الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2919 280 - حدثنا أبو معمر، قال: حدثنا عبد الوارث، قال: حدثني يحيى بن أبي إسحاق، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم مقفله من عسفان، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته، وقد أردف صفية بنت حيي، فعثرت ناقته فصرعا جميعا، فاقتحم أبو طلحة فقال: يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال عليك المرأة، فقلب ثوبا على وجهه، وأتاها فألقاه عليها، وأصلح لهما مركبهما فركبا، فاكتنفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أشرفنا على المدينة قال: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون، فلم يزل يقول ذلك حتى دخل المدينة.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، وأبو معمر بفتح الميمين، واسمه عبد الله بن عمرو المنقري المقعد البصري، وعبد الوارث هو ابن سعيد، ويحيى بن أبي إسحاق مولى الحضارمة البصري.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في الجهاد، وفي الأدب عن علي عن بشر بن المفضل، وفي اللباس عن محمد عن الحسن بن محمد بن الصباح، وأخرجه مسلم في المناسك عن زهير بن حرب، وعن حميد بن مسعدة، وأخرجه النسائي في الحج، وفي اليوم والليلة عن عمران بن موسى.

                                                                                                                                                                                  ، قوله: " مقفله " بفتح الميم وسكون القاف وفتح الفاء، أي مرجعه. قوله: " من عسفان " بضم العين وسكون السين المهملة، وقد مر غير مرة أنه موضع على مرحلتين من مكة، وقال الحافظ الدمياطي: هذا وهم وإنما هو عند مقفله من خيبر؛ لأن غزوة عسفان إلى بني لحيان كانت في سنة ست، وغزوة خيبر كانت في سنة سبع، وإرداف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم صفية ووقوعهما كان فيها. قوله: " فصرعا " أي وقعا. قوله: " فاقتحم " من قحم في الأمر إذا رمى نفسه فيه من غير روية. قوله: " المرأة " بالنصب [ ص: 15 ] أي الزم المرأة، ويروى " بالمرأة "، وهي صفية. قوله: " فقلب " أي أبو طلحة قلب ثوبه على وجهه، وأتاها أي وأتى صفية. قوله: " وأصلح لهما " أي للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وصفية. قوله: " فاكتنفنا " أي أحطنا به، يقال: كنفت الرجل، أي حطته وصنته. قوله: " فلما أشرفنا على المدينة " من أشرفت على الشيء إذا اطلعت عليه، وأشرفت الشيء، أي علوته.

                                                                                                                                                                                  وفي الحديث فوائد: فيه إرداف المرأة خلف الرجل وسترها عن الناس. وفيه ستر من لا تجوز رؤيته، وستر الوجه عنه. وفيه خدمة الإمام والعالم وخدمة أهل العلم. وفيه اكتناف الإمام والاجتماع حوله عند دخول المدن. وفيه حمد الله للمسافر عند إتيانه سالما إلى أهله وسؤاله الله التوبة. وفيه حجاب أمهات المؤمنين، وإن كن كالأمهات.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية