ذكر يوسف بن عبد الرحمن الفهري بالأندلس ولاية
وفي هذه السنة توفي ثوابة بن سلامة أمير الأندلس ، وكانت ولايته سنتين [ ص: 373 ] وشهورا ، فلما توفي اختلف الناس ، فالمضرية أرادت أن يكون الأمير منهم ، واليمانية أرادت كذلك أن يكون الأمير منهم ، فبقوا بغير أمير ، فخاف الصميل الفتنة فأشار بأن يكون الوالي من قريش ، فرضوا كلهم بذلك ، فاختار لهم يوسف بن عبد الرحمن الفهري ، وكان يومئذ بإلبيرة ، فكتبوا إليه بما اجتمع عليه الناس من تأميره ، فامتنع . فقالوا له : إن لم تفعل وقعت الفتنة ، ويكون إثم ذلك عليك . فأجاب حينئذ وسار إلى قرطبة فدخلها وأطاعه الناس .
فلما انتهى إلى أبي الخطار موت ثوابة وولاية يوسف قال : إنما أراد الصميل أن يصير الأمر إلى مضر ، وسعى في الناس حتى ثارت الفتنة بين اليمن ومضر .
فلما رأى يوسف ذلك فارق قصر الإمارة بقرطبة وعاد إلى منزله ، وسار أبو الخطار إلى شقندة ، فاجتمعت إليه اليمانية ، واجتمعت المضرية وتزاحفوا واقتتلوا أياما كثيرة ( قتالا لم يكن بالأندلس أعظم منه ، ثم أجلت الحرب عن هزيمة اليمانية ) ، ومضى أبو الخطار منهزما فاستتر في رحى كانت للصميل ، فدل عليه ، فأخذه الصميل وقتله ، ورجع يوسف بن عبد الرحمن إلى القصر ، وازداد الصميل شرفا ، وكان اسم الإمارة ليوسف والحكم إلى الصميل .
ثم خرج على يوسف بن عبد الرحمن بن علقمة اللخمي بمدينة أربونة ، فلم يلبث إلا قليلا حتى قتل وحمل رأسه إلى يوسف .
وخرج عليه عذرة المعروف بالذمي ، فإنما قيل له ذلك لأنه استعان بأهل الذمة ، فوجه إليه يوسف عامر بن عمرو ، وهو الذي تنسب إليه مقبرة عامر من ( أبواب قرطبة ) ، فلم يظفر به وعاد مفلولا ، فسار إليه يوسف بن عبد الرحمن فقاتله فقتله واستباح عسكره .
وقد وردت هذه الحادثة من جهة أخرى وفيها بعض الخلاف ، وسنذكرها سنة تسع وثلاثين ومائة عند دخول عبد الرحمن الأموي الأندلس .