الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( ولدخول غير حائض مكة بذي طوى ، وللوقوف )

                                                                                                                            ش : وهو معطوف على قوله : للحليفي ، وكذا قوله : للوقوف ، والمعنى : أن غسل دخول مكة مستحب ، وكذلك الوقوف ، قال في الطراز : والغسل عند مالك في الحج في ثلاثة مواضع ، قال في المدونة : يغتسل المحرم لإحرامه ولدخول مكة ولرواحه إلى الصلاة بعرفة ثم قال ورتبة هذه الاغتسالات مختلفة قال مالك : عند محمد غسل الإحرام أوجبها ، وهو بين ، فإن الإحرام يترتب عليه سائر المناسك فالغسل له أفضل من الغسل لبعضها لتعلقه بجميعها فالغسل له سنة ، ولغيره فضيلة انتهى .

                                                                                                                            وقال أبو إسحاق التونسي : وغسل دخول مكة ووقوف عرفة مستحب ، ولا يتدلك فيه ، ولكن يصب على نفسه الماء صبا انتهى .

                                                                                                                            وقال قبله : والغسل للإحرام يتدلك فيه ، وقال في الرسالة : والغسل لدخول مكة مستحب لكنه قال في غسل عرفة : إنه سنة ، وقيل : الاغتسالات كلها سنة ، وقيل : كلها مستحبة حكى القولين الآخرين الجزولي في الكبير والشيخ يوسف بن عمر [ ص: 104 ] وقول المصنف : ( غير حائض ) يعني به أن الغسل لدخول مكة لا يستحب للحائض يريد ، ولا للنفساء ; لأن الغسل في الحقيقة لما هو للطواف ، وهذا هو المشهور ولذلك لو دخل من غير غسل أمر بالغسل بعد دخوله ، وإذا اغتسل لدخوله اكتفى به عن الغسل للطواف ، وقيل : إن الغسل لدخول مكة فغسل الحائض والنفساء لا يجتزأ به عن الغسل للطواف نقل القولين في ذلك ابن فرحون وغيره ، ونص كلام ابن فرحون في شرحه : اختلف في الغسل لدخول مكة فقيل : هو للطواف ، وقيل : هو لدخول مكة فعلى أنه للطواف لا تغتسل الحائض لدخول مكة ويجزي الرجل للدخول وللطواف ، وإليه ذهب الباجي ، وعلى أنه لدخول مكة فتغتسل الحائض والنفساء بذي طوى ، وهو مروي عن مالك ، ولا يجتزأ على هذا القول بالغسل لدخول مكة عن الغسل للطواف انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن عبد السلام بعد ذكره القول الأول : إنه في الحقيقة إنما هو للطواف ، وهو أكثر نصوصهم ، وروي عن مالك أن الحائض والنفساء يغتسلان لدخول مكة انتهى .

                                                                                                                            ( فرع ) : ويطلب في الغسل لدخول مكة أن يكون متصلا بالدخول ، فلو اغتسل ثم بات خارج مكة لم يكتف بذلك ، قال سند : والاغتسال لدخول مكة يستحب قبل دخولها ليكون طوافه متصلا بقدومه ، فإن أخره واغتسل بعد دخوله فواسع قال مالك عند محمد : ولا يكون غسله قبل دخوله إلا بقرب الدخول ثم قال في أثناء كلامه : إذا ثبت أن الغسل للإحرام وجب أن يكون متصلا به أو في حكم المتصل فكذلك الغسل لدخول مكة لا يغتسل اليوم ويبيت بظاهرها ثم يدخل من غده انتهى .

                                                                                                                            ويؤمر به كل من يريد الطواف ، قال سند : قال مالك : لا يغتسل النساء والصبيان لدخول مكة وقوله : بطوى يعني به أن المطلوب لغسل مكة أن يكون بقرب مكة قبل دخولها ليكون طوافه متصلا بدخوله ، وقال بعض المالكية في مناسكه : ولو اغتسل قبل ذي طوى بالقرب أجزأه وذو طوى تقدم ضبطه وتفسيره عند قول المصنف : وعدم إقامة بمكة أو ذي طوى ( فرع ) : قال سند من أتى مكة من جهة أخرى اغتسل بقربها ، قال : وواسع لمن اغتسل لإحرامه من التنعيم في ترك الغسل لدخول مكة انتهى .

                                                                                                                            وانظر لو اغتسل لإحرامه من التنعيم في مكة والظاهر أنه يكفيه ( فرع ) : ولا يتدلك في غسل دخول مكة ، ولا في غسل عرفة بل يكتفي بصب الماء على ما قاله أكثر الشيوخ ، وقد تقدم ذلك في كلام أبي إسحاق ومع إمرار اليد على ما قاله المصنف في مناسكه تبعا لما قاله ابن عطاء الله وأشار إليه ابن معلى ويطلب أيضا في غسل عرفة الاتصال ، فلو اغتسل في أول النهار لم يجزه قال في الطراز في أثناء كلامه على حكم الاغتسال بالمدينة : فمن اغتسل غدوة ، وراح عشاء لم يتصل رواحه بغسله فلم يجزه ، كما لو اغتسل صبيحة يوم عرفة لوقوفه بعد الزوال انتهى .

                                                                                                                            قال ابن فرحون في شرحه : ويستحب تقديمه على الصلاة انتهى .

                                                                                                                            وقال في الرسالة : ولينظر قبل رواحه انتهى .

                                                                                                                            وقال في شرح العمدة : ووقته قبل الزوال ; لأن المقصود به الوقوف ، وإنما يقدم على الصلاة ; لأنه يعقب الصلاة بالوقوف انتهى .

                                                                                                                            ويطلب به كل من وقف بعرفة حتى الحائض والنفساء قاله سند والتادلي ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية