ص ( وباستحقاق بعضه أو عيبه قبل الأجل )
ش : قال في المدونة : ومن بينا أو زائفا لا يجوز أو استحقت من يده فقام عليه بعد الأجل فهو حانث ، انتهى . حلف ليقضين فلانا حقه إلى أجل فقضاه إياه ، ثم وجد فيه صاحب الحق درهما نحاسا أو رصاصا أو ناقصا
. قال في التوضيح : لا إشكال في الحنث إذا كان الدافع عالما بذلك حين القضاء ، وأما إن لم يعلم ففي المدونة يحنث قال المصنف يعني وهو مشكل [ ص: 306 ] لأن القصد أن لا يماطل ، وقد فعل ابن الحاجب اللخمي الحنث على مراعاة الألفاظ ، ولا يحنث على القول الآخر ; لأن قصده أن لا يلد ، انتهى .
وما ذكره عن المدونة ليس هو صريحا فيها كما تقدم لكنه ظاهرها كما قال ابن رشد في شرح أول مسألة من كتاب النذور من العتبية . قال فيها في قال عبد مملوك حلف لغريم له ليقضينه إلى عشرة أيام ، فلما مضت تسعة خاف الحنث فعمد إلى غريم لسيده فتقاضى منه بغير إذن سيده فقضى غريمه ، فلما علم سيده أنكر ذلك وأخذ من الغريم ما قضاه الغلام أراه حانثا . وكذلك لو سرقها فقضاه إياها حانثا قيل : أرأيت لو أجاز السيد بعد العشرة الأيام . قال : ما أرى من أمر بين . قال مالك ابن القاسم أراه في هذا حانثا حين لم يجز قبل أن ينقضي الأجل ; لأنه لو شاء أن يأخذ ما أعطاه عبده من ماله أخذه ، فإنما وقع القضاء بعد الأجل قال ابن رشد إن علم السيد قبل العشرة الأيام فأجاز بر العبد ، فإن لم يجز وأخذ حقه حنث إلا أن يقضي غريمه ثانية قبل العشرة الأيام ولا اختلاف في هذا ، وإن علم بعد العشرة الأيام فثلاثة أقوال : أحدها قول ابن القاسم إن العبد حانث أجاز السيد أو لم يجز ، وهو ظاهر ما في المدونة إذا لم يفرق بين أن يأخذ المستحق ما استحق أو لا يأخذه ، وظاهر ما في نوازل سحنون .
والثاني أنه إن أجاز السيد وإلا حنث . لابن كنانة
والثالث لا حنث على العبد أجاز السيد أو لم يجز ; لأن الأجل ما مضى إلا وقد اقتضى الغريم حقه ودخل في ضمانه ، ولو تلف كانت مصيبته منه ، وهو قول في سماع أشهب ، وقول أصبغ ابن القاسم أولى الأقوال بالصواب ; لأن الحنث يدخل بأقل الوجوه ، انتهى .
وجزم اللخمي بنسبة القول الأول للمدونة قال : إن كان عالما حنث ويختلف إن لم يعلم ، فقال في المدونة : يحنث ، ثم قال : واختلف إذا لم يأخذها المستحق ، فقال لا يحنث . ابن كنانة
وقال ابن القاسم يحنث ، انتهى . قال في التوضيح : صرح ابن بشير بالاتفاق على الحنث إذا لم يجز المستحق ، وفيه نظر فقد ذكر في البيان ثالثا أنه لا يحنث ، وإن لم يجز المستحق ، انتهى . وقد تقدم نص كلام البيان المشار إليه .
( تنبيه ) قال في التوضيح : قيل : وإنما يحنث إذا على عين الدراهم والدنانير على القول بأنها تتعين . استحق العين بعد الأجل إذا قامت البينة
وأما على القول بأنها لا تتعين أو لم تقم بينة ، فلا حنث عليه مطلقا ، انتهى . وما حكاه بقيل جزم به صاحب البيان ونصه إثر كلامه المتقدم : وهذا الاختلاف كله إنما هو إذا قامت البينة على الدينار بعينه عند الغريم أنه هو الذي سرقه العبد أو اقتضاه من غريم سيده فقضاه إياه على القول بأن الدنانير تتعين .
وأما إن لم تقم بينة أو قامت عليه بينة على القول بأنها لا تتعين ، وهو قول وأحد قولي أشهب ابن القاسم في المدونة ، فلا يكون للسيد سبيل إلى غريم العبد ويرجع على عبده بالدنانير إن كان وكيلا له على الاقتضاء أو على غريم إن كان العبد متعديا في الاقتضاء ويبر العبد في يمينه ، انتهى .