[ ص: 277 ] ( فصل في الحبس )
[ ص: 278 ] قال ( وإذا لم يعجل بحبسه وأمره بدفع ما عليه ) لأن الحبس جزاء المماطلة فلا بد من ظهورها ، وهذا إذا ثبت الحق بإقراره لأنه لم يعرف كونه مماطلا في أول الوهلة فلعله طمع في الإمهال فلم يستصحب المال ، فإذا امتنع بعد ذلك حبسه لظهور مطله ، أما إذا ثبت بالبينة حبسه كما ثبت لظهور المطل بإنكاره . ثبت الحق عند القاضي وطلب صاحب الحق حبس غريمه
[ ص: 279 ] قال ( فإن امتنع حبسه في كل دين لزمه بدلا عن مال حصل في يده كثمن المبيع أو التزمه بعقد كالمهر والكفالة ) لأنه إذا حصل المال في يده ثبت غناه به ، وإقدامه على التزامه باختياره دليل يساره إذ هو لا يلتزم إلا ما يقدر على أدائه ، والمراد بالمهر معجله دون مؤجله . قال ( ولا يحبسه فيما سوى ذلك إلا أن يثبت غريمه أن له مالا فيحبسه ) لأنه لم توجد دلالة اليسار فيكون القول قول من عليه الدين ، وعلى المدعي إثبات غناه ، [ ص: 280 ] ويروى أن القول لمن عليه الدين في جميع ذلك لأن الأصل هو العسرة . ويروى أن القول له إلا فيما بدله مال . وفي النفقة القول قول الزوج إنه معسر ، وفي إعتاق العبد المشترك القول للمعتق ، [ ص: 281 ] والمسألتان تؤديان القولين الأخيرين ، والتخريج على ما قال في الكتاب أنه ليس بدين مطلق بل هو صلة حتى تسقط النفقة بالموت على الاتفاق ، وكذا عند إذا قال إني فقير رحمه الله ضمان الإعتاق ، ثم فيما كان القول [ ص: 282 ] قول المدعي إن له مالا ، أو ثبت ذلك بالبينة فيما كان القول قول من عليه يحبسه شهرين أو ثلاثة ثم يسأل عنه فالحبس لظهور ظلمه في الحال ، وإنما يحبسه مدة ليظهر ماله لو كان يخفيه فلا بد من أن تمتد المدة ليفيد هذه الفائدة فقدره بما ذكره ، ويروى غير ذلك من التقدير بشهر أو أربعة إلى ستة أشهر . والصحيح أن التقدير مفوض إلى رأي القاضي لاختلاف أحوال الأشخاص فيه . قال ( فإن لم يظهر له مال خلي سبيله ) يعني بعد مضي المدة لأنه استحق النظرة إلى الميسرة فيكون حبسه بعد ذلك ظلما ; . أبي حنيفة
[ ص: 283 ] ولو قامت البينة على إفلاسه قبل المدة تقبل في رواية ، ولا تقبل في رواية ، وعلى الثانية عامة المشايخ رحمهم الله . قال في الكتاب خلي سبيله ولا يحول بينه وبين غرمائه ، وهذا كلام في الملازمة وسنذكره في كتاب الحجر [ ص: 284 ] إن شاء الله تعالى .