الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وتقريد بعيره )

                                                                                                                            ش : أي إذا أزال عنه القراد فيطعم حفنة من طعام بيد واحدة كما قال الشارح وقال في [ ص: 164 ] التوضيح : تقريد البعير هو إزالة القراد عنه ، وظاهر قول المصنف يعني ابن الحاجب أن القولين في مجرد التقريد ابن عبد السلام الذي حكاه غيره أن القولين إنما هما فيما إذا قتل القراد انتهى . ونقله ابن فرحون والشارح في الكبير وقبلوه ، وصرح به في الشامل فقال : وله طرح برغوث ، ولا شيء عليه في قتله ، وقيل يطعم كقتل النمل والعلق والوزغة وإن لدغته وقراد بعير ونحوه على المشهور لا طرح ذلك انتهى .

                                                                                                                            ( قلت ) : وقد نص في المدونة على أنه يطعم في طرح القراد والحمنان عن بعيره وقال مالك : وإن طرح المحرم عن نفسه الحلمة ، أو القراد ، أو الحمنان ، أو البرغوث ، أو طرح العلقة عن بعيره ، أو دابته ، أو دابة غيره ، أو عن نفسه فلا شيء عليه ، وأما إن طرح الحمنان والقراد عن بعيره ، فليطعم انتهى .

                                                                                                                            قال سند : الهوام على ضربين : ضرب يختص بالأجسام ومنها يعيش ، فلا يقتله المحرم ولا يميطه عن الجسد المختص به إلى غيره ، فإن قتله أطعم وكذا إذا طرحه . وضرب لا يختص بالأجسام كالنمل والذر والدود وشبهه ، فإن قتله افتدى ، وإن طرحه فلا شيء عليه إذ طرحه كتركه ، وعلى هذا تخرج مسائل هذا الباب ، فالحلمة والقراد والحمنان جنس واحد ليس هو من هوام الآدمي ، وإنما هو من هوام الدواب يسمى صغيرا قمنانا فإذا كبر قليلا قيل حمنان ، فإذا زاد قيل قراد ، فإذا تناهى قيل حلمة فهذا يطرحه المحرم عن نفسه لا يختلف فيه ، وهل يطرحه عن بعيره ؟ يختلف فيه انتهى مختصرا والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( أو ظفر )

                                                                                                                            ش : يعني أن الظفر الواحد إن أماط عنه أذى لزمته فدية كاملة نص عليه في المدونة قال سند : ولم يبين ابن القاسم ما هو إماطة الأذى وجعله الباجي على ضربين : أحدهما : أن يقلق من طول ظفره فيقلمه ، فهذا أماط عنه أذى معتادا ، والثاني : أن يريد مداواة قرح بأصبعه ، وقد لا يتمكن إلا بذلك ، فهذا أماط به أذى إذ لا يختص بأظفاره فراعى ابن القاسم في كمال الفدية إماطة الأذى فقط ; لأنها في نص القرآن منوطة بذلك في قوله { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية } انتهى .

                                                                                                                            والوجه الأول ذكره الباجي أيضا ، وأشار إليه في التوضيح والثاني هو نص المدونة ، وعزاه في التوضيح وابن عبد السلام لها وقال ابن عبد السلام عقب نقله نص المدونة ، وانظر إذا كان ذلك في اليسير انتهى .

                                                                                                                            وقال التادلي الباجي إماطة الأذى على ثلاثة ، أوجه أحدها أن يزيل عن نفسه خشونة طول أظفاره وجفاءها ، وهذا في الأغلب إنما يكون بتقليم جميع أظفاره ، أو أكثرها ، ثم ذكر الوجهين المتقدمين ، وانظر هذا الوجه الذي ذكره ، فإن الذي يظهر أنه لا فرق بينه وبين الوجه الأول من الوجهين اللذين نقلهما سند إلا أن يريد أن إزالته ليست لأجل قلق يحصل له منه ، وإنما أراد بإزالته الترفه فقط ، فتأمل والله أعلم . وعارض أبو الحسن بين هذه وبين مسألة تقليم الظفر المنكسر ، وقد تقدم الجواب عن ذلك عند قول المصنف : وتقليم ظفر إن كسر وتحصل من كلام المصنف أن الظفر على ثلاثة أقسام إن انكسر ، فقلمه ، فلا شيء فيه ، وإن أماط به أذى ، ففيه فدية كاملة ، وإن قلمه لغير ذلك ، فحفنة والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( ومجرد حمام على المختار )

                                                                                                                            ش : المراد بمجرد الحمام صب الماء الحار دون ترك ، ولا إزالة وسخ لا مجرد دخوله من غير غسل بل للتدفي ، فإنه جائز قاله في التوضيح .

                                                                                                                            ص ( واتحدت إن ظن الإباحة )

                                                                                                                            ش : ظن الإباحة يتصور فيمن اعتقد أنه خرج من إحرامه قال سند : كالذي يطوف على غير وضوء في عمرته ، ثم يسعى ويحل ، وكذا من يعتقد رفض إحرامه واستباحة موانعه قال : في باب تداخل الفدية ومنه من أفسد [ ص: 165 ] إحرامه بالوطء ، ثم فعل موجبات الفدية متأولا أن الإحرام تسقط حرمته بالفساد ، أو جاهلا ، فإنها تتحد قاله ابن الحاجب ( قلت ) : ولم أر من ذكر من صور ذلك من ظن أن الإحرام لا يمنعه من محرماته ، أو أنه يمنعه من بعضها ، وقد حمل الشارح والبساطي كلام المصنف على هذا ، فتأمله والله أعلم .

                                                                                                                            ( فرع ) : مما تتحد فيه الفدية إذا كانت نيته يفعل جميع ما يحتاج إليه من واجبات الفدية قاله اللخمي ، ونقله المصنف في المناسك .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية