الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( ووقف ) ( القسم ) للتركة بين الورثة وفيهم حمل من زوجة ولو أخا لأم أو أمة ( للحمل ) أي إلى وضع الحمل أو لأجل الحمل للشك هل يوجد من الحمل وارث أو لا وعلى وجوده هل هو متحد أو متعدد وعليهما هل هو ذكر أو أنثى أو مختلف ولم يعجل القسم للوارث المحقق هنا ويؤخر المشكوك فيه للوضع كما فعلوا في المفقود كما يأتي لقصر مدة الحمل غالبا فيظن فيها عدم تغير التركة بخلاف المفقود فلطولها يظن تغير التركة لو وقفت كما قال ابن مرزوق ( و ) وقف ( مال المفقود ) الذي لم يعلم له موضع ولا حياة ( للحكم ) من الحاكم بالفعل ( بموته ) بعد زمن التعمير وتقدم تقديره في باب المفقود هل هو سبعون سنة أو خمس وسبعون أو ثمانون . ولما تكلم على الإرث منه تكلم على إرثه هو من مورثه أو إرث شركائه فيه فقال ( وإن ) ( مات مورثه ) أي من يرث منه المفقود ( قدر ) المفقود ( حيا ) بالنسبة لإرث بقية الورثة فتمنع الأخت من الإرث وتنقص الأم في مثال المصنف ( و ) قدر أيضا ( ميتا ) فلا تمنع الأخت وتزاد الأم وينقص الزوج للعول وأعطي الوارث غير المفقود أقل نصيبه ( ووقف المشكوك فيه ) وهو نصيب المفقود وما اختلف فيه حاله من نصيب غيره فإن ثبتت حياته أو موته ببينة فالأمر واضح [ ص: 488 ] وإن لم يثبت ذلك ( فإن مضت مدة التعمير فكالمجهول ) أي فالمفقود كمن جهل تأخر موته أي فلا إرث له وترثه أحياء ورثته ، وأما فائدة الوقف فلرجاء حياته .

ومثل ذلك بقوله ( فذات زوج ) ماتت عنه ( و ) عن ( أم وأخت ) شقيقة أو لأب ( وأب مفقود فعلى ) تقدير ( حياته ) حين موت الزوجة وهي بنت المفقود فالمسألة ( من ستة ) أحد الغراوين لزوجها النصف ثلاثة وللأم ثلث ما بقي سهم هو السدس وللأب الباقي سهمان ولا شيء للأخت لحجبها بالأب ( و ) على تقدير ( موته ) أي الأب المفقود قبل موت الزوجة ( كذلك ) المسألة من ستة للزوج ثلاثة وللأخت ثلاثة ( وتعول ) من أجل ثلث الأم ( لثمانية ) والفريضتان متفقتان بالنصف ( و ) لذلك ( تضرب الوفق ) من أحدهما ( في الكل ) من الآخر ( بأربعة وعشرين ) ثم تقول من له شيء من الأولى أخذه مضروبا في وفق الثانية ومن له شيء من الثانية أخذه مضروبا في وفق الأولى .

فمن له شيء من الستة أخذه مضروبا في أربعة ومن له شيء من الثمانية أخذه مضروبا في ثلاثة ثم يعطى الأقل ; لأنه المحقق ويوقف الباقي كما قال المصنف فعلى موت الأب ( للزوج تسعة ) من ضرب ثلاثة في ثلاثة من الأربعة والعشرين والتسعة هي المحققة له ; لأنه على حياة الأب له اثنا عشر ; لأن له النصف كاملا حينئذ وعلى موته له تسعة ; لأن له النصف عائلا حينئذ فحظه في حياة الأب أكثر من حظه في موته ( وللأم أربعة ) ثلث الباقي وهو في الحقيقة السدس وهذا على تقدير حياة الأب ; لأن لها في غير العائلة أقل من العائلة فتأخذ المحقق لها وهو أربعة ( ووقف الباقي ) من الأربعة والعشرين وهو أحد عشر ثلاثة من حصة الزوج وثمانية للأب ( فإن ظهر أنه حي ) بعد موت بنته ( فللزوج ثلاثة ) من الموقوف مضافة للتسعة التي بيده ليتم له النصف كاملا ( وللأب ثمانية ) وهي تمام الأحد عشر الموقوفة ولا شيء للأخت لحجبها بالأب .

( أو ) ظهر ( موته ) قبل موت ابنته ( أو مضي مدة التعمير ) ولم تظهر له حياة ولا موت ( فللأخت ) من الموقوف ( تسعة ) كالزوج هي النصف عائلا ( وللأم اثنان ) تضم إلى الأربعة التي أخذتها أو لإتمام الربع الذي عالت المسألة به على تقدير موت الأب لأجل ثلث الأم كما تقدم والاثنان ربع بالنسبة للثمانية ، وأما الزوج فقد أخذ ما يخصه على هذا التقدير وهو تسعة .

التالي السابق


( قوله : ووقف القسم للحمل ) هذا شروع من المصنف في مسائل الإشكال ، وهي ثلاثة ; لأنه إما بسبب احتمال الذكورة والأنوثة ، وهي مسألة الخنثى الآتية ، وإما بسبب احتمال الحياة والموت ، وهي مسألة المفقود ، وإما أن يكون بسبب احتمالهما ، وهي مسألة الحمل هذه وقوله بين الورثة أي ، وكذا بين أصحاب الوصايا فلا فرق في وقف القسم بين نصيب الورثة والوصايا ، وما ذكره المصنف من وقف القسم هو المشهور من المذهب وقال أشهب يتعجل أدنى السهمين ، وهو القدر الذي لا شك فيه فيعطي أحد الزوجين أو الأبوين أدنى سهميه فإذا مات عن زوجة حامل وعن أبوين فالمسألة من أربعة وعشرين يعجل للزوجة الثمن ثلاثة ، ولكل من الأبوين السدس أربعة ويوقف ثلاثة عشر للوضع فإن وضعت أنثى أخذت من الموقوف اثني عشر ورد الواحد الباقي للأب تعصيبا ، وإن وضعت ذكرا أخذ الثلاثة عشر الموقوفة كلها ، وإن مات الحمل رد للزوجة من الموقوف ثلاثة تكملة الربع ورد للأم أربعة تكملة الثلث ورد للأب ستة ، ورد ذلك القول ; لأنه يحتمل تلف التركة قبل الوضع فتأخذ الزوجة مثلا دون غيرها ، وهو ظلم ، ولا يمكن الرجوع عليها بما أخذته ; لأنها تقول أخذته بوجه جائز .

( قوله : وفيهم حمل ) أي يرث الميت ، ولو احتمالا كان الحمل من زوجة الميت أو من أمته أو من زوجة أخيه أو من أمته أو من زوجة الابن المنتسب لهذا الميت أو من أمته أو كان من أمه إن لم يكن هناك من يحجب ذلك الحمل فقوله من زوجة أي كان ذلك الحمل من زوجة أو من أمه بل ، ولو كان من أم الميت بأن كان أخاه لأمه ( قوله : كما فعلوا في المفقود ) أي إذا مات مورثه ( قوله : فيظن فيها عدم تغير التركة ) أي لو وقفت فلذا أخر القسم لوضع الحمل فلو تعدى الورثة وقسموا ، وأبقوا للحمل أوفر الحظين ثم هلك ما أبقوه له رجع على المليء منهم ثم المليء يتبع المعدم ، ولو هلك مالهم لم يرجعوا عليه ، ولو نما مالهم رجع فيه دون العكس انظر طفى ( قوله : فلطولها يظن إلخ ) أي فلذا عجل القسم للوارث المحقق ( قوله : ووقف مال المفقود ) أي وحينئذ فلا يورث ( قوله : للحكم من الحاكم بالفعل ) أي ، ولا يكفي مضي مدة التعمير من غير حكم للخلاف فيها حتى إن من مات من ورثة المفقود بعد مضيها وقبل الحكم فلا شيء له من مال المفقود كما أفتى به المازري وغيره انظر بن ومحل الاحتياج في إرث ماله للحكم ما لم يثبت موته ببينة أو يمضي له من الزمان مائة وعشرون سنة من ولادته ، وإلا ورث ماله ، ولا يحتاج لحكم كما قاله شيخنا .

( قوله : بعد زمن التعمير ) أي بعد مضي زمن التعمير من ولادته ( قوله : أو إرث شركائه فيه ) أي في ذلك المورث ( قوله : وتنقص الأم ) أي ويحصل للزوج زيادة ( قوله : وأعطي الوارث ) عطف على قول المصنف قدر حيا وميتا ( قوله : وما اختلف فيه حاله ) أي بحياة المفقود [ ص: 488 ] وموته ، وهو ما زاد على أقل النصيبين ( قوله : وإن لم يثبت ذلك ) أي ببينة واستمر المال موقوفا ( قوله : فإن مضت مدة التعمير ) أي وحكم الحاكم بموته فلا بد من الأمرين ( قوله : فلا إرث له ) أي من مورثه ، ولو كان الحكم بموت ذلك المفقود بعد موت ذلك المورث بسنين ( قوله : وترثه أحياء ورثته ) أي وترث ذلك المورث أحياء ورثته غير المفقود ( قوله : والفريضتان ) أي فريضة حياة الأب المفقود ، وهي ستة وفريضة موته وهي ثمانية ( قوله : من أحدهما ) فإما أن يضرب أربعة في ستة أو ثلاثة في ثمانية ( قوله : في وفق الثانية ) أي ، وهو أربعة ( قوله : في وفق الأولى ) أي ، وهو ثلاثة ( قوله : للزوج تسعة ) أي تعجل له ، وكذا يقال فيما بعده ، وهو الأم وحاصله أن للزوج في مسألة الموت ثلاثة تضرب في ثلاثة وفق مسألة الحياة بتسعة ، وله من مسألة الحياة ثلاثة تضرب في وفق مسألة الموت ، وهو أربعة باثني عشر فيعطى أقل النصيبين ، وهو تسعة ويوقف له ثلاثة ( قوله : من ضرب ثلاثة ) أي حاصله له من مسألة الموت في ثلاثة وفق مسألة الحياة .

( قوله : لأنه على حياة الأب له اثنا عشر ) ; لأن له من مسألة الحياة ثلاثة تضرب في وفق مسألة الموت ، وهو أربعة باثني عشر ( قوله : وهذا على تقدير حياة الأب ) أي ; لأن لها في مسألة حياته واحدا يضرب في وفق مسألة موته ، وهو أربعة بأربعة ، وأما على تقدير موته فلها ستة ; لأن لها في مسألة موته اثنين يضربان في وفق مسألة حياته ، وهو ثلاثة بستة فتعطى أقل النصيبين ، وهو أربعة ويوقف لها اثنان ( قوله : ثلاثة من حصة الزوج إلخ ) الأولى ، وهي إما ثلاثة من حصة الزوج وثمانية الأب ، وأما اثنان من حصة الأم وتسعة الأخت تأمل .

( قوله : ولا شيء للأخت لحجبها بالأب ) أي ، ولا شيء للأم سوى الأربعة التي أخذتها أو لا ; لأنه لا عول في المسألة على تقدير حياته كما مر ( قوله : أو مضي مدة التعمير ) أي أو لم تظهر حياته ، ولا موته ، ولكن حكم الحاكم بموته بعد مضي مدة التعمير وقوله أو مضي إلخ يصح قراءته فعلا عطفا على فعل الشرط ومصدرا عطفا على فاعل ظهر أي ظهر مضي مدة التعمير وحكم الحاكم بموته




الخدمات العلمية