الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
، ثم شرع في بيان من يحمل الدية في الخطإ ، والعمد في النفس ، أو الأطراف وبيان شروطها فقال .

. ( درس ) .

. ( ونجمت دية الحر ) وأما الرقيق فلا دية له ، وإنما على الجاني قيمته حالة وسواء كان الحر ذكرا ، أو أنثى مسلما ، أو لا ( الخطأ ) احترازا من العمد فلا تحملها العاقلة بل هي حالة على الجاني إن عفى عنه عليها وفي حكم الخطإ الذي لا قصاص فيه كالمأمومة ، والجائفة كما يأتي إن ثبتت ( بلا اعتراف ) من الجاني بل ببينة ، أو لوث [ ص: 282 ] فلا تحمل ما اعترف به من قتل ، أو جرح بل هي حالة عليه ولو كان عدلا مأمونا يتهم بقبول الرشوة من ، أولياء المقتول على المعتمد وكلام الطخيخي ضعيف ( على العاقلة ، والجاني ) الذكر البالغ العاقل المليء كما يأتي للمصنف ، فهو كواحد منهم وشرط تنجيمها على العاقلة ، والجاني ( إن بلغ ) ما ينجم ( ثلث ) دية ( المجني عليه ، أو ) ثلث دية ( الجاني ) .

فلو جنى مسلم على مجوسية خطأ ما يبلغ ثلث ديتها كأن أجافها ، أو ثلث ديته بأن تعددت الجناية حملته عاقلته ، وإذا جنى مجوسي ، أو مجوسية على مسلم ما يبلغ ثلث دية الجاني حملته عاقلته ( وما لم يبلغ ) ثلث أحدهما ( فحال عليه ) أي على الجاني في ماله ( كعمد ) أي كدية عمد على نفس ، أو طرف عفي عنه عليها فإنها حالة عليه في ماله ( ودية غلظت ) عطف خاص على عام ; إذ المغلظة إنما تكون في العمد وأتي به لئلا يتوهم أن القصاص لما كان ساقطا صار كالخطإ وشمل جرح عمد لا قصاص فيه وقتل كذلك لكون الجاني زائد إسلام مثلا ( و ) دية عضو ( ساقط ) فيه القصاص ( لعدمه ) أي لأجل عدم مماثله كما لو فقأ أعور العين اليمنى عين شخص يمنى عمدا فديتها عليه حالة في ماله ( إلا ما لا يقتص منه من الجرح ) كالجائفة ، والمأمومة ( لإتلافه ) أي لخوف إتلافه النفس لو اقتص منه ( فعليها ) أي ، فالدية على العاقلة في العمد كالخطإ إن بلغ ثلث دية المجني عليه ، أو الجاني ، فالاستثناء من قوله كعمد .

التالي السابق


( قوله : ونجمت دية الحر ) قد تسمح المصنف فأراد بالدية مطلق الواجب ; لأن الواجب في العبد قيمة لا دية .

وحاصل كلام المصنف أن الجناية على الحر إذا كانت خطأ ثابتة ببينة ، أو لوث سواء كان ذكرا ، أو أنثى مسلما ، أو كافرا تنجم ديتها على عاقلة الجاني ، والجاني كواحد منهم واعلم أن مثل الدية في التنجيم الحكومة ، والغرة حيث بلغ كل منهما الثلث ، أو كان كل منهما أقل من الثلث ولكن وجب مع دية ، وكذا موضحة ومنقلة مع دية ( قوله : كما يأتي ) أي في قول المصنف إلا ما لا يقتص منه من الجراح لإتلافه فعليها [ ص: 282 ] قوله : فلا تحمل إلخ ) أي ولذا تراهم يقولون لا تحمل العاقلة عبدا ولا عمدا ولا اعترافا ( قوله : فلا تحمل ما اعترف به ) أي دية ما اعترف به من قتل ، أو جرح أي خطأ ( قوله : وكلام الطخيخي إلخ ) أي حيث قال إن كان المقر بالقتل خطأ مأمونا ثقة وليس بذي قرابة للمقتول ولا صديقا ملاطفا له ولم يتهم في إغناء ورثة مقتوله ولا رشوة منهم على إقراره فإن إقراره لوث يحلف بسببه أولياء المقتول خمسين يمينا ، وتحملها العاقلة فحملها للقسامة مع اللوث لا لمجرد إقراره .

( قوله : ضعيف ) أي ، والمعتمد أنه يلزمه بذلك الإقرار الدية في ماله ولا قسامة على ، أولياء المقتول كما قال شيخنا ( قوله ، والجاني الذكر البالغ العاقل ) أي وأما المرأة ، والصبي ، والمجنون فلا يعقلون عن أنفسهم ولا يعقلون عن غيرهم هذا هو الصواب كما في بن خلافا لما في عبق من أنهم يعقلون عن أنفسهم ولا يعقلون عن غيرهم ومثل المرأة ومن معها المعدم فلا يعقل عن نفسه ولا عن غيره .

( قوله وشرط تنجيمها إلخ ) فيه نظر ; إذ هذا شرط في حمل العاقلة لا في التنجيم كما قرر شيخنا ( قوله : فلو جنى مسلم على مجوسية إلخ ) قد تقدم أن دية المجوسي ثلث خمس دية الحر المسلم ، فهي ستة وستون دينارا وثلثا دينار ، والمجوسية على النصف من ذلك فديتها ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار فقوله ما يبلغ ثلث ديتها أي بأن أجافها ، أو أمها فيلزم العاقلة أحد عشر دينارا وتسع دينار وقوله ، أو ثلث ديته أي بأن جنى عليها جنايات تبلغ ثلث ديته بأن أذهب حواسها الخمسة وصلبها وقوة جماعها ويديها ورجليها وشفريها فإن في هذه ثلثمائة وثلاثة وثلاثين وثلثا ( قوله : ما يبلغ ثلث دية الجاني ) أي ، وإن لم يبلغ ثلث دية المجني عليه الذي هو الحر المسلم وقوله وما لم يبلغ إلخ هذا مفهوم الشرط الذي قبله وصرح به ; لأنه لا يعلم عند عدم التصريح به هل هو أي الذي لم يبلغ الثلث حال عليه عليهم ، أو ينجم عليه فقط فدفع احتمال ذلك بالتصريح بالمفهوم وحكمه .

( قوله : أي كدية عمد ) هذا شامل للمثلثة ، والمربعة ; لأن التغليظ سواء كان بالتربيع ، أو التثليث خاص بالعمد دون الخطإ ; لأن ديته دائما مخمسة وحينئذ فقول المصنف ودية غلظت أراد بها المغلظة بالتثليث ، فهو من عطف الخاص على العام ، والتغليظ بالتثليث إنما يكون في قتل الأب لولده ، أو جرحه له من غير قصد لإزهاق روحه كما مر ( قوله : صار كالخطإ ) أي في كون الدية على العاقلة ( قوله : وشمل ) أي قوله كدية العمد وقوله جرح عمد أي دية جرح عمد لا قصاص فيه لكونه من المتالف وقوله وقتل أي وشمل أيضا دية قتل لا قصاص فيه ( قوله : كالجائفة ، والمأمومة ) أي ، والدامغة ، وكذا كسر الفخذ وعظم الصدر إذا بلغت الحكومة فيهما الثلث ( قوله ، فالاستثناء من قوله كعمد ) أي لما علمت من شموله لما ذكر




الخدمات العلمية