الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وينعقد ) ظاهرا ( بمستوري العدالة ) وهما من لم يعرف لهما مفسق كما نص عليه واعتمده [ ص: 230 ] جمع وأطالوا فيه ، أو من عرف ظاهرهما بالعدالة ولم يزكيا ، وهو ما اختاره المصنف وقال إنه الحق ومن ثم بطل الستر بتجريح عدل ولم يلحق الفاسق الكتاب عند العقد بالمستور وتسن استتابة المستور عند العقد ( على الصحيح ) لجريانه بين أوساط الناس والعوام فلو كلفوا بمعرفة العدالة الباطنة ليحضر المتصف بها لطال الأمر وشق ومن ثم صحح المصنف في نكت التنبيه كابن الصلاح أنه لو كان العاقد الحاكم اعتبرت العدالة الباطنة قطعا لسهولة معرفتها عليه بمراجعة المزكين وصحح المتولي وغيره أنه لا فرق إذ ما طريقه المعاملة يستوي فيه الحاكم وغيره ومن ثم لو رأى مالا بيد متصرف فيه بلا منازع جاز له كغيره شراؤه منه اعتمادا على ظاهر اليد ، وإن سهل عليه طلب الحجة وبنى السبكي الخلاف على أن تصرف الحاكم حكم فيشترط ، أو لا فلا ثم اختار أنه لا يفعل حتى يثبت عنده ؛ لأن فعله ينبغي أن يصان عن النقص قيل فهو يوافق المصنف وابن الصلاح في الحكم ويخالفهما في القطع ا هـ والذي يتجه أخذا من قولهم لو طلب منه جماعة بأيديهم مال لا منازع لهم فيه قسمته بينهم لم يجبهم إلا إن أثبتوا عنده أنه ملكهم لئلا يحتجوا بعد بقسمته على أنه ملكهم أنه لا يتولى العقد إلا بحضرة من ثبتت عنده عدالتهما ، وأن ذلك ليس شرطا للصحة بل لجواز الإقدام فلو عقد بمستورين فبانا عدلين صح [ ص: 231 ] أو عقد غيره بهما فبانا فاسقين لم يصح كما يأتي ؛ لأن العبرة في العقود بما في نفس الأمر ، وأن لخلاف المتولي وجها ؛ لأن الأصح أن تصرف الحاكم ليس حكما إلا في قضية وقعت إليه ليطلب منه فصل الأمر فيها ومن ثم لو رفع إليه نكاح لم يحكم بصحته اتفاقا إلا بعد ثبوت عدالتهما عنده ولو اختصم زوجان أقرا عنده بنكاح بينهما بمستورين في نحو نفقة حكم بينهما ما لم يعلم فسق الشاهد ؛ لأن الحكم هنا في تابع بخلافه فيما قبله ( تنبيه )

                                                                                                                              ظاهر كلام الحناطي بل صريحه أنه لا يلزم الزوج البحث عن حال الولي والشهود وأوجبه بعض المتأخرين لامتناع الإقدام على العقد مع الشك في شرطه ويرد بأن ما علل به إنما هو في الشك في الزوجين فقط لما مر أنهما المقصودان بالذات فاحتيط لهما أكثر بخلاف غيرهما فجاز الإقدام على العقد حيث لم يظن وجود مفسد له في الولي ، أو الشاهد ثم إن بان مفسد بان فساد النكاح وإلا فلا ( لا ) بشاهد ( مستور الإسلام والحرية ) الواو بمعنى ، أو بان لم يعرف في أحدهما باطنا ، وإن كان بمحل كل أهله مسلمون أو أحرار لسهولة الوقوف على الباطن فيهما ، وكذا البلوغ ونحوه مما مر نعم إن بان مسلما ، أو حرا ، أو بالغا مثلا بان انعقاده كما لو بان الخنثى ذكرا ( تنبيه )

                                                                                                                              وقع لغير واحد تفسير مستورهما بغير ما ذكرته فأوردوا عليه ما اندفع بما ذكرته الأقرب إلى ظاهر المتن فتأمله

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : [ ص: 230 ] أو من عرف ظاهرهما بالعدالة ) كان معناه أنه شوهد منهما أسباب العدالة من ملازمة الواجبات والطاعات واجتناب المحرمات بخلاف المذكور عن النص فإنه صادق بمجهولين لم يعرف حالهما ولا شوهد منهما أسباب العدالة وبهذا يتضح الفرق بين النص ومختار المصنف وعبارة التنبيه ولا يصح النكاح إلا بحضرة شاهدين ذكرين عدلين حرين مسلمين فإن عقد بشهادة مجهولين جاز على المنصوص انتهى ( قوله : وهو ما اختاره المصنف ) يمكن حمل النص عليه ( قوله ومن ثم بطل الستر إلخ ) قضية هذا الصنيع أن ما ذكر لا يأتي على الأول وفيه ما فيه فليحرر ( قوله ولم يلحق الفاسق إذا تاب عند العقد بالمستور ) قال في شرح الروض فلا يصح به العقد ؛ لأن توبته حينئذ تصدر عن عادة لا عن عزم تحقق انتهى ( قوله : وصحح المتولي إلخ ) ، وهو المعتمد شرح م ر ( قوله ومن ثم لو رأى ) أي الحاكم ( قوله : وأن ذلك ليس شرطا للصحة ) قد يقال قضية المأخوذ منه أنه شرط لها [ ص: 231 ] قوله : ما لم يعلم فسق الشاهد ) خرج ما إذا علم فسقه فلا يحكم بينهما قال في شرح الروض وقضيته أنه لا يفرق بينهما قال الزركشي وغيره والظاهر خلافه سواء ترافعا إليه أم لا انتهى ( قوله : وأوجبه بعض المتأخرين ) جزم به في الكنز أنه يأثم بتركه ، وإن صح العقد ما لم يبن خلل ، وأن ذلك هو الأوجه الأفقه خلافا للحناطي ( قوله : حيث لم يظن إلخ ) كذا شرح م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : واعتمده - [ ص: 230 ] جمع إلخ ) معتمد ا هـ ع ش ( قوله ، أو من عرف إلخ ) اقتصر عليه المغني عبارته وهما المعروفان بها ظاهرا لا باطنا بأن عرفت بالمخالطة دون التزكية عند الحاكم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وهو ما اختاره المصنف ) يمكن حمل النص عليه ا هـ سم ( قوله ومن ثم بطل الستر إلخ ) أي قبل العقد لا بعده كما سيأتي قال الشهاب سم قضية هذا الصنيع أن ما ذكر لا يأتي على الأول وفيه ما فيه فليحرر انتهى ا هـ رشيدي وقال السيد عمر عقب ذكر كلام سم المذكور ما نصه قوله : وفيه ما إلخ فيه ما فيه فتأمل إن كنت من أهله ا هـ أقول يتضح ما أشار إليه السيد عمر بقول المغني ويبطل الستر بتفسيق عدل في الرواية فلو أخبر بفسق المستور عدل لم يصح به النكاح كما رجحه ابن المقري تبعا للإمام وقول صاحب الذخائر الأشبه الصحة فإن الجرح لا يثبت إلا بشاهدين ولم يوجدا مردود بأنه ليس الغرض إثبات الجرح بل زوال ظن العدالة ، وهو حاصل بخبر العدل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولم يلحق الفاسق إلخ ) عطف على قوله بطل إلخ ( قوله : ولم يلحق الفاسق إلخ ) أي فلا بد من مضي مدة الاستبراء ، وهي سنة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ويسن إلخ ) كلام مستأنف ( قوله استتابة المستور إلخ ) انظر ما فائدة هذه الاستتابة مع أن توبة الفاسق لا تلحقه بالمستور كما قدمه قبله ولعلهم يفرقون بين ظاهر الفسق وغير ظاهره ا هـ رشيدي وفيه أن الفرض أن الشاهد مستور فلا معنى لإلحاقه به بالتوبة ولو سلم فالإلحاق على النص كما يقتضيه صنيع الشارح والنهاية كاف في الفائدة ؛ لأن صاحب القول الراجح لا يقلع نظره عن المرجوح .

                                                                                                                              ( قوله : وصحح المتولي وغيره أنه لا فرق ) ، وهو المعتمد نهاية ثم قالت بدل قول الشارح والذي يتجه إلخ وقد يقال أخذا إلخ فتأمل ما فيهما من شبه التناقض وقد يدفع بأن ما ذكره ثانيا بطريق البحث ا هـ سيد عمر أقول واعتمده المغني أيضا ثم جمع بما نصه ولا يقبل أي الحاكم المستورين في إثبات النكاح ولإفساده بل يتوقف حتى يعلم باطنهما ويمكن حمل كلام ابن الصلاح والمصنف في نكته على هذا وكلام المتولي وإطلاق المتن على مجرد العقد من غير حكم فلم يتوارد على محل واحد وهذا أولى ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : إذ ما طريقه المعاملة ) أي المعاوضة كما هنا فإنه قد عوض فيه الصداق عن البضع وقال ع ش أي معاملته معاملة غيره كما هنا فإنه عومل فيه المستور معاملة من ثبتت عدالته ا هـ وفيه ما فيه ( قوله : لو رأى ) أي الحاكم ( قوله الخلاف ) أي بين نكت المصنف وابن الصلاح وبين المتولي ومن وافقه ( قوله فيشترط ) أي في عقد الحاكم عدل الشاهد ( قوله : أنه ) أي الحاكم لا يفعل أي لا يعقد النكاح حتى يثبت أي عدل الشاهد ( قوله فهو ) أي السبكي ( قوله : في الحكم ) أي اشتراط العدالة ( قوله : ويخالفهما في القطع ) لا يخفى ما فيه مع ما ذكره سابقا أعني قوله وصحح المصنف إلخ لا يقال هذا من قول الغير ؛ لأنا نقول تقريره يكفي في إثبات التدافع ويدفع بأن التصحيح السابق للقطع لا للحكم فلا تنافي ا هـ سيد عمر ( قوله والذي يتجه إلخ ) خلافا للنهاية والمغني كما مر .

                                                                                                                              ( قوله لو طلب منه ) أي من الحاكم ( قوله : أنه لا يتولى ) أي الحاكم خبر والذي يتجه إلخ ( قوله : وأن ذلك إلخ ) كقوله الآتي ، وأن الخلاف إلخ عطف على قوله أنه لا يتولى إلخ فمقتضاه أنهما مأخوذان مما مر أيضا وفيه ما فيه ( قوله : ليس شرطا للصحة ) قد يقال قضية المأخوذ منه أنه شرط لها سم وقد يقال لا يلزم من امتناع الإجابة عدم صحة القسمة فليتأمل ا هـ سيد عمر ( قوله : فلو عقد ) أي الحاكم ( قوله : فبانا عدلين ) مع قوله الآتي فبانا فاسقين قضيته أنهما لو استمرا على الستر لم يصح عقد - [ ص: 231 ] القاضي ويصح عقد غيره ا هـ سيد عمر وقد يجاب بأن المراد بقوله صح تبين صحته في الباطن ( قوله : أو عقد غيره إلخ ) لا يخفى ما في تفريعه على قوله ، وأن ذلك ليس إلخ ( قوله : كما يأتي ) أي في المتن ( قوله ولو اختصم ) إلى التنبيه في المغني .

                                                                                                                              ( قوله : ولو اختصم زوجان إلخ ) تقييد لما اختاره من الفرق بين الحاكم وغيره فكأنه يقول محل اعتبار العدالة الباطنة بالنسبة للحاكم في الحكم الواقع قصدا بخلاف الواقع تبعا ا هـ رشيدي أقول ويجوز أنه تقييد لقوله لو رفع إليه نكاح إلخ ( قوله : في نحو نفقة ) أي من حقوق الزوجية ( قوله : ما لم يعلم فسق الشاهد ) أي فإن علمه فرق بينهما ا هـ ع ش عبارة المغني والأسنى والظاهر كما قاله الزركشي وغيره أنه يفرق بينهما بناء على أن القاضي يقضي بعلمه سواء أترافعا إليه أم لا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : في تابع ) أي لصحة النكاح كما يثبت شوال يعد ثلاثين يوما تبعا لثبوت رمضان برؤية عدل ا هـ مغني ( قوله : فيما قبله ) أي فيما لو رفع إليه نكاح إلخ ( قوله وأوجبه بعض المتأخرين ) جزم به في الكنز وقال إنه يأثم بتركه ، وإن صح العقد ما لم يبن خلل ، أو أن ذلك هو الأوجه خلافا للحناطي ا هـ سم ( قوله : حيث لم يظن ) عبارة النهاية حيث ظن وجود شروطه ا هـ وكذا في نسخة سم من الشرح ولذا استشكله بما نصه قوله : حيث ظن وجود شروطه قد يقال قد اكتفى في الزوجين بالظن أيضا حيث قال فيما تقدم لا بد في الزوج من علمه أي ظنه حل المرأة فليتأمل ا هـ أي فلم يتم الفرق بين الزوجين وغيرهما ولا الرد على البعض .

                                                                                                                              ( قوله : الواو ) إلى التنبيه في النهاية وكذا في المغني إلا قوله الواو بمعنى ، أو




                                                                                                                              الخدمات العلمية