الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) كره ( سلخ أو قطع ) لعضو مثلا من الذبيح ( قبل الموت ) ( كقول مضح ) حال ذبح أضحيته ( اللهم منك ) هذا أي من فضلك ، وإحسانك ( وإليك ) التقرب به بلا رياء ، ولا سمعة فيكره إن قاله استنانا لا إن قصد الدعاء والشكر فيؤجر قائله إن شاء الله تعالى كما قاله ابن رشد ( وتعمد ) ( إبانة رأس ) للذبيحة أي ، وأبانها بالفعل فيكره وتؤكل [ ص: 109 ] لا إن لم يتعمد أو لم يبنها بالفعل ، وأشار لمقابل الراجح بقوله ( وتأولت أيضا على عدم الأكل إن قصده ) أي إبانة الرأس بمعنى انفصالها ( أولا ) أي قبل قطع الحلقوم والودجين أي ، وأبانها بالفعل ( ودون نصف ) من صيد كيد أو رجل أو جناح ( أبين ) أي أبانه الجارح أو السهم ، ولو حكما بأن تعلق بيسير جلد أو لحم ( ميتة ) لا يؤكل ، ويؤكل ما سواه ، وهذا إن لم يحصل بذلك الدون إنفاذ مقتل ، وإلا أكل كالباقي ، وصار كالرأس المشار إليه بقوله ( إلا الرأس ) فليس بميتة .

التالي السابق


( قوله : وكره سلخ أو قطع ) أي ، وكذا حرق بالنار ( قوله : قبل الموت ) أي قبل خروج الروح لما في ذلك من التعذيب ، وقد ورد في الخبر النهي عن ذلك ، وأن تترك حتى تبرد إلا السمك فيجوز تقطيعه ، وكذلك إلقاؤه في النار قبل موته عند ابن القاسم ; لأنه لما كان لا يحتاج لذكاة صار ما وقع فيه من الإبقاء وما معه بمنزلة ما وقع في غيره بعد تمام ذكاته ( قوله : أي من فضلك ، وإحسانك ) أي لا من حولي ، وقوتي ، وقوله ، وإليك التقرب به أي لا إلى من سواك ( قوله : لا إن قصد الدعاء والشكر ) أي ، وعلى هذا يحمل قول الإمام علي بن أبي طالب

( قوله : وتعمد إبانة رأس إلخ ) حاصله أنه إذا تعمد إبانة الرأس ، وأبانها فهل تؤكل تلك الذبيحة مع الكراهة لذلك الفعل أو لا تؤكل أصلا قولان في المدونة أولهما لابن القاسم ، وإنما حكم بكراهة ذلك [ ص: 109 ] الفعل ; لأن إبانة الرأس بعد تمام الذكاة بمثابة قطع عضو بعد انتهاء الذبح ، وقبل الموت ، وهذا مكروه والقول الثاني لمالك واختلف الأشياخ هل بين القولين خلاف أو وفاق ؟ . فحمل بعضهم القولين على الخلاف والمعتمد كلام ابن القاسم وحملهما بعضهم على الوفاق ورد قول ابن القاسم لقول مالك فحمله على ما إذا لم يتعمد الإبانة ابتداء بل تعمدها بعد الذكاة ، وأما لو تعمدها ابتداء فلا تؤكل كما يقول مالك فقول المصنف وتعمد إبانة رأس هذا قول ابن القاسم بناء على الخلاف ، وقوله وتؤولت هذا إشارة للقول بالوفاق ( قوله : لا إن لم يتعمد أو لم يبنها ) أي فلا كراهة ( قوله : بمعنى انفصالها ) أشار إلى أنه ذكر الضمير العائد على الإبانة نظرا لكونها بمعنى الانفصال ( قوله : ودون نصف إلخ ) الصواب أن دون هنا للمكان المجازي ، وأنه يجوز فيها الرفع والنصب فإن رفع كان مبتدأ ، وإن نصب فالظاهر أنه صلة لموصول مقدر أي ، وما هو دون نصف ميتة . ا هـ . بن ومفهوم قوله ودون نصف أنه لو قطع الجارح الطير نصفين من وسطه أكل ; لأن فعله كذلك فيه إنفاذ مقتل كذا قالوا ، ومنه يعلم أنه ليس الأكل للنصف من حيث إنه نصف بل من حيث إنه لا يخلو عن إنفاذ مقتله فالمدار على إنفاذ المقتل فعلى هذا لو أبان الجارح أو السهم دون النصف ، وأنفذ مقتلا أكل ذلك الدون كالباقي كما قال الشارح فلو أبان الجارح أو السهم ثلثا ثم سدسا فهل يؤكلان أو الأخير أو يطرحان ؟ لا نص ، وقد يقال المدار على إنفاذ المقاتل فالذي نفذ به مقتل يؤكل ، وإلا فلا ثم إن الفرع مقيد بما له نفس سائلة أما الجراد مثلا إذا قطع جناحه فمات أكل الجميع ; لأن هذه ذكاته ( قوله : إلا الرأس ) أي وحده أو مع غيره أو نصف الرأس كذلك .




الخدمات العلمية