الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وليجب ) القاضي من سأله : من جرح بينتي ( عن ) تعيين ( المجرح ) بأن يقول له : فلان وفلان ، إن لم يخش منه عليه [ ص: 150 ] ( و ) إذا أنظره القاضي باجتهاده ولم يأت بحجته فإنه ( يعجزه ) أي يحكم بعجزه أي بعدم قبول بينة يأتي بها بعد زيادة على الحكم بالحق ويكتب ذلك في سجله بأن يقول وادعى أن له حجة وقد أنظرناه بالاجتهاد فلم يأت بها فحكمنا بعجزه فلا تسمع له بينة بعد ذلك أي خوفا من أن يدعي بعد ذلك عدم التعجيز وأنه باق على حجته نعم إذا عجزه بالمعنى المذكور فله إقامة بينة لم يعلمها أو نسيها .

التالي السابق


( قوله : وليجب عن المجرح ) حاصله أن المدعي إذا أقام بينة شهدت له بحق على شخص فأقام المدعى عليه بينة شهدت بتجريح بينة المدعي في حلفه فإذا سأل المدعي القاضي عمن جرح بينته فعليه أن يخبره عمن جرح بينته ويوجه له الإعذار فيه ; لأنه قد يكون بين المجرح والمدعي عداوة أو بينه وبين المدعى عليه قرابة وهذا إذا كان التجريح ببينة لم يخش عليها الضرر من المدعي ولم يكن من مزكي سر أما لو كان المجرح مزكي سر ، أو بينة يخشى عليها الضرر من المدعي فلا يلزم القاضي تعيين المجرح ولا يلتفت لسؤال المدعي عمن جرح بينته وكذا إذا لم يكن التجريح ببينة وإنما القاضي [ ص: 150 ] علم في البينة شيئا يرد شهادتهم فردها فلا يلزمه أيضا جواب ; لأن للقاضي أن يستند لعلمه في التجريح والتعديل .

( قوله : وإذا أنظره ) أي أنظر من كان مطالبا بالبينة سواء كان مدعيا طلب منه البينة الشاهدة له بما يدعيه ، أو كان مدعى عليه طلب منه البينة المجرحة في البينة الشاهدة عليه فهذا انتقال لما هو أعم مما تقدم . ( قوله : زيادة ) أي حالة كون الحكم بعجزه زيادة أي زائدا على الحكم بالحق . ( قوله : ويكتب ذلك ) أي التعجيز في سجله وهذا هو المشار له بقول المصنف الآتي وكتبه فالمناسب للشارح عدم ذكره هنا وقوله بأن يقول إلخ المناسب بأن يكتب فيه وادعى إلخ . ( قوله : فلا تسمع له بينة بعد ذلك ) أي وإذا عجزه القاضي فلا تسمع له بينة بعد ذلك فهو مرتبط بكلام المصنف لا أنه مما يكتب في السجل ، واعلم أنه اختلف في المعجز إذا أتى ببينة على ثلاثة أقوال قيل لا تسمع منه سواء كان طالبا أو مطلوبا وهو قول ابن القاسم في العتبية وقيل تقبل منه مطلقا إذا كان له وجه كنسيانها ، أو عدم علمه بها أو غيبتها وهو قول ابن القاسم في المدونة وصرح في البيان بأن المشهور أنه إذا عجز المطلوب وقضى عليه أن الحكم يمضي ولا يسمع منه ما أتى به بعد ذلك وأما إذا عجز الطالب فإن تعجيزه لا يمنع من سماع ما أتى به من البينة بعد ذلك ، ثم قال ابن رشد وهذا الخلاف إنما هو إذا عجزه القاضي بإقراره على نفسه بالعجز وأما إذا عجزه بعد التلوم والإعذار وهو يدعي أن له حجة فلا تقبل له حجة بعد ذلك اتفاقا ولو ادعى نسيانها وحلف ا هـ بن وعلى هذا القول فقول الشارح فلا تسمع له بينة أي اتفاقا .

( قوله : أي خوفا إلخ ) علة لقوله ويكتب ذلك في سجله . ( قوله : فله إقامة بينة لم يعلمها ، أو نسيها ) أي إن حلف على ذلك ومحل إقامته لها إن عجزه مع إقراره على نفسه بالعجز لا مع ادعائه حجة فلا يقيمها ولو مع ادعاء نسيان بينته وحلفه كما مر وقوله : فله إقامتها أي سواء كان طالبا ، أو مطلوبا على مذهب المدونة ، أو كان طالبا لا مطلوبا على ما حكاه ابن رشد كما مر .




الخدمات العلمية