الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
وأما الثلثان ففرض أربعة وهن النسوة ذوات النصف إذا تعددن ، وإلى ذلك أشار بقوله ( ولتعددهن ) أي البنت وبنت الابن والأخت الشقيقة أو لأب أي للمتعدد من كل نوع من [ ص: 460 ] الأنواع الأربعة اثنان فأكثر ( الثلثان ) فرضا فأطلق المصنف المصدر ، وأراد اسم الفاعل أي المتعدد منهن ، وأتى بضمير جمع النسوة ليخرج الزوج ( وللثانية ) أي جنس الثانية وهي بنت الابن أو الأخت للأب ( مع الأولى ) أي البنت أو الأخت الشقيقة ( السدس ) تكملة الثلثين ( وإن كثرن ) أي بنات الابن مع البنت أو الأخوات للأب مع الشقيقة ( وحجبها ) أي الثانية حجب حرمان والمراد بها خصوص بنت الابن بدليل بقية كلامه ( ابن فوقها ) كبنت وابن ابن وبنت ابن ابن فإن ابن الابن يستقل بالسدس ولا يعصبها ; لأنه أعلى منها ( و ) حجبها عن السدس أيضا ( بنتان فوقها ) أي أعلى منها كبنتين وبنت ابن وكبنتي ابن وبنت ابن ابن لاستقلالهما بالثلثين ( إلا الابن ) معها ( في درجتها مطلقا ) سواء كان أخا لها أو ابن عم لها ، وسواء فضل من الثلثين شيء كبنت وابن ابن وبنت ابن أو لم يفضل كبنتين ومن ذكر فمعصب للذكر مثل حظ الأنثيين ( أو ) كان ابن الابن ( أسفل ) منها بدرجة ( فمعصب لها ) أي إذا لم يكن لها في الثلثين شيء كبنتين وبنت ابن وابن ابن ابن فإنه إذا استقلت البنتان بالثلثين وفضل الثلث ورثه ابن ابن الابن مع بنت الابن تعصيبا فإن كان لها في الثلثين السدس كبنت وبنت ابن فإن الأسفل منها يأخذ الباقي وحده تعصيبا .

فعلم أن لابن الابن مع بنت الابن - والمراد الجنس - ثلاثة أحوال . أولهما أن يكون أعلى منها فيحجب من تحته . ثانيها أن يكون مساويا لها فيعصبها مطلقا . ثالثها أن يكون أسفل فيعصب من ليس لها شيء من الثلثين ( وأخت الأب فأكثر مع الشقيقة فأكثر كذلك ) أي كالذي تقدم في بنت الابن مع البنت فتأخذ التي للأب واحدة فأكثر السدس مع الشقيقة الواحدة فإن تعددت الشقيقة فلا شيء للتي للأب اتحدت أو تعددت ما لم يكن لها أخ لأب ويحجبها أيضا أخ فوقها أي شقيق .

ولما ذكر أن حكم الأخت أو الأخوات للأب مع الشقيقة أو الشقائق مساو لحكم بنات الابن مع بنات الصلب وكان ابن الأخ هنا مخالفا لابن الابن هناك استثنى ذلك بقوله ( إلا أنه ) بفتح الهمزة والضمير للشأن ( إنما يعصب الأخ ) للأب أخته دون ابن الأخ فلا يعصب أخته التي هي بنت الأخ التي في درجته إذ ليست من الوارثات بحال ، وكذا لا يعصب من هي فوقه التي هي عمته وأخت الميت لأبيه بل يأخذ ما بقي دون أخته وعمته فإذا مات عن شقيقتين وأخت لأب وابن أخ كان للشقيقتين الثلثان والباقي لابن الأخ وحده تعصيبا دون التي للأب وليس ابن الأخ بالمعصب . من معه أو فوقه في النسب بخلاف ابن الابن ، وإن سفل فإنه يعصب من معه فكان يعصب من فوقه بالأولى .

التالي السابق


( قوله : أي المتعدد منهن ) فيه أن هذه العبارة تصدق بغير المراد إذ تصدق على نحو بنت وأخت ، وأجيب بأن في الكلام حذفا والأصل : وللمتعدد من كل نوع منهن كما أشار له الشارح أولا ( قوله : ليخرج الزوج ) إذ لو كان داخلا لأتى بضمير المذكر على أن خروج الزوج معلوم من استحالة تعدد الزوج هنا ( قوله : جنس الثانية ) أي الصادق بثانية الأوليين وثانية الأخريين ( قوله : مع الأولى ) أي مع جنس الأولى الصادق بأولى الأوليين وبأولى الأخريين والداعي لإرادة الجنس شمول كلام المصنف لصورة بنت الابن مع البنت وصورة الأخت للأب مع الشقيقة ، وبعض الشراح قصر كلام المصنف على الصورة الأولى فجعل المراد بالثانية بنت الابن وبالأولى البنت بدليل قوله بعد وحجبها إلخ إذ الأصل موافقة أول الكلام لآخره ، وأيضا صورة الأخت للأب مع الشقيقة سينص عليها في قوله وأخت لأب إلخ .

( قوله : ابن فوقها ) سواء كان ولد الصلب أو لا كما مثل الشارح والمراد به الجنس كما أن المراد بقوله وحجبها أي بنت الابن بمعنى جنسها ( قوله : يستقل بالسدس ) الأنسب يستقل بما بقي عن البنت ( قوله : أي أعلى منها ) بمعنى أقرب منها للميت ( قوله : وسواء فضل إلخ ) الصواب عدم تفسير الإطلاق بهذا ; لأن المستثنى منه قوله : وحجبها بنتان فوقها ومتى كان بنتان فوقها لم يفضل من الثلثين شيء فالأولى الاقتصار في تفسير الإطلاق على قوله ، سواء كان أخا أو ابن عمها ( قوله : أن يكون أعلى منها ) أي كبنت وابن ابن وبنت ابن ابن ( قوله : مطلقا ) أي سواء كان أخاها أو ابن عمها وسواء كان لها شيء في الثلثين كبنت وبنت ابن وابن ابن أو لم يكن لها فيهما شيء كبنتين وبنت ابن وابن ابن ( قوله : فيعصب من ليس لها شيء من الثلثين ) أي كبنتين وبنت ابن وابن ابن ابن ، وأما إن كان لها شيء من الثلثين فلا يعصبها كبنت وبنت ابن وابن ابن ابن أنزل ( قوله : ما لم يكن لها أخ لأب ) أي ، وإلا أخذ الثلث معها ( قوله : ويحجبها أيضا ) أي كما يحجبها الأختان الشقيقتان ( قوله : بفتح الهمزة ) أي ; لأنه معمول لما قبله ، وهو إلا والمعمولة لعامل غير قول يجب فتح همزتها ، وأما قوله تعالى : { إلا إنهم ليأكلون الطعام } بكسر إن فلوجود لام الابتداء المبطلة لعمل إلا أو أنه على تقدير القول أي إلا مقولا فيهم إنهم ليأكلون الطعام والاستثناء هنا من مقدر أي ، وكذلك في كل شيء إلا أنه إلخ ( قوله : بخلاف ابن الابن ، وإن سفل فإنه يعصب من معه فكان يعصب من فوقه بالأولى ) أي ; لأن جهة البنوة أقوى من جهة الأخوة وابن الابن للميت ابن للميت بواسطة أبيه فلم تنقطع النسبة وابن الأخ لا يرث بأخوته للميت بل ببنوة إخوة الميت فانقطعت النسبة بينه وبين أخوات الأب في الأبوة فلا [ ص: 461 ] يعصبهن




الخدمات العلمية