الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3070 52 - حدثنا سعيد بن أبي مريم، قال: حدثنا الليث، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب قال: أخبرني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: بينا نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ قال: بينا أنا نائم رأيتني في الجنة، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر، فقلت: لمن هذا القصر؟ فقالوا: لعمر بن الخطاب، فذكرت غيرته، فوليت مدبرا، فبكى عمر وقال: أعليك أغار يا رسول الله؟

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أخرج البخاري هذا الحديث أيضا في فضل عمر رضي الله تعالى عنه، عن سعيد بن أبي مريم أيضا. وأخرجه ابن ماجه، عن محمد بن الحارث المصري، عن الليث، وقال الترمذي عن أبي هريرة: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " رأيت في الجنة قصرا من ذهب، فقلت: لمن هذا؟ قال: لعمر بن الخطاب " قال: ومعنى هذا الحديث أني دخلت البارحة الجنة، يعني: رأيت في المنام كأني دخلت الجنة، هكذا روي في بعض هذا الحديث، ويروى عن ابن عباس أنه قال: " رؤيا الأنبياء حق"، وقد روى أحمد من حديث معاذ رضي الله تعالى عنه، قال: " إن عمر من أهل الجنة"؛ وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ما رأى في يقظته ومنامه سواء، وأنه قال: " بينا أنا في الجنة إذ رأيت فيها جارية، فقلت: لمن هذه؟ فقيل: لعمر بن الخطاب.

                                                                                                                                                                                  قوله: " رأيتني"؛ أي: رأيت نفسي. قوله: " فإذا امرأة"، كلمة (إذا) للمفاجأة. قوله: " تتوضأ"؛ قال الكرماني: تتوضأ من الوضاءة وهي الحسن والنظافة، ويحتمل أن يكون من الوضوء. وقال الخطابي: فإذا امرأة شوهاء، وإنما أسقط الكاتب منه بعض الحروف فصار يتوضأ؛ لالتباس ذلك في الخط; لأنه لا عمل في الجنة لا وضوء ولا غيره، والشوهاء بالشين المعجمة. قال أبو عبيد: هي المرأة الحسناء، والشوهاء واسعة الفم والصغيرة الفم، وقال ابن الأعرابي: الشوهاء: القبيحة. وقال الجوهري: فرس شوهاء صفة محمودة، ويقال: يراد بها سعة أشداقها، ورد عليه القرطبي وقال: الرواية الصحيحة: " تتوضأ" ووضوء هذه المرأة إنما هو لتزداد حسنا ونورا، لا أنها تزيل وسخا ولا قذرا؛ إذ الجنة منزهة عن القذر، وقال ابن التين: وذكر عن الشيخ أبي الحسن أنه قال: هذا فيه أن الوضوء موصل إلى هذا القصر والنعيم. قوله: " فذكرت غيرته" بالفتح مصدر قولك: غار الرجل على أهله من فلان، وهي الحمية والأنفة، يقال: رجل غيور، وامرأة غيور، وجاء: امرأة غيراء، وصيغة غيور للمبالغة.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية