الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        إنما يقوم لمعرفة الحكومة بعد اندمال الجراحة ، ونقصان القيمة حينئذ قد يكون لضعف ونقص في المنفعة ، وقد يكون لنقص الجمال باعوجاج ، أو أثر قبيح ، أو شين من سواد وغيره ، فلو اندملت الجراحة ولم يبق نقص في منفعة ولا في جمال ولم تنقص القيمة ، فوجهان :

                                                                                                                                                                        أحدهما وينسب إلى ابن سريج : لا شيء عليه سوى التعزير ، كما لو لطمه ، أو ضربه بمثقل ؛ فزال الألم ، ولم ينقص منفعة ولا جمال .

                                                                                                                                                                        وأصحهما عند الأكثرين ، وبه قال أبو إسحاق ، وهو ظاهر النص : أنه لا بد من وجوب شيء ؛ فعلى هذا وجهان ، أحدهما : يقدر الحاكم شيئا باجتهاده بأن ينظر إلى خفة الجناية وفحشها في المنظر سعة أو غوصا وقدر الآلام المتولدة ، وأصحهما : أنه ينظر إلى ما قبل الاندمال من الأحوال التي تؤثر في نقص القيمة ويعتبر أقربها إلى الاندمال ، فإن لم يظهر نقص إلا في حال سيلان الدم ، ترقبنا واعتبرنا القيمة والجراحة السائلة .

                                                                                                                                                                        فإن فرضت الجراحة خفيفة لا تؤثر في تلك الحالة أيضا ، ففي " الوسيط " أنا نلحقها باللطم والضرب للضرورة ، وفي " التتمة " أن الحاكم يوجب شيئا بالاجتهاد ، ولو قطع أصبعا أو سنا زائدة أو أتلف لحية امرأة ، وأفسد منبتها ، ولم تنقص القيمة بذلك ، وربما زادت [ ص: 310 ] لزوال الشين ، فهل يجب شيء ؟ فيه الوجهان في أصل المسألة ؛ فإن أوجبنا ، فهو الأصح ، فقيل : يجتهد الحاكم فيه ، والأصح : أنه يعتبر في قطع الأصبع الزائدة أقرب أحوال النقص من الاندمال كما سبق ، وفي السن يقوم وله سن زائدة نابتة فوق الأسنان ولا أصلية خلفها ، ثم يقوم مقلوع تلك الزائدة ، ويظهر التفاوت ، لأن الزائدة تسد الفرجة ويحصل بها نوع جمال .

                                                                                                                                                                        وفي لحية المرأة تقدر كونها لحية عبد كبير يتزين باللحية ، ولو قطع أنملة لها شعبتان ، أصلية وزائدة ؛ قدر الحاكم للزائدة شيئا بالاجتهاد . ولو ضربه بسوط أو غيره أو لطمه ولم يظهر أثر ، لم يتعلق به ضمان ؛ فإن اسود أو اخضر وبقي الأثر بعد الاندمال ، وجبت الحكومة ؛ فإن زال الأثر بعد أخذ الحكومة ، وجب ردها .

                                                                                                                                                                        وضبطت هذه الصور بأن قيل : إذا بقي أثر الجناية من ضعف أو شين ، وجبت الحكومة ؛ وإن لم يبق أثر . والجناية ضرب ونحوه ؛ فلا شيء وإن كانت جرحا ، فوجهان .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        كسر عظما في غير الرأس والوجه ، وعاد بعد الكسر مستقيما ، فإن بقي فيه ضعف وخلل وهو الغالب ، وجبت الحكومة ، وإلا فعلى الوجهين . وإذا كان مع الضعف اعوجاج ، كانت الحكومة أكثر ، وليس للجاني كسره ثانيا ليجبر مستقيما ، ولو فعل ، لم تسقط الحكومة الأولى ، وتجب للكسر الثاني حكومة أخرى ، لأنها جناية جديدة .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إزالة الشعور من الرأس وغيره ، بحلق أو غيره ، من غير إفساد المنبت ، لا يجب بها حكومة أصلا بلا خلاف ، لأن الشعر يعود .

                                                                                                                                                                        [ ص: 311 ]

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية