذلك ) ; لأنها دار كفر لا إسلام .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية