الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        تحته كبيرتان وصغيرة ، فأرضعتاها دفعة بأن أوجرتاها لبنهما المحلوب المخلوط ، انفسخ نكاح الثلاث ، وحرمت الكبيرتان مؤبدا ، وكذا الصغيرة إن دخل بكبيرة وإلا فلا تحرم مؤبدا ، وعلى الزوج للصغيرة نصف المسمى ، ويرجع على الكبيرتين بالغرم . وأما الكبيرتان ، [ ص: 30 ] فإن كان دخل بهما ، فعليه لكل واحدة منهما جميع المسمى ، ويرجع على كل واحدة منهما بنصف مهر مثل صاحبتها تفريعا على الأظهر ، وهو إثبات الرجوع في غرم مهر الكبيرة الممسوسة ، وذلك لأن انفساخ نكاح كل واحدة حصل بفعلها وفعل صاحبتها ، فسقط النصف لفعلها ، ووجب النصف على صاحبتها . وإن لم يدخل بواحدة منهما ، فلكل واحدة منهما ربع المسمى ، لأن الانفساخ حصل بفعلهما ، فسقط بفعل كل واحدة نصف الشطر الواجب قبل الدخول ، ووجب النصف الآخر ، ويرجع الزوج على كل واحدة منهما بربع مهر مثل الأخرى تفريعا على الأظهر ، وهو أن التغريم في حق غير الممسوسة يكون بنصف مهر المثل . وإن كانت إحداهما مدخولا بها دون الأخرى ، فللمدخول بها تمام المسمى وللأخرى ربع مسماها ، ويرجع الزوج على التي لم يدخل بها بنصف مهر مثل المدخول بها وعلى المدخول بها بربع مهر مثل التي لم يدخل بها . ولو كانت المسألة بحالها لكن أوجرتها اللبن المخلوط في المرة الخامسة إحدى الكبيرتين وحدها فحكم التحريم كما سبق ، ويرجع الزوج بمهر الصغيرة على المرضعة في الخامسة وحدها ، وفيما يرجع به الأقوال . وأما الكبيرتان فالتي لم توجر ، إن كانت مدخولا بها ، فلها على الزوج تمام المسمى ، ويرجع الزوج بمهر مثلها على الموجرة على الأظهر ، وإن لم يكن مدخولا بها ، فلها على الزوج نصف المسمى ، ويرجع بالغرم على الموجرة كما في الصغيرة ، وأما الموجرة ، فإن كانت مدخولا بها ، فلها جميع المهر ، وإلا فلا شيء لها ، لأنها سبب الفرقة ، هذا كله إذا كان من غير الزوج ، فإن كان لبنه - والتصوير كما سبق - صارت الصغيرة بنته ، وحرمت مؤبدا ، ولو تم التحريم في حق الزوج دون الكبيرتين بأن أرضعت هذه بعض الخمس وهذه بعضها ، حصل التحريم في حقه على الأصح كما سبق وحرمت الصغيرة مؤبدا ، لأنها [ ص: 31 ] بنته ، ولا ينفسخ نكاح الكبيرتين ، لأنه لم تصر واحدة منهن أما ، ثم إن حصلت الرضعات متفرقات بأن أرضعت هذه ثلاثا ، وتلك مرتين ، فالغرم على التي أرضعت الخامسة كذا ذكره الشيخ أبو علي ، وقد سبق ما يقتضي خلافا فيه . وإن اشتركتا في الخامسة بأن أرضعت كل واحدة رضعتين ، ثم أوجرتاها لبنهما المخلوط دفعة ، فالغرم عليهما بالسوية . ولو حلبت إحداهما لبنها ثلاث دفعات في ثلاثة أوعية ، والأخرى دفعتين في إنائين ، ثم جمع الجميع ، وأوجرته الصغيرة ، فإن أوجرتها إحداهما ، فالغرم عليها ، وإن أوجرتاها ، فهل تغرمان بالسوية ، أم أخماسا ؟ وجهان ، أصحهما بالسوية . ولو حلبت إحداهما أربعا في أربعة أوعية ، والأخرى ثلاثا في ثلاثة ، ثم خلط ، وأوجرتاها معا ، فتغرمان بالسوية أم أسباعا ؟ فيه الوجهان .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية