الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فإن كانت مستولدة للابن لم تصر مستولدة للأب ) لأنها لا تقبل النقل ( وإلا ) تكن مستولدة له ( فالأظهر أنها تصير ) مستولدة للأب الحر ولو معسرا لقوة الشبهة هنا وبه فارق أمة أجنبي وطئت بشبهة ولو ملك الولد بعضها ، والباقي حر نفذ استيلاد الأب في نصيب ولده ، أو قن نفذ فيه مطلقا .

                                                                                                                              وكذا في نصيب الشريك إن أيسر وولده حر كله فعليه قيمته لهما أما القن كله أو بعضه فلا تصير مستولدة له لتعذر ملك غير المكاتب والمبعض ولأنهما لا يثبت إيلادهما لأمتهما فأمة فرعهما أولى واستثنى من ذلك شارح ما لو استعار أمة ابنه للرهن فرهنها ثم استولدها قال فلا تصير كما أفتى ابنه به القفال لأدائه إلى بطلان عقد عقده بخلاف ما لو رهن أمة [ ص: 366 ] فاستولدها أبوه فإنها تصير لأنه لا يؤدي لذلك ا هـ ويرده ما مر أن الراهن لو أحبل أمته المرهونة وهو موسر صارت أم ولد له وبطل الرهن مع أدائه إلى بطلان عقد عقده بنفسه ثم رأيت أن القفال قائل بأن إيلاد الراهن لا ينفذ مطلقا لأدائه لما ذكر بخلاف أبيه في المسألة الثانية وهو صريح فيما ذكرته أن ما صححوه في الراهن يرد تفرقة القفال وتوجيهه المذكورين فالوجه عدم النفوذ فيهما لا لما ذكره القفال بل لأنه يلزم عليه تقدير انتقال الملك في المرهون لغير المرتهن بنحو بيع أو هبة ولو ضمنيا فإنه ممنوع كما ذكروه في الرهن فإن قلت التقدير في الأولى ليس لأجنبي لأنه للراهن قلت بل هو أجنبي بالنظر إلى عدم ملكه للرهن فلم يكن كالمالك المستولد لأنه لا تقدير فيه ثم رأيت القاضي وافق القفال في الأولى على الجزم بأنها لا تصير والبلقيني وجهه بما يئول لما مر عن القفال مع رده ( وأن عليه قيمتها ) يوم الإحبال ما لم يستول عليها قبل الوطء وإلا فأقصى القيم من الاستيلاء إلى الإحبال ( مع مهر ) بشرطه السابق كما يلزم أحد شريكين استولد المشتركة نصف كل منهما ووجبا لاختلاف سببيهما فالمهر للإيلاج والقيمة للاستيلاد وقد يلزمه مهر إن كان زوج أمته لأخيه فوطئها الأب فعليه مهر للزوج لأنه حرمها عليه أبدا بوطئه ومهر للمالك لاستيفائه منفعة بضعه المملوك له فالجهة مختلفة ( لا قيمة ولد ) فلا يلزمه وإن انفصل حيا أو ميتا بجناية مضمونة ( في الأصح ) لانتقال ملكه لها قبيل العلوق حتى يسقط ماؤه في ملكه صيانة لحرمته ومن ثم لو استولد مستولدة ابنه لزمه قيمة الولد لأنه لا يتصور ملكه لأمه ولا قيمة عليه لها حتى تندرج قيمته فيها .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : في المتن لم تصر مستولدة للأب ) لأنها لا تقبل النقل فلو كان الأصل مسلما والفرع ذميا ومستولدته ذمية فهل يثبت الاستيلاد للأصل لأنها قابلة للنقل كما لو نقضت العهد وسبيت أو لا لأنها الآن على حالة تقتضي منع النقل ؟ تردد والأوجه القطع بالثاني شرح م ر ( قوله في المتن فالأظهر أنها تصير ) ظاهره وإن كانت موطوءة للابن مع أنها حينئذ محرمة على الأب فتصير مستولدة له ويمتنع عليه وطؤها بعد ذلك وإن صارت في ملكه م ر . ( فرع ) :

                                                                                                                              أولد مكاتبة ولده فهل ينفذ استيلاده ؟ وجهان ، أو أمة ولده المزوجة ؟ نفذ كإيلاد السيد وحرمت على الزوج مدة الحمل روض ( قوله : ولو معسرا ) قال في شرح الإرشاد الصغير وكافرا وهي والابن مسلمان .

                                                                                                                              ( قوله : نفذ فيه ) أي في نصيب الولد وقوله : إن أيسر أي الأب ( قوله : بخلاف ما لو رهن أمة فاستولدها أبوه إلخ ) في كتاب أمهات الأولاد من تصحيح البلقيني ولو رهن جارية ثم مات عن أب ثم استولدها الأب قال القفال لا تصير أم ولد وإن لم يثبت الحق بنفسه إلا - [ ص: 366 ] أنه خليفة مورث فنزل منزلته انتهى فعلم الفرق عند القفال بين استيلاد الأب في حال حياة الابن واستيلاده بعد موته في جاريته المرهونة .

                                                                                                                              ( قوله : فاستولدها أبوه ) هل المراد الموسر ولا يكفي يسار ولده ( قوله : بل لأنه يلزم عليه تقدير إلخ ) قد يقال : لا أثر لذلك لأن ملك ولده بمنزلة ملكه ( قوله : والبلقيني وجهه بما يئول لما مر عن القفال مع رده ) في تصحيح البلقيني في كتاب أمهات الأولاد ما نصه ولو كان الراهن في أصل المسألة أصلا للمرتهن فهل نقول : ينفذ استيلاده في أمة فرعه أم نقول لا ينفذ استيلاده إذا كان معسرا لأنه أثبت بالرهن حقا لفرعه باختياره فلا يملك إبطاله ؟ نزع القفال إلى الثاني حكاه عنه القاضي الحسين في فتاويه والأرجح عندنا الأول م ر لأنه إذا أحبل أمة الفرع ثبت استيلاده فلأن يثبت استيلاد الأصل في جارية نفسه أولى لأن إبطال الملك أقوى من إبطال مجرد علقة الرهن ( قوله : وأن عليه قيمتها يوم الإحبال ) قال في شرح الروض ولو تكرر وطؤه لها مدة واختلفت قيمتها فيها ولا يعلم متى علقت بالولد قال القفال اعتبرت قيمتها في آخر زمن يمكن علوقها به فيه وذلك ستة أشهر قبل ولادتها لأن العلوق من ذلك يقين وما قبله مشكوك فيه قال ولا يؤخذ في ذلك بقول القوابل بخلاف نفقة الحامل المبتوتة لأنها كانت واجبة انتهى ( قوله : نصف كل منهما ) أي من القيمة والمهر ( قوله : لانتقال ملكه لها إلخ ) ومتى حكمنا بالانتقال وجب الاستبراء صرح به البغوي في فتاويه شرح م ر ( قوله : ولا قيمة عليه لها ) أي لأنها لم تنقل إليه



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن : فإن كانت ) أي أمة الابن مستولدة إلخ وإن كانت مكاتبة للابن فأوجه الوجهين أنه ينفذ استيلاد الأب لأن الكتابة تقبل الفسخ ا هـ مغني ( قول المتن لم تصر مستولدة للأب ) أي ولو كان الأب مسلما والفرع ذميا ومستولدته ذمية ا هـ نهاية سم ( قوله : للأب الحر ) أي كله ولا فرق بين أن تكون موطوءة للابن أو مدبرة أو معلقا عتقها بصفة أو موصى بمنفعتها ولا بين أن يكون الولد محجورا عليه بسفه أو صغر أو جنون أو موافقا للأب في دينه أو لا وإذا أولد أمة ولده المزوجة نفذ إيلاده كإيلاد السيد لها وحرمت على الزوج مدة الحمل ا هـ مغني عبارة سم قول المتن فالأظهر أنها تصير ظاهره وإن كانت موطوءة للابن مع أنها حينئذ محرمة على الأب فتصير مستولدة له ويمتنع عليه وطؤها بعد ذلك وإن صارت في ملكه م ر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وبه ) أي بكون الشبهة هنا قوية وقوله : فارق أي ما هنا أي أمة الولد الموطوءة للأب ( قوله : أمة أجنبي وطئت بشبهة ) أي فإنها لا تصير مستولدة للواطئ ولو موسرا و غير مستولدة لمالكها ا هـ ع ش ( قوله : أو قن ) عطف على قوله حر ( قوله : نفذ فيه ) أي في نصيب ولده وقوله مطلقا أي موسرا أو معسرا ا هـ ع ش ( قوله : إن أيسر ) أي الأب فإن كان معسرا لم ينفذ في نصيب الشريك ويرق من الولد نصيب الشريك وينفذ الإيلاد في نصيب الابن ذكر ذلك في الروض وغيره انتهى سم على منهج ا هـ ع ش ( قوله : وولده ) أي ولد الأب الموسر من الأمة المشتركة .

                                                                                                                              ( قوله : فعليه ) أي الأب قيمته أي الولد لهما أي الابن وشريكه هذا ظاهره ولكنه مشكل مخالف لما يأتي في المتن إلا أن يرجع ضمير قيمته للأمة المشتركة بتأويل القن ثم رأيت في شرح الروض ما نصه فرع لو استولد موسر جارية فرعه المشتركة يعني جارية مشتركة بين فرعه وأجنبي نفذ الاستيلاد في الكل وولدها منه حر وعليه المهر والقيمة للفرع وشريكه أو استولدها معسرا لم ينفذ الإيلاد في نصيب الشريك بل يرق بعض الولد وهو نصيب الشريك تبعا لأمه ا هـ ونحوها في فتح الجواد وهي ظاهرة ( قوله : أما القن - [ ص: 366 ] إلخ ) محترز الحر من قوله للأب ( قوله : فاستولدها أبوه ) هل المراد الموسر ولا يكفي يسار ولده ا هـ سم أقول الظاهر أنه يكفي يسار ولده فليراجع ( قوله : ويرده ما مر إلخ ) أي فتصير مستولدة للأب ا هـ ع ش ( قوله : مطلقا ) أي سواء كان الراهن مالكا أو مستعيرا ( قوله : في المسألة الثانية ) أي فيما لو استولد الأب مرهونة الولد ( قوله : وهو صريح فيما ذكرته إلخ ) فيه قلب وحق العبارة وما ذكرته مما صححوه في الراهن صريح في رد تفرقة القفال إلخ ( قوله : تفرقة القفال ) أي بين استيلاد الراهن وبين استيلاد أبيه في المسألة الثانية ( قوله : فالوجه عدم النفوذ فيهما ) أي في مسألتي استيلاد الأب وظاهر صنيع النهاية اعتماد النفوذ فيهما كما مر .

                                                                                                                              ( قوله : لأنه يلزم عليه إلخ ) قد يقال لا أثر لذلك لأن ملك ولده بمنزلة ملكه ا هـ سم ( قوله : في الأولى ) أي في مسألة الاستعارة ( قوله : لأنه للراهن ) أي المستعير لأمة ولده ( قوله : قلت هو أجنبي إلخ ) تقدم آنفا عن سم منعه ( قوله : مع رده ) معلق بالصلة والضمير للموصول ( قوله : يوم الإحبال ) إلى الفصل في النهاية إلا قوله وقد يلزمه إلى المتن وقوله : على ما اقتضاه إلى لأن قوة وقوله : أو مكاتبا إلى فلا ينفسخ ( قوله : يوم الإحبال ) سواء أنزل قبل تغيب الحشفة أم بعده ا هـ مغني عبارة النهاية والأسنى سواء أنزل قبل ذلك أم بعده أم معه والقول في قدرها أي القيمة قول الأب لأنه غارم ولو تكرر وطؤه لها مدة واختلفت قيمتها فيها ولم يعلم متى علقت بالولد اعتبرت قيمتها في آخر زمن يمكن علوقها به فيه قاله القفال وذلك ستة أشهر قبل ولادتها ولا يؤخذ في ذلك بقول القوابل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بشرطه السابق ) أي في قوله ومحله إن لم يحبلها إلخ ا هـ ع ش ( قوله : نصف كل منهما ) أي من القيمة والمهر ا هـ سم وزاد ع ش وتصير مستولدة للواطئ إن أيسر فإن كان معسرا لا ينفذ الاستيلاد في حصة الشريك وقياس ما قدمنا عن سم عن الروض أن يكون الولد مبعضا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ووجبا ) أي قيمتها ومهرها ( قوله : وقد يلزمه ) إلى المتن في المغني ( قوله : وقد يلزمه ) أي الأب .

                                                                                                                              ( قوله : لأخيه ) أي لأبوين أو لأب ( قوله : وإن انفصل حيا أو ميتا إلخ ) عبارة المغني إن انفصل حيا وأما إذا انفصل ميتا فلا يجب قيمته جزما نعم إن انفصل بجناية فينبغي كما قال الزركشي أن يجيء فيه ما سبق في المغرور ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لانتقال ملكه إلخ ) ومتى حكمنا بالانتقال وجب الاستبراء صرح به البغوي في فتاويه ا هـ نهاية قال ع ش قوله : وجب الاستبراء إلخ أي لحق الله تعالى ( قوله : ملكه لها ) فيه قلب والأصل " ملكها له " عبارة المغني : الملك فيها له ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولا قيمة عليه لها ) أي لأنها لم تنتقل إليه ا هـ سم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية