الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فرع ) خطب امرأة ثم أرسل أو دفع بلا لفظ إليها مالا قبل [ ص: 422 ] العقد أي ولم يقصد التبرع ثم وقع الإعراض منها أو منه رجع بما وصلها منه كما أفاده كلام البغوي واعتمده الأذرعي ونقله الزركشي وغيره عن الرافعي أي اقتضاء يقرب من الصريح وعبارة قواعده خطب امرأة فأجابته فحمل إليهم هدية ثم لم ينكحها رجع بما ساقه إليها لأنه ساقه بناء على إنكاحه ولم يحصل ذكره الرافعي في الصداق وعجيب ممن ينقل ذلك عن فتاوى ابن رزين أي وقد بان أن لا عجب لأن ابن رزين ذكره صريحا والرافعي اقتضاء كما تقرر ثم قال ولا فرق بين كون المهدى من جنس الصداق أو من غير جنسه انتهت ملخصة ويوافقه قول الروضة لو دفع لزوجته مالا وزعم أنه صداق فقالت بل هدية فإن اختلفا في كيفية لفظه أو قصده صدق بيمينه ا هـ وذلك لأن في كل من الصورتين قرينة ظاهرة على صدقه أما الأولى فلأن قرينة سبق الخطبة تغلب على الظن أنه إنما بعث أو دفع إليها لتتم تلك الخطبة ولم تتم وبهذا يفرق بين هذه وقول الروضة أيضا لو بعث لغير دائنه شيئا وزعم أنه بعوض وقال المدفوع إليه بل صدقة صدق المدفوع إليه ا هـ أي لأنه لا قرينة هنا تصدق الدافع بل المدفوع إليه لأن الغالب في الدفع والإرسال لغير الدائن من غير ذكر عوض أنه تبرع وأما الثانية فقرينة وجود الدين مع غلبة قصد براءة الذمة تؤكد صدق الدافع ولا ينافي ذلك قول الروضة لو اختلف المضطر والمالك فقال أطمعتك بعوض فقال بل مجانا صدق المالك ا هـ وذلك حملا للناس على هذه المكرمة العظيمة ولأن الضرورات يغتفر فيها ما لا يغتفر في غيرها هذا ما يتجه في الجمع بين هذه المسائل فتأمله ولا تغتر بمن أشار للجمع بالفرق بين الدفع والإرسال لأنه لا وجه له كما هو واضح ولو دفع بخطوبته وقال جعلته من الصداق الذي سيجب بالعقد أو من الكسوة التي ستجب بالعقد والتمكن وقالت بل هدية فالذي يتجه تصديقها إذ لا قرينة هنا على صدقه في قصده ولو طلق في مسألتنا بعد العقد لم يرجع بشيء كما رجحه الأذرعي خلافا للبغوي لأنه إنما أعطى لأجل العقد وقد وجد

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 422 ] قوله لأن في كل من الصورتين ) أي صورة المخطوبة وصورة الزوجة



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله خطب امرأة إلخ ) قال صاحب التهذيب في الفتاوى ولو خطب رجل لابنه وتوافقا على العقد وقبل أن يعقد أهدى إليه شيئا ثم مات أي الأب فيكون المبعوث مشتركا بين ورثة المهدي لأنه إنما أهدى لأجل العقد ولم يعقد في حياته انتهى أنوار ا هـ سيد عمر ( قوله أرسل أو دفع إلخ ) هل المخطوبة مثل الخاطب هنا وفي مسألة الطلاق الآتية أم لا وقضية تعليل الرجوع الآتي أنها مثله هنا وأما كونها مثله فيما يأتي ففيه توقف فليراجع إذ قد يفرق بأن الشارع لما جعل الأمر والعصمة بعد العقد بيده فيقصد بالإعطاء العقد دون المعاشرة فإنها بعده بيده بخلافهما فتقصد المعاشرة مع العقد لأن المعاشرة المقصودة بالعقد بيده ( قوله إليها ) [ ص: 422 ] أو إلى أهلها ( قوله ثم وقع الإعراض ) الظاهر مما مر آنفا وما يأتي كالإعراض فيرجع الوارث ( قوله ثم لم ينكحها ) شامل لما لم ينكحها الإعراض منهما أو من أحدهما أو موت لهما أو لأحدهما فيرجع الوارث كذا في بعض الهوامش المعتبرة وهو ظاهر ( قوله أي وقد بان ) إلى قوله ثم قال من كلام الشارح ردا لقول الزركشي وعجيب إلخ وللإشارة إلى هذا زاد لفظة أي وإلا فلا موقع لها هنا .

                                                                                                                              ( قوله ثم قال ) أي الزركشي في قواعده ( قوله انتهت ) أي عبارة الزركشي ( قوله ويوافقه إلخ ) أي ما مر عن البغوي ( قوله لو دفع لزوجته إلخ ) وتسمع دعوى دفع صداق لولي محجورة لا إلى ولي رشيدة ولو بكرا إلا إذا ادعى إذنها نطقا نهاية ومغني ( قوله صدق بيمينه ) كذا في النهاية والمغني وزاد الأول وإن لم يكن المدفوع من جنس الصداق ا هـ عبارة سيد عمر سواء كان من جنس الصداق أو غيره فإذا حلف فإن كان من جنس الصداق وقع عنه وإلا فإن رضيا ببيعه بالصداق فذاك وإلا استرده وأدى الصداق فإن كان تالفا فله البدل وقد يتقاصان ولو لم يكن من جنس الصداق فادعى المصالحة عليه صدقت بيمينها ا هـ أنوار ا هـ سيد عمر ( قوله من الصورتين ) أي صورة المخطوبة وصورة الزوجة ا هـ سم ( قوله صدق المدفوع إليه ) كذا في النهاية والمغني ( قوله وأما الثانية ) عطف على وأما الأولى والمراد بالدين هنا الصداق ا هـ كردي ( قوله ولا ينافي ذلك ) أي قول الروضة لو بعث إلخ ( قوله وذلك ) أي عدم المنافاة ( قوله وقال جعلته إلخ ) أي ثم اختلفا بعد الدفع وقال إلخ ا هـ كردي ( قوله ولو طلق ) أي مثلا في مسألتنا أي مسألة المخطوبة بعد العقد أي ولو قبل الوطء ( قوله لم يرجع إلخ ) ولا يخفى الورع ( قوله لأنه أنما أعطى إلخ ) ( فروع )

                                                                                                                              ولو اختلفا في عين المنكوحة صدق كل منهما فيما نفاه بيمينه أي ولا نكاح ولو قال لامرأتين تزوجتكما بألف فقالت إحداهما بل أنا فقط بألف تحالفا وأما الأخرى فالقول قولها في نفي النكاح ولو أصدقها جارية ثم وطئها عالما بالحال قبل الدخول لم يحد لشبهة اختلاف العلماء في أنها هل تملك قبل الدخول جميع الصداق أو نصفه فقط أو بعده حد ولا يقبل دعوى جهل مالك الجارية بالدخول إلا من قريب عهد بالإسلام أو ممن نشأ ببادية بعيدة من العلماء مغني ونهاية .




                                                                                                                              الخدمات العلمية