الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) جازت ( مكاتبة جماعة ) من عبيد ( لمالك ) واحد بعقد واحد ، فإذا وقع ( فتوزع على ) قدر ( قوتهم على الأداء ) وتعتبر القوة ( يوم العقد ) لكتابتهم لا بعد يوم العقد ، وإن تغير الحال الأول ولا على عددهم ولا على قيمتهم فلو انعقدت عليهم ومعهم صغير لا قدرة له على الأداء لم يتبع بشيء ولو قدر بعد قبل انقضائها [ ص: 393 ] ( وهم ) أي جماعة العبيد المذكورين ( وإن زمن أحدهم ) أي طرأت زمانته أي عجزه ( حملاء ) بعضهم عن بعض ( مطلقا ) اشترط ذلك عليهم في صلب العقد أم لا بخلاف حمالة الديون إنما تكون بالشرط .

وأما الزمن يوم العقد فلا شيء عليه أصالة ولا حمالة كما هو معنى ما قبله ( فيؤخذ من المليء ) منهم ( الجميع ) ولا يعتق واحد منهم إلا بأداء الجميع كما هو مقتضى الحمالة وأفهم قوله من المليء أنهم لو كانوا كلهم أولياء لم يجز للسيد أن يأخذ من أحدهم ما على الآخر بل يتبع كلا بما ينوبه وهو المشهور ( و ) إذا أخذ من المليء جميع ما عليه وعلى أصحابه فالمؤدي منهم أو وارثه ( يرجع ) على من أدى عنه بحكم التوزيع ومحل الرجوع ( إن لم يعتق ) المدفوع عنه ( على الدافع ) ، فإن كان يعتق عليه كأصله أو فرعه أو أخيه لم يرجع عليه بشيء ( ولم يكن ) المدفوع عنه ( زوجا ) للدافع وإلا لم يرجع ( ولا يسقط عنهم شيء ) من النجوم ( بموت واحد ) أو أكثر منهم أو عجزه بل لو لم يبق منهم إلا واحد لغرم الجميع لكونهم حملاء عن بعضهم ( وللسيد عتق قوي منهم ) على الأداء أي تنجيزه مجانا بشرطين ( إن رضي الجميع ) بذلك ( وقووا ) على الأداء وتسقط حينئذ عنهم حصته ، فإن لم يكن لهم قوة لم يجز له عتقه ولا عبرة برضاهم كما أنه لا عبرة برضاهم ولا قوتهم إذا أعتق ضعيفا أي لا قدرة له على سعي ولا مال عنده ولو طرأ عليه العجز فيجوز مطلقا نعم إن طرأ عليه العجز سقط عنهم منابه .

وأما العاجز أصالة فلا شيء عليه حتى يسقط وذكر مفهوم الشرط الأول لما فيه من التفصيل بقوله ( فإن رد ) عتق القوي منهم بأن لم يرضوا به ( ثم عجزوا ) عن الوفاء ( صح عتقه ) لكشف الغيب أنه لا عبرة بردهم ( و ) جاز ( الخيار فيها ) أي الكتابة أي في عقدها بمعنى أنه يجوز لأحدهما أو لهما أن يجعل الخيار لصاحبه أو لأجنبي في حل عقدها وفي إجازته قل الزمن الذي جعل ظرفا للخيار أو كثر ولو زاد على الشهر بخلاف البيع

التالي السابق


( قوله : لمالك واحد ) مفهومه أنه لو تعدد المالك للجماعة من العبيد ولم يكن بينهم شركة فيجوز جمعهم بعقد إن لم يشترط حمالة بعضهم عن بعض وتوزع على قوتهم ويأخذ كل واحد منها قدر قوة عبده ، فإن شرط حمالة بعضهم عن بعض منع ومضى بعد الوقوع عند سحنون وهو المعتمد وبطل الشرط وقال بعضهم : لا يجوز جمعهم بعقد إذا تعدد المالك ; لأنه إذا عجز أحد العبيد أو مات أخذ سيده ما للآخر بغير حق فيكون من أكل أموال الناس بالباطل وظاهره اشتراط حمالة بعضهم عن بعض أم لا لما علمت أنهم يحملون على الحمالة سواء اشترط ذلك عليهم في صلب العقد أم لا وسحنون يرى أن محل حملهم على الحمالة مطلقا إذا كانوا لمالك واحد كذا قرر شيخنا ( قوله : ولا على عددهم ) أي ولا توزع على عددهم ولا على قيمتهم وهذا مقابل لقول المصنف فتوزع على قدر قوتهم على الأداء ( قوله : فلو انعقدت ) مفرع على قوله وتعتبر القوة يوم العقد لا بعد يوم العقد [ ص: 393 ] قوله : وهم وإن زمن أحدهم حملاء مطلقا ) ، فإن وقع عقد الكتابة على أنه لا يضمن بعضهم بعضا فهل يقدح ذلك في العقد أو يصح العقد ويبدل الشرط انظره ( قوله : فيؤخذ من المليء الجميع ) أي فيأخذ السيد أو وارثه من المليء جميع نجوم الكتابة ( قوله إلا بأداء الجميع ) أي إلا بتمام الأداء عن الجميع ( قوله : زوجا ) أي ذكرا أو أنثى ، وإنما يؤتى بالتاء عند خوف الإلباس كما في الميراث ( قوله : وإلا لم يرجع ) أي وإلا بأن كان المدفوع عنه زوجا لم يرجع عليه الدافع وظاهره ولو أمره بالدفع عنه فهو مخالف لفداء أحد الزوجين للآخر من الكفار ، فإنه إذا دفع عنه بإذنه رجع عليه ، وإن دفع عنه بغير إذنه فلا يرجع عليه ( قوله : أو عجزه ) أي أو أسره أو غصب أحد لذاته ، وأما لو استحق واحد منهم بملك أو حرية ، فإنه يسقط عنهم نصيب من استحق لكشف الغيب أن السيد كاتب من لا يملك ( قوله : فإنه يغرم الجميع ) أي جميع النجوم ( قوله : وللسيد عتق قوي منهم ) أي من الجماعة الذين كاتبهم دفعة واحدة بعقد ، وحاصل أقسام هذه المسألة ثلاثة إن كان ذلك العبد الذي نجز السيد عتقه له قوة على الأداء ولا يقدرون على وفاء الكتابة إلا به لم يجز عتقه مطلقا سواء رضوا بعتقه أم لا ، وإن كان لا قوة له جاز عتقه مطلقا رضوا بعتقه أم لا ، وإن كان له قوة ويقدرون على وفاء الكتابة بدونه جاز عتقه إن رضوا وإلا فلا يجوز ( قوله : فإن لم يكن لهم قوة ) أي على الوفاء بدونه سواء ساواهم في القوة أو كان أقوى منهم أو أقل عند ابن القاسم ( قوله : ولو طرأ إلخ ) أي هذا إذا كان عجزه وضعفه سابقا على عقد الكتابة بل ولو طرأ عجزه وضعفه بعد عقدها ( قوله : نعم إن طرأ عليه العجز سقط عنهم منابه إلخ ) الذي في الخرشي وعبق عن الشيخ أحمد الزرقاني أنه إذا أعتق القوي منهم بالشرطين المذكورين سقطت حصته عن أصحابه ، وأما إذا أعتق من حدث له الضعف لم تسقط حصته عن أصحابه ووزعت عليهم على قدر قوتهم كمن مات منهم وسلم ذلك شيخنا العدوي وبن ( قوله الشرط الأول ) أي وهو إن رضي الجميع ( قوله : لكشف الغيب إلخ ) أي لأنهم إنما ردوا لحقهم وقد كشف الغيب أنه لا حق لهم ، فإن كان هذا الذي ردوا عتقه أدى عنهم شيئا قبل الحكم بعتقه فهل يرجع به على سيده أو لا قولان والصواب الأول كما قال أبو حفص بن العطار ; لأنه تبين أنه إنما أدى في حال عتقه ( قوله : لأحدهما ) أي السيد والمكاتب وقوله لصاحبه راجع لقوله لأحدهما وقوله أو لأجنبي راجع لقوله أولهما على سبيل اللف والنشر المرتب ( قوله بخلاف البيع ) أي فإنه لا يجوز فيه الخيار إلا إذا كان أمده قريبا على التفصيل السابق في البيوع ، وقوله بخلاف البيع أي لأنه يخاف فيه أن يكون المشتري زاد في الثمن لوجود ضمان البائع المبيع مدة الخيار فيكون ضمانا بجعل وهو ممنوع ; لأن الضمان لا يكون إلا لله




الخدمات العلمية