الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وإن ) ( دفع عبد مالا ) من عنده ( لمن يشتريه به ) من سيده فلا يخلو من أحوال ثلاثة أن يقول اشترني لنفسك أو لتعتقني أو لنفسي ( فإن قال اشترني لنفسك ) فاشتراه ( فلا شيء عليه ) أي على المشتري أي لا يلزمه ثمن ثان للبائع والبيع لازم ( إن استثنى ) المشتري ( ما له ) أي اشترط دخول مال العبد معه في عقد الشراء ( وإلا ) يستثن المشتري ماله ( غرمه ) أي الثمن ثانيا لبائعه ; لأنه لما لم يستثن ماله في البيع فقد اشتراه بمال السيد ; لأن العبد لا يتبعه ماله في البيع بخلاف العتق ( و ) إذا لزمه غرم الثمن لكونه لم يستثن ماله ( بيع ) العبد ( فيه ) أي في الثمن إن لم يوجد عند المشتري ، فإن لم يوف ثمنه الآن بالثمن الأول بأن بيع بأقل منه اتبع المشتري بالباقي في ذمته ( ولا رجوع له ) أي للمشتري ( على العبد ) بما غرمه لسيده ; لأنه إنما اشتراه لنفسه ( والولاء له ) أي للمشتري إن أعتقه وكان الأولى حذف قوله ولا رجوع له إلخ ; لأن هذا شيء لا يتوهم حتى ينص عليه مع إيهام قوله والولاء له أن هنا ولاء وليس كذلك [ ص: 378 ] إذ العبد ملك لمشتريه وفي نسخة ابن غازي بعد قوله وإلا غرمه زيادة لفظ ( كلتعتقني ) وهو إشارة للقسم الثاني من الأقسام الثلاثة والتشبيه تام يعني أن العبد إذا دفع مالا لشخص على أن يشتريه من سيده به ويعتقه ففعل فالبيع لازم ، فإن كان المشتري استثنى ماله ، فإنه يعتق ولا يغرم المشتري الثمن ثانية للبائع ، وإن لم يستثن ماله غرم الثمن ثانية للبائع ولا يرجع بشيء على العبد وقد تم عتقه بمجرد الشراء وقوله وبيع فيه يرجع للصورتين وهما قوله اشترني لنفسك أو اشترني لتعتقني وقوله ولا رجوع له على العبد والولاء له راجع للثانية أي مسألة العتق ; لأنه إذا اشتراه بماله على أن يعتقه ففعل عتق عليه بمجرد الشراء ويكون الولاء له سواء استثنى ماله أو لم يستثنه لغرمه الثمن ثانية إذا لم يستثنه ولا يرجع على العبد بشيء وعلى هذه النسخة فالنص على قوله ولا رجوع له إلخ ظاهر لكن المعتمد أن العبد لا يكون حرا بمجرد الشراء بل يتوقف على تجديد عتق وعليه فقوله والولاء له أي إن أعتقه

التالي السابق


( قوله : فلا شيء عليه إن استثنى ماله وإلا غرمه ) ما ذكره من لزوم البيع وعدم غرم المشتري للثمن مرة ثانية إن استثنى مال العبد وغرمه ثانيا إن لم يستثنه محله إذا كان الثمن عينا أو عرضا موصوفا ، وأما إن كان عرضا معينا ولم يستثن المشتري مال العبد فلسيد العبد أن يرجع في عين عبده إن كان قائما ، فإن فات فعلى المشتري قيمته ; وذلك لأن المشتري قد اشترى سلعة بسلعة فاستحقت السلعة التي دفعها للسيد فله أن يرجع في عين عبده إن كان قائما وبقيمته إن فات وهذه من أفراد قول المصنف سابقا وفي عرض بعرض بما خرج من يده أو قيمته أي ورجع في استحقاق عرض بيع بعرض بما خرج من يده أو قيمته ( قوله بمال السيد ) أي الذي دفعه العبد له ليشتريه به من سيده ( قوله : لا يتبعه ماله في البيع ) أي بل يبقى لسيده الذي باعه ( قوله : بخلاف العتق ) أي فإنه يتبعه ويكون له دون سيده ( قوله : إن لم يوجد عند المشتري ) لا مفهوم له بل وكذا لو وجد الثمن معه ; لأن العبد صار مملوكا له وللمالك أن يتصرف في ملكه بما أراد ( قوله : فإن لم يوف إلخ ) أي وأما إن تساوى الثمنان فالأمر ظاهر ، وإن وفى بعض ثمنه الآن بثمنه الأول بقي الباقي ملكا للمأمور بالشراء ( قوله : لأن هذا شيء لا يتوهم ) وذلك لأن الموضوع

[ ص: 378 ] أنه قال له اشترني لنفسك فاشتراه كذلك فهو ملك له وحينئذ فلا يتوهم أنه يرجع عليه بما دفعه فيه من الثمن حتى يحتاج للنص على نفيه ( قوله : إذ العبد ملك لمشتريه ) أي ولذا احتاج الشارح إلى حمل قوله ولا رجوع له والولاء له على ما إذا أعتقه بعد ذلك ( قوله : وقد تم عتقه بمجرد الشراء ) هذا ضعيف وسيأتي أن المعتمد أن عتقه يتوقف على تجديد العتق بعد الشراء ( قوله يرجع للصورتين ) هذا ظاهر في الأولى ، وأما في الثانية فلا يظهر إلا على القول المعتمد من أنه لا يكون حرا بمجرد الشراء بل يتوقف على إنشاء العتق ثم إنه إذا بيع وفضل عن الثمن الأول قدر كان للمشتري في مسألة اشترني لنفسك وعتق منه ما زاد على الثمن في مسألة اشترني لتعتقني




الخدمات العلمية