الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 510 ] ( قال : ومن شرط الوكالة أن يكون الموكل ممن يملك التصرف وتلزمه الأحكام ) [ ص: 511 ] لأن الوكيل يملك التصرف من جهة الموكل فلا بد أن يكون الموكل مالكا ليملكه من غيره .

التالي السابق


( قوله ومن شرط الوكالة أن يكون الموكل يملك التصرف وتلزم الأحكام ) فهذان شرطان للوكالة في الموكل .

قيل إنما يستقيم الأول على قولهما ، أما على قوله فلا لأنه يجيز توكيل المسلم الذمي ببيع خمر وشرائها والمسلم لا يملكه ، بل الشرط عنده كون الوكيل مالكا لذلك التصرف الذي وكل به . وأجاب بعضهم بأن المراد بملكه للتصرف أن تكون له ولا شرعية في جنس التصرف بأهلية [ ص: 511 ] نفسه بأن يكون بالغا عاقلا ، وهذا حاصل في توكيل المسلم الذمي ببيع خمر وشرائها ، ثم حمد الله تعالى على ما هداه لذلك وهو خطأ إذ يقتضي أن لا يصح توكيل الصبي المأذون لعدم البلوغ وليس بصحيح ، بل إذا وكل الصبي المأذون يصح بعد أن يعقل معنى البيع .

وأورد عليه ما إذا قال بع هذا بعبد أو اشتر لي به عبدا صح التوكيل مع أنه لا يصح مباشرة الموكل لمثل هذا ، كما لو قال لغيره بعتك عبدي هذا بعبد أو اشتريت هذا منك بعبد لا يجوز .

أجيب بالفرق بين التوكيل والمباشرة في الجهالة ، فإنها إنما تمنع في المباشرة لا التوكيل ، وذلك لأنها إنما تمنع لإفضائها إلى المنازعة لا لذاتها ، ولذا لم تمنع في بعض البيوع كبيع قفيز من صبرة طعام حاضر أو شرائه ، وجهالة الوصف [ ص: 512 ] لا تفضي إليها في التوكيل لأنه ليس بأمر لازم ، بخلاف المباشرة للزومها ، ثم إذا صح التوكيل بذلك فإن كان بالشراء فاشترى عبدا بغير عينه لا يجوز ، كما لو اشترى الموكل بنفسه أو بعينه إن كانت قيمته مثل قيمة العبد الثمن أو أقل مما لا يتغابن فيه لا يجوز ، وكذا في الوكالة بالبيع ذكره في الذخيرة .

ولا يخفى أن قوله فإن كان بالشراء فاشترى عبدا بغير عينه لا يجوز ، كما لو اشترى الموكل بنفسه ليس على إطلاقه لما عرف من مذهبنا في شراء أحد العبدين أو الثوبين أو الثلاثة بغير عينه على أن يأخذ أيهما شاء يصح وهي مذكورة في خيار الشرط من الهداية . وأما الشرط الثاني وهو قوله وتلزمه الأحكام فلأن الوكيل يستفيد الولاية من الموكل فلا بد من كون الموكل يملكه . ثم قيل : هو احتراز عن توكيل الوكيل فإن الوكيل لا يثبت له حكم تصرفا وهو الملك ، فلا يصح توكيله إلا أن يصرح به حقيقة أو معنى كما سنذكره .

وقيل بل عن الصبي والعبد المحجورين فإنهما لو اشتريا شيئا لا يملكانه فلا يصح توكيلهما وصحح . وأورد على هذا الوجه أنه يلزم صحة توكيل الوكيل بسبب أنه يملك التصرف فيملك تمليكه .

والجواب أن ملكه شرط جواز تمليكه لا علته ليلزم من وجوده الوجود فجاز أن لا يوجد عند وجود الشرط لفقد شرط آخر كما مع فقد العلة




الخدمات العلمية