الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو أودعه صبي ) ، ولو مراهقا كامل العقل ( أو مجنون مالا لم يقبله ) أي لم يجز له قبوله ؛ لأن فعله كالعدم ( فإن قبله ضمن ) هـ بأقصى القيم كما هو ظاهر إذا قبضه ولم يبرأ إلا برده لمالك أمره ؛ لأنه كالغاصب لوضعه يده عليه بغير إذن معتبر فاندفع ما يقال فاسد الوديعة كصحيحها وما يقال أخذا من هذا يفرق بين باطل الوديعة وفاسدها ، ووجه اندفاع هذا أنها حيث قبضت بإذن معتبر ففاسدها كصحيحها وحيث لا فلا فالفرق بين الباطل والفاسد هنا لا يصح بإطلاقه والكلام حيث لم يخف ضياعها فإن خافه وأخذها حسبة لم يضمن [ ص: 104 ] كما مر ، وكذا لو أتلف نحو صبي مودع وديعته ؛ لأن فعله لا يمكن إحباطه ، وتضمينه ما لنفسه محال فتعينت براءة الوديع

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله ووجه اندفاع هذا إلخ ) لا يخفى على المتأمل أن هذا الوجه الذي ذكره لم يندفع به هذا وعدم صحة الفرق بينهما على الإطلاق فلا ينافي صحته في الجملة وهو المدعى فيما قال إلا أن يراد فيما يقال إن مسألة الصبي الفساد فيها من الفساد الذي حكمه حكم الصحة ( قوله بإذن معتبر ) أي ومنه إذن مالك الحمار في مسألته السابقة وإلا أشكل بما هنا ( قوله فإن خافه وأخذها حسبة إلخ ) [ ص: 104 ] هل له تركها حينئذ ويبرأ منها بدون ردها لمالك الأمر الأوجه لا وهو نظير ما تقدم في قوله أو قبضها حسبة والوجه فيه أيضا أنه ليس له تركها حينئذ ولا يبرأ إلا بردها وعلى الجملة فالظاهر هنا وهناك الضمان بتركها أو ردها لغير مالك الأمر وليس في قوله المتقدم أو قبضها حسبة أنه يجوز تركها ويبرأ منها كما أشرنا إليه فيما مر ( قوله وكذا لو أتلف نحو صبي مودع وديعته ) زاد م ر في شرحه بلا تسليط ا هـ وقضيته أنه إذا سلطه الوديع على إتلافها لم يسقط الضمان عن الوديع وعليه يحتمل أن محله إن كان غير مميز ؛ لأن فعله حينئذ كفعل مسلطه فليراجع



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن ولو أودعه ) أي الرشيد صبي والمراد أنه أودع مال نفسه أو غيره بلا إذن منه فإن أودع بإذن من المالك المعتبر إذنه لم يضمن الوديع ا هـ ع ش ( قوله ولو مراهقا ) إلى قول المتن ولو أودع في النهاية إلا قوله لا يصح بإطلاقه فقال بدله غير محتاج إليه ، وكذا في المغني إلا قوله وما يقال أخذ إلى والكلام ( قوله إذا قبضه ) متعلق بضمنه وقوله ولم يبرأ عطف عليه أي ضمنه ( قوله فاندفع ) أي بقوله لوضعه يده بغير إذن معتبر ا هـ رشيدي عبارة المغني ضمن لعدم الإذن المعتبر كالغاصب ولهذا التعليل لا يقال صحيح الوديعة لا ضمان فيه فكذا فاسدها قال السبكي ولا يحتاج إلى أن يقال هو باطل ، ويفرق بين الفاسد والباطل أي بل يقال ذلك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وما يقال إلخ ) عطف على ما يقال فاسد الوديعة إلخ ( قوله أخذا من هذا ) أي مما يقال فاسد الوديعة إلخ ( قوله وجه اندفاع هذا إلخ ) لا يخفى على المتأمل أن هذا الوجه الذي ذكره لم يندفع به هذا وعدم صحة الفرق بينهما على الإطلاق لا ينافي صحته في الجملة وهو المدعى فيما يقال إلا أن يراد فيما يقال أن مسألة الصبي الفساد فيها من الفساد الذي حكمه حكم الصحة ا هـ سم أقول الأمر كما قاله المحشي فالوجه أن يقال إن كان انتفاء الصحة لانتفاء الإذن المعتد به فهي باطلة ولا تلحق بالصحيحة فيما ذكر .

                                                                                                                              وإن كان لانتفاء شرط آخر مع وجود الإذن المعتد به فهي فاسدة ملحقة بالصحيحة فيما ذكر فتدبره مع أنه لا خلاف في المعنى ا هـ سيد عمر ( قوله بإذن معتبر ) أي ومنه إذن مالك الحمار في مسألته السابقة وإلا أشكل بما هنا ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله فإن خافه وأخذها حسبة ) هل له تركها حينئذ ويبرأ منها بدون ردها لمالك الأمر الوجه لا وهو نظير ما تقدم في قوله أو قبضها حسبة إلخ والوجه فيه أيضا أنه ليس له تركها ولا يبرأ إلا بردها وعلى الجملة فالظاهر هنا وهناك الضمان بتركها أو ردها لغير مالك الأمر [ ص: 104 ] سم وع ش ( قوله كما مر ) أي آنفا ( قوله وكذا لو أتلف نحو صبي مودع وديعته ) زاد النهاية والمغني بلا تسليط من الوديع ا هـ .

                                                                                                                              وفي سم بعد ذكره عن الأول ما نصه وقضيته أنه إن سلطه الوديع على إتلافها لم يسقط الضمان عن الوديع ، وعليه يحتمل أن محله إن كان غير مميز ؛ لأن فعله حينئذ كفعل مسلطه فليراجع ا هـ سم عبارة ع ش قوله بلا تسليط أي فإن كان بتسليط منه ضمن مميزا كان الصبي أم لا على ما أفهمه كلامه ا هـ




                                                                                                                              الخدمات العلمية