الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) إن أوصى لشخص ( بنصيب ابنه أو مثله ) أي مثل نصيب ابنه ( فالجميع ) أي فيأخذ الموصى له جميع نصيب ابنه وهو جميع المال إن انفرد الابن أي وأجاز الوصية أو الباقي بعد ذوي الفروض أو نصف المال أو نصف الباقي إن كان الابن اثنين وأجازاها فإن لم يجز الواحد أو الاثنان كان له ثلثه وإن كانوا ثلاثة فقد أوصى بثلث ماله ولا يتوقف على إجازة فإن كانوا أربعة فقد أوصى له بربع المال أو خمسة فبالخمس وهكذا وقد علمت أن ما زاد على الثلث يتوقف على إجازة بخلاف الثلث فدون ( لا ) إن قال ( جعلوه وارثا معه ) أي مع ابني ( أو ) قال ( ألحقوه به ) أو أنزلوه منزلته أو اجعلوه من عداد ولدي ونحو ذلك ( فزائدا ) أي يقدر الموصى له زائدا وتكون التركة بينهما نصفين إن أجازا وإلا فالثلث فإن كانوا ابنين فله الثلث أجازوا أو لم يجيزا ولو كانوا ثلاثة فهو كابن رابع وهكذا ولو كانوا ثلاثة ذكور وثلاث إناث لكان كرابع مع الذكور ولو كانت الوصية لأنثى لكانت كرابعة من الإناث فقوله فزائدا أي على مماثله [ ص: 447 ] ( و ) إن أوصى له ( بنصيب أحد ورثته ) أو بمثل نصيب أحدهم وترك ذكورا أو إناثا أو ذكورا وإناثا ( فيجزئ ) أي فيحاسبهم بجزء ( من عدد رءوسهم ) فإن كان عدد رءوس ورثته ثلاثة فله الثلث أو أربعة فله الربع أو خمسة فله الخمس وهكذا ولا نظر لما يستحقه كل وارث ثم يقسم ما بقي بينهم على فرائض الله تعالى ( و ) إن أوصى له ( بجزء ) من ماله ( أو سهم ) منه ( فبسهم ) أي حاسب بسهم ( من ) أصل ( فريضته ) ولو عائلة فإذا كان أصلها من أربعة وعشرين مثلا وعالت لسبعة وعشرين فله جزء من سبعة وعشرين ولا ينظر لما تصح منه المسألة على الأصح ( وفي كون ضعفه ) أي النصيب أي قال أوصيت له بضعف نصيب ولدي ( مثله ) أي النصيب ( أو مثليه تردد ) لابن القصار ولشيخه فهو يقول ضعف الشيء قدره مرتين وهو ما ذهب إليه أبو حنيفة والشافعي ونقل عن شيخه خلاف ذلك أي إن ضعف الشيء ما ساواه فإذا تعدد الابن حقيقة أو حكما كأن يكون معه ابنتان أو معه أم وزوجة وأوصى لشخص بضعف نصيب ابنه فعلى القول الأول يعطى مثل نصيب الابن فيعطى نصف المال المتروك أو الباقي بعد ذوي الفروض وعلى الثاني يعطى جميع المتروك [ ص: 448 ] بشرط الإجازة فإن لم يكن له إلا ابن واحد أعطي جميع المتروك على كل من القولين إن أجاز ، فصار حاصل المعنى أنه إذا قال أوصيت له بضعف نصيب ابني هل هو بمنزلة قوله أعطوه مثل نصيب ابني أو بمنزلة قوله أعطوه نصيب ابني ومثله معه ، وظاهر أن هذا الخلاف إنما يكون عند تعدد الابن ولو حكما كما ذكرنا فإن اتحد فليس له إلا جميع ما تركه الميت ( و ) إن أوصى له ( بمنافع عبد ) كخدمته فأخذه الموصى له ومات ( ورثت عن الموصى له ) إن بقي من زمنها شيء وزمنها قد يحدد بوقت وقد يحدد بحياة العبد وقد يطلق فيحمل على حياة العبد فتورث إلا أن يقوم دليل على أن المراد حياة الموصى له ( وإن حددها ) الموصي ( بزمن فكالمستأجر ) بفتح الجيم أي كالعبد المستأجر يورث ما بقي من زمنها ولسيده بيعه إن بقي من المدة كثلاثة أيام لا الجمعة ويجوز كسر الجيم فيفيد أن للموصى له أو وارثه إجازة ماله من الخدمة ( فإن قتل ) العبد ( فللوارث ) له ( القصاص ) من قتله إن كان القاتل عبدا ( أو القيمة ) ولا كلام للموصى له ; لأن حقه إنما كان في خدمته وقد سقطت بالقتل وشبه في كون الكلام لوارثه لا للموصى له قوله ( كأن جنى ) العبد على أحد فالكلام للوارث في إسلامه وفدائه وبطلت الخدمة ( إلا أن يفديه المخدم ) بالفتح أو وارثه ( أو الوارث ) له ( ف ) لا تبطل ، و ( تستمر ) لما حددت له في المسألتين والحاصل أن الكلام أولا للوارث له فإن أسلمه للمجني عليه بطلت ما لم يفده المخدم فإن فداه استمرت فإن تمت المدة قبل استيفاء ما فداه به فإن دفع له سيده بقية الفداء أخذه وإلا أسلمه له وإن لم يسلمه الوارث للمجني عليه استمرت خدمته أيضا لتمام المدة .

التالي السابق


( قوله وبنصيب ابنه أو مثله إلخ ) اعلم أنه إذا جمع بين مثل ونصيب فظاهر أن له الجميع كما قاله المصنف وأما إن حذف مثل واقتصر على نصيب فقال ابن مرزوق لم أر ما للمصنف فيها إلا عند ابن الحاجب وابن شاس تبعا لوجيز الغزالي والذي صرح به اللخمي فيه أنه يجعل الموصى له زائدا وتكون التركة بينه وبين الابن نصفين اتفاقا وقد نقل ابن عرفة كلام اللخمي ا هـ بن ( قوله فالجميع ) أي بشرط أن يكون الابن موجودا وأن يكون معينا أي كونه ذكرا كما هو لفظه أو أنثى كما لو نطق بها وعدم قيام مانع به فخرج بالموجود وصيته بنصيب أو بمثل نصيب ابنه ولا ابن له فتبطل إلا أن يقول لو كان موجودا أو يحدث له بعد الوصية وقبل الموت ، وخرج بالمعين ما لو قال أوصيت له بنصيب أو بمثل نصيب أحد ورثتي ولم يعينه وكان له ورثة يختلف إرثهم ، فسيذكره بقوله وبنصيب أحد ورثته إلخ وخرج بالقيد الثالث من قام به مانع فتبطل الوصية إلا أن يقول أوصيت له بنصيب ابني لو كان يرث فيعطى نصيبه حينئذ .

( قوله إن انفرد الابن ) أي عن ابن آخر ولم يكن هناك صاحب فرض وقوله أو الباقي بعد ذوي الفروض أي إن انفرد الابن وأجاز الوصية وكان معه صاحب فرض .

( قوله أو نصف المال ) أي إن لم يكن هناك صاحب فرض وقوله أو نصف الباقي أي إن كان هناك صاحب فرض .

( قوله لكان كرابع مع الذكور ) أي إذا كانت الوصية لذكر ( قوله أي على مماثله ) أي فإن كان الموصى له ذكرا قدر ذكرا زائدا [ ص: 447 ] على الأولاد الذكور وإن كان أنثى قدر زائدا على الأولاد الإناث فلو كان الموصى له خنثى مشكلا فالظاهر أنه يعطى نصف نصيبي ذكر وأنثى كما نقله شيخ شيخنا الشيخ عبد الله المغربي عن شيخه سيدي محمد الزرقاني .

( قوله وبنصيب أحد ورثته ) أي وكان له ورثة ولو مختلفا إرثهم وكذا بنصيب أحد بنيه إذا كان له أولاد ولو مختلفا إرثهم قال ح واختلف إذا أوصى بنصيب أحد بنيه وترك رجالا ونساء على أربعة أقوال الأول قول مالك يقسم المال على عدد رءوسهم الذكر والأنثى فيه سواء ويعطى حظ واحد منهم ثم يقسم ما بقي على فرائض الله ثم ذكر بقية الأقوال ثم قال والمعتمد الأول لكونه مذهب المدونة ا هـ وهو يفيد أنه لا فرق بين أحد ورثتي وأحد بني خلافا لما ذكره عج من الفرق بينهما قائلا إنه يعطى في أحد بنيه حظ واحد من بنيه سواء كان مع بنيه أنثى فأكثر أم لا ، وهو غير صواب والصواب ما في ح فإنه تكلم في المدونة على المسألتين وأفاد أن حكمهما واحد انظر بن .

( قوله أي فيحاسبهم بجزء ) وذلك بأن يقسم المال على عدد رءوسهم الذكر والأنثى فيه سواء ويعطى حظا من ذلك ثم يقسم الباقي على فرائض الله أما إن لم يترك إلا ابنا واحدا فهو قوله وبنصيب ابنه .

( قوله رءوسهم ) أي الورثة فقط وسواء كانوا كلهم عصبة أو كلهم أصحاب فروض أو كان بعضهم عصبة وبعضهم أصحاب فروض .

( قوله ولا نظر لما يستحقه كل وارث ) أي وإنما ينظر لعدد الرءوس في حد ذاتها من غير جعل الذكر برأسين ولو حذف رءوسهم كان أولى وعند الشافعي له مثل نصيب أقلهم ; لأنه المحقق .

( قوله ثم يقسم إلخ ) أي ثم بعد أخذه الجزء من عدد رءوسهم يقسم إلخ وذلك بأن يجعل للورثة مسألة ويقسم ذلك الباقي عليها وهو تارة يباينها أو يوافقها ويحتاج ذلك لعمل مذكور في كتب الفرائض .

( قوله فبسهم من أصل فريضته ) هذا ظاهر إن كان له فريضة فإن لم يكن له فريضة بأن لم يكن له وارث حين الموت فهل له سهم من ستة وهو قول ابن القاسم ; لأنه أقل عدد يخرج منه الفرائض المقدرة لأهل النسب ; لأن الستة مخرج للسدس وهو أقل سهم مفروض لأهل النسب ، أو من ثمانية وهو قول أشهب ; لأنها مخرج أقل السهام التي فرضها الله واستقر به ابن عبد السلام .

( قوله فله جزء من سبعة وعشرين ) أي ثم تقسم الستة والعشرون على الورثة بأن يجعل للورثة مسألة مستقلة وتقسم الستة والعشرون عليها وهي تارة تباينها وتارة تواقفها ويحتاج لعمل مذكور في كتب الفرائض .

( قوله ولا ينظر إلخ ) هذا راجع لقول المصنف فبسهم من فريضته أي أن الموصى له بجزء من ماله أو بسهم منه يحاسب بسهم من أصل فريضة الميت سواء صحت من أصلها أم لا ولا ينظر لما تصح منه إن انكسرت ولم تصح من أصلها كما هو قول ابن القاسم خلافا للعوفي والتلمساني حيث قالا يحاسب بجزء من أصل الفريضة إن صحت من أصلها ولو عائلة وإلا فله جزء مما تصح منه ( قوله مثله ) أي كما هو الموافق للغة وقوله أو مثليه أي كما هو العرف والعرف يقدم على اللغة في الوصايا ( قوله تردد لابن القصار ولشيخه ) الأول لشيخه والثاني لابن القصار .

( قوله أو معه أم وزوجة ) أي أو إحداهما أو أب فقط أو أب وأم أو أب وزوجة أو أب وأم وزوجة فكل من وجد مع ذلك الابن فهو بمنزلة ابن ثان فإذا كان له ابن واحد ومعه أم الميت أو أبوه فعلى القول الأول يعطى نصيب الابن فقط وهو الباقي بعد ذوي الفروض وعلى الثاني يعطى جميع المتروك ; لأن جميع من وجد مع الابن بمنزلة ابن ثان والابن ومن معه يأخذان المال كله وقد قلنا إنه يعطى مثلي نصيب الابن ، ومثلا نصيب الابن هو المال كله .

( قوله فيعطى نصف المال المتروك ) أي إذا تعدد الابن حقيقة ويجعل الباقي تركة يقسم على الولدين وقوله أو الباقي بعد ذوي الفروض أي ويعطى الباقي بعد ذوي الفروض أي إذا [ ص: 448 ] تعدد الابن حكما بأن كان معه ذو فرض ثم بعد أن يأخذ الموصى له ذلك يجعل الباقي نفس التركة ويقسم على مسألة الورثة .

( قوله بشرط الإجازة ) راجع لأخذه نصف المتروك أو الباقي على القول الأول وأخذه جميع المتروك على القول الثاني فإن لم تكن إجازة فليس له إلا الثلث على كل من القولين .

( قوله إن أجاز ) أي وإلا فثلث المال فقط .

( قوله وبمنافع ) عطف على منفعة معين وقوله ورثت جواب الشرط المأخوذ من العطف وحاصله أنه إذا أوصى بخدمة عبده من عبيده لفلان ولم يحددها بزمن بدليل ما بعده بل حددها بحياة العبد أو أطلق فإنه يخدمه طول حياته وإن مات الموصى له فإن ورثته يرثونها بعده ; لأن الموصي لما لم يحددها علم أنه أراد خدمته حياة العبد .

( قوله قد يحدد بوقت ) أي وسيأتي الكلام عليه .

( قوله على أن المراد ) أي مراد الموصي .

( قوله وإن حددها بزمن ) أي وقبضه الموصى له ومات .

( قوله ولسيده ) أي وهو وارث الموصي بالكسر .

( قوله ويجوز كسر الجيم ) أي فوارث الموصى له أي كالشخص المستأجر .

( قوله فإن قتل العبد ) أي الموصى بمنافعه لزيد سنين معينة أو حياة زيد الموصى له .

( قوله فللوارث له ) أي فلمن ورث ذلك العبد من سيده ( قوله أو القيمة ) أي إن كان القاتل حرا وقوله فللوارث القصاص أو القيمة وله العفو مجانا فشق التخيير الثاني محذوف للعلم به .

( قوله فالكلام للوارث ) أي لوارث سيده الموصي وقوله في إسلامه أو فدائه أي فإن فداه استمرت الخدمة على ما كانت عليه قبل الجناية وإن أسلمه خير المخدم أو وارثه بين إمضاء ما فعله وارث الموصي ويبطل حقهم في الخدمة أو يفدونه وتستمر الخدمة إلى موت العبد في المطلقة وإلى آخر المدة المقيدة ( قوله وبطلت الخدمة ) أي إذا أسلمه الوارث لأرباب الجناية أي والحال أن المخدم أو وارثه رضي بذلك الإسلام ( قوله إلا أن يفديه المخدم بالفتح أو وارثه ) أي فليس لوارث سيده حينئذ إسلامه ولا تبطل الخدمة وتستمر .

( قوله أو الوارث له ) أي للسيد وكان الأولى حمله على وارث المخدم لئلا يكون فيه ركة مع ما حل به قوله كأن جنى .

( قوله إن الكلام أولا للوارث ) أي وارث الموصي بالكسر ( قوله فإن فداه استمرت ) أي الخدمة لموت العبد في المطلقة وإلى آخر المدة في المقيدة .

( قوله قبل استيفاء ما فداه ) أي قبل أن يستوفي المخدم أو وارثه من الخدمة قدر ما فداه به .

( قوله بقية الفداء ) الصواب حذف لفظ بقية والذي في المدونة فإن تمت خدمته فإن دفع له سيده ما فداه به أخذه وإلا أسلمه رقا ا هـ بن ولا فرق بين كونها تمت قبل استيفاء ما فداه به أو بعد استيفائه كما هو ظاهرها ا هـ أمير .

( قوله وإن لم يسلمه الوارث ) أي وارث سيده الموصي وهذا مقابل لقوله وإن أسلمه للمجني عليه




الخدمات العلمية