الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر مسير قحطبة إلى نيسابور

لما قتل شيبان الخارجي وابنا الكرماني ، على ما تقدم ، وهرب نصر بن سيار من مرو ، وغلب أبو مسلم على خراسان ، بعث العمال على البلاد ، فاستعمل سباع بن النعمان الأزدي على سمرقند ، وأبا داود خالد بن إبراهيم على طخارستان ، ومحمد بن الأشعث على الطبسين ، وجعل مالك بن الهيثم على شرطه ، ووجه قحطبة إلى طوس ومعه عدة من القواد ، منهم : أبو عون عبد الملك بن يزيد ، وخالد بن برمك ، وعثمان بن [ ص: 382 ] نهيك ، وخازم بن خزيمة ، وغيرهم ، فلقي قحطبة من بطوس فهزمهم ، وكان من مات منهم في الزحام أكثر ممن قتل ، فبلغ عدة القتلى بضعة عشر ألفا .

ووجه أبو مسلم القاسم بن مجاشع إلى نيسابور على طريق المحجة ، وكتب إلى قحطبة يأمره بقتال تميم بن نصر بن سيار والنابئ بن سويد ومن لجأ إليهما من أهل خراسان ، وكان أصحاب شيبان بن سلمة الخارجي قد لحقوا بنصر ، ووجه أبو مسلم علي بن معقل في عشرة آلاف رجل إلى تميم بن نصر ، وأمره أن يكون مع قحطبة ، وسار قحطبة إلى السوذقان ، وهو معسكر تميم بن نصر والنابئ ، وقد عبأ أصحابه وزحف إليهم ، فدعاهم إلى كتاب الله - عز وجل - وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وإلى الرضاء من آل محمد ، فلم يجيبوه ، فقاتلهم قتالا شديدا ، فقتل تميم بن نصر في المعركة ، وقتل من أصحابه مقتلة عظيمة واستبيح عسكرهم ، وكان عدة من معه ثلاثين ألفا ، وهرب النابئ بن سويد فتحصن بالمدينة ، فحصره قحطبة ونقبوا سورها ودخلوا المدينة ، فقتلوا النابئ ومن كان معه ، وبلغ الخبر نصر بن سيار بنيسابور بقتل ابنه .

ولما استولى قحطبة على عسكرهم سير إلى خالد بن برمك ما قبض فيه ، وسار هو إلى نيسابور ، وبلغ ذلك نصر بن سيار فهرب منها فيمن معه فنزل قومس ، وتفرق عنه أصحابه ، فسار إلى نباتة بن حنظلة بجرجان ، وقدم قحطبة نيسابور بجنوده فأقام بها رمضان وشوالا .

التالي السابق


الخدمات العلمية