الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( أو زوج ) ذكرا أو أنثى يقطع كل بسرقته من مال الآخر ( فيما ) أي في مكان ( حجر عنه ) أي السارق من أحد الزوجين بمجرد إزالته من حرزه كصندوق أو خزانة أو طبقة والحجر إنما يعتبر بغلق لا بمجرد منع بكلام فلو سرق مما لم يحجر عنه لم يقطع ; لأنه خائن لا سارق ( أو ) ( موقف دابة ) يقطع سارقها منه وقفت ( لبيع أو غيره ) كمكان بزقاق اعتيد وقوفها وربطها به كان معها صاحبها أم لا بإبانتها عن موقفها ( أو ) ( قبر أو بحر لمن رمي به لكفن ) فالقبر والبحر حرز للكفن فيقطع سارقه منه واحترز بقوله رمي به عن الغريق فلا قطع على سارق ما عليه ( أو ) ( سفينة ) سرقت ( بمارساة ) بفتح الميم يقطع سارقها به ; لأنه حرز لها سواء اعتيد للإرساء أم لا قريبا من العمران أم لا ( أو ) ( كل شيء ) سرق ( بحضرة صاحبه ) فيقطع ; لأنه حرز له ولو كان في فلاة من الأرض أو كان نائما .

التالي السابق


( قوله : يقطع كل بسرقته من مال الآخر ) أي وحكم أمة الزوجة في السرقة من مال الزوج كالزوجة وحكم عبد الزوج إذا سرق من مال الزوجة كالزوج .

( قوله : فيما حجر عنه ) في بمعنى من أي من المكان الذي حجر عن السارق حالة كون ذلك السارق من أحد الزوجين وسواء كان ذلك المكان الذي حجر عن السارق منهما خارجا عن مسكنهما أو كان فيه بلا خلاف في الأول كما في التوضيح عن عياض وعلى قول ابن القاسم في الثاني خلافا لما في الموازية اللخمي وعدم القطع أحسن إن كان القصد بالغلق التحفظ من أجنبي ، وإن كان لتحفظ كل منهما من الآخر قطع ا هـ بن ( قوله : وقفت لبيع ) أي بالسوق أو غيره كانت مربوطة أو لا كان ربها معها أم لا ( قوله : كمكان بزقاق اعتيد ) هذا مثال للغير وإنما قطع لأن ذلك حرز لها وأما آخذها من موقف غير معتاد وقوفها وربطها به فلا قطع فيه ما لم يكن معها ربها أو خادمه هذا ، وسيأتي للمصنف الكلام على أخذ الدابة الواقفة بباب المسجد والواقفة في السوق لغير بيعها بل لانتظار ربها ، فلذا حملالشارح قول المصنف هنا أو غيره على خصوص الدابة الواقفة في الزقاق ( قوله : بإبانتها عن موقفها ) متعلق بقوله يقطع سارقها ( قوله : لكفن ) أي كل منهما حرز بالنسبة للكفن لا بالنسبة للميت فلا يقطع سارق الميت نفسه بغير كفن وظاهر قوله لكفن ولو كان غير مأذون فيه شرعا وهو ظاهر المدونة والرسالة والجلاب والتلقين وقيد بعضهم الكفن بكونه مأذونا فيه شرعا فغير المأذون فيه لا يكون ما ذكر حرزا له فمن سرق من كفن شخص كفن بعشرة أثواب ما زاد على الشرعي يقطع على الأول لا على الثاني واقتصر في المج على الثاني واعلم أن القبر سواء كان قريبا من العمران أو بعيدا عنه حرز للكفن ولو فني الميت وبقي الكفن ، وأما البحر فظاهر كونه حرزا للكفن ما دام الميت فيه ، فإن فرقه الموج عنه ودلت قرينة على أنه كفن به فانظر هل يكون البحر حرزا له أم لا .

( قوله : بفتح الميم ) أي من الثلاثي المجرد ويجوز أيضا ضمها من الرباعي المزيد كما في القرآن والمراد بها محل الرسي .

( قوله : يقطع سارقها به ) أي منه وكما يقطع إذا سرق السفينة من المرساة يقطع إذا سرق المرساة بكسر الميم أي الآلة كانت السفينة سائرة أو راسية .

( قوله : قريبا من العمران أم لا ) هذا قول ابن القاسم وقال أشهب في الموازية لا يقطع إذا كانت راسية في محل بعيد من العمران كالدابة إذا ربطت بمحل لم تعرف بالوقوف فيه انظر التوضيح .

( قوله : بحضرة صاحبه ) أي الحي المميز ولو نائما لا إن كان صاحبه الحاضر ميتا أو مجنونا أو غير مميز ويشير لما ذكر من الشروط قول المصنف بحضرة صاحبه ; لأن الحضرة تقتضي الشعور ولو حكما كالنائم لسرعة انتباهه ولذا لم يقل أو كل شيء معه صاحبه مع أنه أخصر ولاقتضائه قطعه إذا سرق المال وصاحبه كالدابة براكبها والسفينة بأهلها وهو نيام مع أنه لا يقطع لأنه لم يخرجه عن حرزه وهو مصاحبة ربه وذكر ابن عاشر أن قول المصنف وكل شيء بحضرة صاحبه محله إذا لم يكن صاحبه في حرز ، وإلا فلا يقطع السارق ، إلا بعد خروجه به من الحرز فحرز الإحضار إنما يعتبر عند فقد حرز الأمكنة ا هـ بن واعلم أنه يستثنى مما قاله المصنف المواشي إذا كانت بالمرعى فإنه لا قطع على من سرق منها بحضرة [ ص: 341 ] صاحبها كما هو ظاهر الرسالة والنوادر بل صرح بذلك أبو الحسن نقلا عن اللخمي ونصه عند قول المدونة ولا قطع في شيء من المواشي إذا سرقت في مراعيها حتى يأويها المراح إلخ اللخمي إذا كانت في المرعى لم يقطع ، وإن كان معها صاحبها ، وإن أواها المراح قطع ، وإن لم يكن معها أحد واختلف إذا سرق منها وهي سائرة إلى المرعى أو راجعة منها للمراح ومعها من يحرسها فقيل يقطع سارقها ; لأنها ليست في المرعى وقيل لا يقطع لقوله عليه السلام فإذا أواها المراح الحديث فلم يجعل فيها قطعا حتى تصل للمراح ا هـ فقد علمت أن الأحوال ثلاثة انظر بن ومثل المواشي في المرعى الثياب ينشرها الغسال وتسرق بحضرته فلا قطع كما في أبي الحسن على المدونة ونصه ابن يونس اختلف النقل عن مالك فيما ينشر على حبل الصباغ أو القصار الممدود على قارعة الطريق يمر الناس من تحته فقال لا قطع فيه وروي عنه أن فيه القطع وقال في الغسال يخرج الثياب للبحر يغسلها وينشرها وهو معها فيسرق منها فلا قطع عليه وهو بمنزلة الغنم في مرعاها اللخمي وأظن ذلك لما كانت العادة أن الناس يمشون فيما بين المتاع فيصيرون بذلك كالأمناء على التصرف فيما بينها فيرجع إلى الخيانة




الخدمات العلمية