الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم ذكر مسألة تعرف عند الأصحاب بمسألة خلع الثلث بأنواعها الثلاثة سواء كان فيها دين أو عرض غائب أم لا فقال ( وإن ) ( أوصى ) لشخص ( بمنفعة ) شيء ( معين ) مدة معينة كأن يوصي بخدمة عبده فلان أو سكنى داره أو بركوب دابته الفلانية لزيد مدة سنة مثلا ( أو ) أوصى له ( بما ) أي بشيء كعبد أو بعير ( ليس فيها ) أي التركة مما ليس معينا ك اشتروا له عبدا وأعطوه له ( أو ) أوصى ( بعتق عبده ) فلان ( بعد موته بشهر ) مثلا ( و ) الحال أنه ( لا يحمل الثلث ) في الأنواع الثلاثة ( قيمته ) [ ص: 446 ] أي قيمة المعين الموصى بمنفعته وغير المعين الموصى بشرائه مما ليس فيها والعبد الموصى بعتقه بعد موته بشهر فليس المراد قيمة منفعة المعين في الأولى كما قد يتبادر منه بل المراد بها قيمة ذي المنفعة ومفهوم قولنا مما ليس معينا أنه لو أوصى بشراء معين فهو ما قدمه بقوله واشتراء لفلان وأبى بخلا بطلت إلخ ( خير الوارث ) في الثلاثة ( بين أن يجيز ) وصية مورثه ( أو يخلع ثلث الجميع ) أي جميع التركة من الحاضر والغائب عرضا أو عينا أو غيرهما أي يعطي من كل شيء للميت ثلثه في المسألتين الأوليين وأما الثالثة فيخير بين الإجازة وبين أن يعتق من العبد بقدر ثلث جميع المال فإطلاق خلع الثلث عليها تغليب واحترز بقوله بمنفعة معين عما إذا أوصى له بنفس المعين كدار معينة ولم يحملها الثلث فقال مالك مرة مثل ما تقدم ومرة أخرى يخير الوارث بين الإجازة وبين خلع ثلث جميع التركة من ذلك المعين خاصة وهذا هو الذي رجع إليه مالك قال ابن القاسم وهو أحب إلى نقله في التوضيح .

التالي السابق


( قوله تعرف عند الأصحاب بمسألة خلع الثلث ) أي ; لأن الوارث في الغالب لا يسلم إلا الأقل وهو الثلث .

( قوله سواء كان فيها دين أو عرض إلخ ) أي إن التخيير بين الأمرين الآتيين ولو كان في التركة دين أو عرض غائب خلافا لما قاله شرف الدين الطخيخي من أنهم لا يخيرون بين الأمرين إذا كان فيها دين أو عرض غائب .

( قوله مدة معينة ) أي وأما لو أوصى بمنفعة المعين ولم يعين لذلك مدة معينة فإنه يجعل لذلك الثلث وكأنه أوصى له بالثلث فيعطاه بلا تخيير كما مر من أنه يضرب للمجهول بالثلث .

( قوله أو سكنى داره ) أي المعينة بالإشارة أو الوصف .

( قوله أو أوصى بعتق عبده فلان ) أي بأن قال أوصيكم أن تعتقوا عبدي فلانا بعد موتي بشهر أو قال هو حر بعد موتي بشهر . ( قوله والحال أنه لا يحمل الثلث قيمته ) .

أي والحال أن ثلث الموصي أي ثلث التركة كلها إن كانت حاضرة أو ثلث ما حضر منها حيث كان بعضها حاضرا وبعضها غائبا لا يحمل قيمة المعين الموصى بمنفعته في الأول ولا يحمل قيمته ما أوصى بشرائه للموصى له مما ليس في التركة بأن كان ثلث التركة لا يحمل قيمة عبد مثلا وسط في الثاني ولا يحمل قيمة العبد الموصى بعتقه بعد موته بشهر هذا ظاهر كلام الشارح فكلامه يقتضي أن قول المصنف ولا يحمل الثلث قيمته شرط في تخيير الوارث بين الأمرين المذكورين في الفروع الثلاثة وليس كذلك وإنما هو شرط في الأول والثالث فقط دون [ ص: 446 ] الثاني فإن الحكم فيه ما ذكره المصنف من التخيير وإن حمل الثلث الموصى به كما نبه عليه ح وغيره انظر بن ، وأما إن حمل الثلث قيمته في الأول والثالث تعين تسليم الموصى به .

( قوله أي قيمة المعين الموصى بمنفعته ) لعل وجهه مع أن القياس النظر للمنفعة الموصى بها أن الانتفاع مظنة تلف العين ( قوله بل المراد بها ) أي بقيمة منفعة المعين المتبادرة من لفظه .

( قوله أنه لو أوصى بشراء معين ) أي ك اشتروا له فلانا عبد فلان وأعطوه له ( قوله فهو ما قدمه ) أي فهذا لا تخيير فيه وهو ما قدمه بقوله إلخ . والحاصل أن قول المصنف هنا أو بما ليس فيها مما ليس معينا وأما لو أوصى بشراء ما ليس في التركة من المعينات فهذا لا خيار فيه بل تطلب الورثة شراءه من غير تخيير كما تقدم فإن لم يقيد كلام المصنف هنا بما ليس معينا تناقص مع ما تقدم .

( قوله أو يخلع إلخ ) أي أو يدفع للموصى له ثلث جميع التركة من المال الحاضر والغائب عينا كان أو عرضا أو غير ذلك كالحيوان والطعام .

( قوله عرضا أو عينا ) أي سواء كان كل من الحاضر والغائب عرضا أو عينا ناضا أو دينا .

( قوله الأولين ) أي وهما النوعان الأولان من أنواع مسألة خلع الثلث .

( قوله فإطلاق خلع الثلث عليها ) أي على المسألة الثالثة أي مع أنه ليس فيها خلع ثلث وإنما فيها العتق من العبد بمقدار الثلث .

( قوله مثل ما تقدم ) أي من تخيير الوارث بين الإجازة أو تسليم ثلث من كل شيء من التركة .

( قوله من ذلك المعين ) أي أنه لا يدفع له ثلث جميع التركة من جميع التركة كما هو القول الأول بل يدفع له ثلث جميع التركة من ذلك المعين فقط فلو كان ثلث التركة يحمل ثلاثة أرباع العبد المعين أو الدار المعينة فإنه يدفع للموصى له ثلاثة أرباعه




الخدمات العلمية