( الرابع ) ، أو يكفي في ذلك تراضي الزوجين ، أو الزوج والولي ؟ والظاهر أنه لا يفتقر إلى حكم حاكم ، قال في النكاح الأول من المدونة في هل يفتقر فسخ النكاح الفاسد إلى حكم حاكم قال النكاح الذي عقده الأجنبي مع وجود الولي وأراد الولي فسخه ابن القاسم : وإذا أراد الولي أن يفرق بينهما فعند الإمام إلا أن يرضى الزوج بالفراق دونه انتهى ، وقال اللخمي : النكاح خمسة : صحيح لا خيار فيه ، وصحيح فيه خيار ولا خلاف فيه ، وصحيح فيه خيار مختلف فيه ، وفاسد مجمع عليه ، وفاسد مختلف فيه ، والفراق في الأول بطلاق .
والذي فيه الخيار ثلاثة أقسام : الأول ما كان الخيار فيه قبل تمام العقد كما لو كان له الخيار بين الإجازة والرد ، والرد فسخ بغير طلاق ; لأنه لم ينعقد نكاح ، الثاني : ما كان الخيار فيه بعد انعقاده لحق تقدم العقد كما إذا زوج رجل بغير أمره ، أو زوجت امرأة بغير أمرها وعلم المتعدى عليه بالقرب قال اطلع أحد الزوجين على عيب متقدم على العقد يوجب الرد فرد ابن القاسم : ذلك طلاق وقال الأبهري : إذا وجد الرجل المرأة مجنونة ، أو مجذومة أن الرد بغير طلاق ، وعلى هذا إذا كان العيب به وأرادت هي الفراق كان فسخا بغير طلاق فإذا قال ، أو قالت : رددت بالعيب وقعت الفرقة ، ولو قال : رددت بالعيب هي طالق لم يقع ; لأنه يقول : رددت في غير عصمة ، ولو قال : أنا راد بالعيب هي طالق ; لوقع الطلاق ومن هذا الأصل اختلف فيمن قال وكل من يزوجه بألف فزوجه بألفين فلم يرض ورد النكاح ابن القاسم : تكون فرقتهما طلاقا وذكر عن غيره أنه قال يفسخ بغير طلاق وكذلك إذا فقال تزوج العبد بغير إذن سيده فرد نكاحه مالك وابن القاسم : يكون طلاقا وعلى قول الأبهري يكون فسخا الثالث ما كان الخيار فيه لحق حدث بعد العقد كما إذا حدث بالزوج عيب بعد العقد يوجب الرد فذلك طلاق
وكذا إذا فذلك كله طلاق ; لأنه أمر حدث بعد العقد وصحته ويصح أن تكون الفرقة في النكاح الصحيح وإن كان بأمر طارئ فسخا كملك أحد الزوجين الآخر والرضاع ، ونكاح الأم على البنت وما أشبه ذلك واختلف في قامت المرأة بالفراق لعدم النفقة ، أو ; لأنه أضر بها ، أو عتقت الأمة وأرى أن ارتداده فسخ وارتدادها طلاق ; لأنه إذا ارتد كان كافرا والكافر لا طلاق عليه وإذا ارتدت وقع الطلاق ; لأنه مسلم [ ص: 448 ] واختلف في اللعان أيضا كذلك ويحتاج إلى هذا على القول بأنه إذا ارتداد أحد الزوجين هل هو فسخ ، أو طلاق له أن يتزوجها فترجع إليه على نكاح مبتدإ على القول بأنه فسخ وعلى القول بأنه طلاق ترجع على طلقتين انتهى وما ذكره في المرتد من أن ارتداده هل هو فسخ ، أو طلاق المشهور أنه طلاق كما سيأتي ، ثم قال إثر كلامه المتقدم فصل وإن كان الخيار مختلفا فيه كالتي كذب نفسه بعد اللعان فإنه طلاق وإن كان النكاح مجمعا على فساده ; كانت الفرقة فسخا سواء طلق بنفسه ، أو طلق عليه وإن كان مختلفا في فساده كان فيه قولان : قال تزوج بغير إذن وليها وكان الولي بالخيار في إجازته ورده فرده : مرة يكون فسخا وقال : مرة طلاقا وسواء كان الفساد من قبل العقد ، أو الصداق ، أو منهما جميعا انتهى من النكاح الأول مختصرا ، ونقله مالك الشيخ أبو الحسن وقال في النكاح الثاني : باب الحكم في الصداق إذا ، ولا صداق لها في النكاح الفاسد إذا فسخ قبل البناء إذا كان الفساد في الصداق وكذا إن كان الفساد في العقد وكان مجمعا على فساده ، وكذا إن كان مختلفا فيه وفسخ بحكم ، أو تفاسخاه وإن طلق قبل النظر فيه فمن لم يراع الخلاف ولا قول من رأى جوازه ; لم يجعل لها صداقا ولا ميراثا إن مات ويلزم من راعى الخلاف وجعل فيه الميراث وألزم الطلاق أن يجعل لها نصف تلك التسمية وقال طلق قبل البناء ، أو كان النكاح فاسدا في كتاب أشهب محمد فيمن كان فساده من قبل صداقه فمات قبل البناء : لها الصداق والميراث ولم يجعل لها شيء إن طلق قبل البناء انتهى .
ففي كلامه الأول أن المجمع عليه يكون فسخا وسواء وقعت الفرقة في الزوج باختياره ، أو فرق عليه جبرا وفي كلامه الثاني أن تفاسخهما يكفي في ذلك وهو الذي تقدم في كلام المدونة أنه لا يحتاج إلى الإمام إلا أن لا يرضى الزوج بالفراق فإذا كان النكاح مجمعا عليه وتراضيا على فسخه انفسخ وسواء فسخاه بلفظ الفسخ ، أو بلفظ الطلاق وهو فسخ بغير طلاق كما تقدم في كلام اللخمي ومن وقت المفاسخة تكون العدة كما يأتي في كلام التوضيح وابن عبد السلام ولا بد من إشهادهما على الفسخ لتشهد لهما البينة على ذلك إن رفعا إلى الحاكم بعد مضي زمن الاستبراء فإن امتنعا ، أو الزوج من الفسخ ; رفعاه إلى الحاكم ، وفسخه حينئذ الحاكم ، وإن كان مختلفا فيه ففسخه الزوج بطلاق ; فلا شك في لزومه كما تقدم في كلام اللخمي وإن طلق فيه ظانا أنه صحيح كفاه ذلك ولا تكون فيه رجعة كما سيأتي في باب الرجعة فإن أراد أن يجعله فسخا بغير طلاق بأن قال فسخته بغير طلاق ، أو تركنا هذا النكاح وما أشبه ذلك لزمه الفسخ وكان طلاقا على ظاهر ما قاله في باب الخلع والصلح من إرخاء الستور من المدونة إلا أن يقلدا من يقول بأنه فسخ بغير طلاق فله ذلك كما قال ابن عبد السلام : إنهما إذا قلدا من يرى صحة هذا النكاح ; فإنهما يقران عليه وتقدم كلامه منقولا من باب الخلع ونص كلام المدونة المشار إليه : وإن انكشف بعد الخلع أن بها جنونا ، أو جذاما ، أو برصا ; كان له ما أخذ وتم الخلع ; لأن له أن يقيم ولو تركها أيضا بغير الخلع لما غرته ; كان فسخا بغير طلاق انتهى بلفظه وكلام التوضيح وابن عبد السلام هو في باب العدة
قال : ويجب على الحرة عدة المطلقة من كل نكاح فاسد بعد الدخول من حين فرق بينهما قال في التوضيح : قوله من كل نكاح أي سواء كان مجمعا على فساده ، أو لا وهذا هو المشهور وهو مذهب المدونة ابن الحاجب اللخمي وقيل : يكفي في المتفق على فساده حقيقة وقوله بعد الدخول ظاهره ; لأنه إذا لم يجب على المطلقة قبل البناء في النكاح الصحيح شيء ; فأحرى الفاسد ، وقال : من حين فرق بينهما ; لأنه قد يتوهم أن النكاح المجمع على فساده لما كانت الفرقة فيه لا تحتاج إلى حكم حاكم كانت في كل وقت كالأجنبية فتكون العدة من آخر وطء وقوله : ثلاث حيض بدل من قوله عدة المطلقة ، أو عطف بيان انتهى .
ونحوه في [ ص: 449 ] ابن عبد السلام إلا أنه قال في قوله من حين فرق بينهما : إنه قد يتوهم أن النكاح المجمع على فساده لما كان قد لا يحتاج إلى التفرقة بينهما فيه إلى حكم حاكم إلخ ما تقدم فقوله قد يحتاج يعني والله أعلم إذا لم يوافق الزوج على الفسخ وقوله هو وصاحب التوضيح : المجمع على فساده لا مفهوم له ; لأن الطلاق بالمختلف فيه لازم فإذا فسخه بطلاق فكأنه طلق ولا شك في لزومه الطلاق بذلك وتصير بائنا لا رجعة له عليها إلا بنكاح جديد برضاها وإنما يرجع إلى الحاكم إذا كان مقلدا لمن يرى فسخ النكاح وامتنع من فسخه وقد ذكروا في البيع الفاسد أن المجمع عليه لا يحتاج إلى حكم حاكم واختلف في المختلف فيه فقيل : يكفي تراضيهما بالفسخ وقيل : إنما يكفي تراضيهما مع الإشهاد وقيل : لا بد من الحاكم .
حمل الأقوال الثلاثة ابن عرفة في الصرف الفاسد وقال ابن بشير : الخلاف بذلك مبني على أصل وهو من فعل فعلا لو رفع إلى الحاكم لم يزد عليه هل يكون فعله بمنزلة الحاكم ؟ قولان انتهى .
وسيأتي لذلك مزيد بيان عند قول المصنف في فصل علة طعام الربا وإنما ينتقل ضمان الفاسد بالقبض وفي مسألة النكاح المختلف فيه لا يتأتى لفوات محل الحكم بالتزام الزوج الفسخ في ذلك والله أعلم