[ ص: 162 ] وقد نظرت في
nindex.php?page=treesubj&link=18619_29568القرآن فوجدته ينقسم إلى أقسام : أحدها الثناء على الإله ، والثاني : الأحكام ، والثالث : توابع الأحكام ومؤكداتها وهي أنواع :
أحدها : مدح الأفعال وذمها ترغيبا في ممدوحها ، وتزهيدا في مذمومها وهذا ضرب من التأكيد .
النوع الثاني : مدح الفاعلين ترغيبا للعباد في الدخول في مدحة رب العالمين التي هي زين للطائعين .
النوع الثالث : ذم الغافلين تنفيرا من الدخول في مذمة الله التي هي شين للعاصين . وقد قال بعضهم لسيد المرسلين وخاتم النبيين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=43549يا محمد اعطني فإن مدحي زين وهجوي شين ، فقال صلى الله عليه وسلم : ذلك رب العالمين } .
النوع الرابع : الوعد بأنواع الثواب الآجل ترغيبا في تحصيل مصالح الطاعات .
النوع الخامس : الوعيد بأنواع العقاب الآجل تنفيرا من المعاصي والمخالفات .
النوع السادس :
nindex.php?page=treesubj&link=28847_29468الوعد بأنواع الثواب العاجل ، فإن النفوس قد جبلت على حب العاجلة وذلك كقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب } ، {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=4ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا } .
وكذلك بيان ما في الفعل من المصلحة العاجلة كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=34ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم } ، وكقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=7إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم } ، فإن في مصلحة الفعل حثا عليه وترغيبا فيه .
[ ص: 163 ]
النوع السابع :
nindex.php?page=treesubj&link=28847_29468الوعيد بأنواع العقاب العاجل ، فإن النفوس قد جبلت على الخوف من المكروه الآجل وذلك كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178كتب عليكم القصاص في القتلى } ، وكقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } ، وكقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } .
وكذلك بيان ما في الفعل من المفسدة العاجلة كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى أن لا تعولوا } ، وكقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=46ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم } ، فإن في بيان مفسدة الفعل زجرا عنه وتزهيدا فيه .
النوع الثامن :
nindex.php?page=treesubj&link=28902الأمثال وهي ضربان : أحدهما ما ذكر ترغيبا في الخيور وله مثالان . أحدهما قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=261مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء } ، ذكر ذلك ترغيبا في النفقات وحثا على التبرعات .
المثال الثاني في مثل قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها } ، ذكر ذلك ترغيبا في كلمة التوحيد .
nindex.php?page=treesubj&link=28902الضرب الثاني من الأمثال : ما ذكر تنفيرا من الشرور وله مثالان . أحدهما قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=17مثلهم كمثل الذي استوقد نارا } ، ذكره تنفيرا من النفاق .
[ ص: 164 ]
الثاني قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=26ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار } ، ذكره تنفيرا من كلمة الكفر .
النوع التاسع :
nindex.php?page=treesubj&link=28901قصص المرسلين وما فيها من ذكر إنجاء المؤمنين وإهلاك الكافرين ، ذكره ترغيبا في اتباع المرسلين ، وتنفيرا من عصيان النبيين ، وكذلك اللوم والتقريع والتوبيخ على بعض الأفعال .
النوع العاشر :
nindex.php?page=treesubj&link=29568_29485تمننه علينا بما خلقه لأجلنا لنشكره على إحسانه إلينا وإنعامه علينا ، وله أمثلة : أحدها قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=78والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا ، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون } ، ذكر ذلك لنشكره على هذه النعم الجسام التي لا يكاد أحد يذكرها إلا عند اختلالها أو فقدها ، ثم صرح بالسبب فقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=52لعلكم تشكرون } .
المثال الثاني : قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81والله جعل لكم مما خلق ظلالا ، وجعل لكم من الجبال أكنانا ، وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم ، كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون } .
المثال الثالث : قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=12الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون } ، وأعم من ذلك كله قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=13وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا } ،
nindex.php?page=treesubj&link=29568_29485وكل شيء ذكره تمننا علينا كان ذلك مقتضيا لأمرين ، أحدهما : شكره على ذلك كما ذكرناه .
والثاني : إباحته لنا ، إذ لا يصح التمنن علينا بما نهينا عنه ، وقد تمنن علينا في كتابه بالمآكل والمشارب ، والملابس والمناكح ، والمراكب والفواكه ، والتجمل والتزين والتحلي بالجواهر ، فذكر تمننه بالضروريات والحاجيات ، والتتمات والتكملات ، وهو كثير في القرآن ، فمنه ما هو جالب للمصالح كقوله :
[ ص: 165 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون } ، ومنه ما هو دارئ للمفاسد كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم } . ومن مدح الإله نفسه ما لا يخرج مخرج المدح بل يخرج مخرج تأكيد الأحكام كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=18والله بصير بما تعملون } ، ذكر ذلك ترغيبا في الطاعات ، وتنفيرا من المعاصي والمخالفات ، وكقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=14ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون } ، فإنا إذا تأملنا نظره إلينا واطلاعه علينا استحيينا منه أن يرانا حيث نهانا ، أو يفقدنا حيث اقتضانا .
وكذلك قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=181لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء } ، لم يذكر ذلك تمدحا بسمعه ، وإنما ذكره تهديدا لقائليه بخلاف قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } ، إنما يتحقق الترغيب والترهيب بصفة السمع والبصر والعلم والقدرة والإرادة دون الحياة والكلام ، فإنهما لا يذكران إلا تمدحا ، أما الحياة ففي مثل قوله : هو الحي القيوم لا إله إلا هو .
وفي مثل قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=2الله لا إله إلا هو الحي القيوم } وأما الكلام ففي قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=76هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل } يريد بمن يأمر بالعدل : نفسه سبحانه وتعالى . فإن قيل كيف يتمدح بالحياة ولا يصح تمدح غيره بها لاشتراك الحيوانات فيها ؟ . قلنا : إنما يتمدح بحياة يختص بها بأزليتها وأبديتها وكونها غير مستفادة من أحد ، ولا شريك له في ذلك ، فلما انفردت به الصفات عن كل حياة ، صح التمدح بها لاختصاصها بما ذكرناه ، ولأنها تذكر تفرقة بينه وبين الأصنام التي هي أموات غير أحياء ، وإنما تمدح بالكلام في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=76هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل } ، وهو لأنه قابل به الأبكم الذي لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه ، فقابل الأمر بالعدل بالبكم الذي هو الخرس
[ ص: 166 ] المانع من الكلام
وهذه الأحكام كلها والأنواع بأسرها شاهدة لما ذكرته من أن التأكيد والتكرير أنفع وأنجع من ذكر الشيء مرة واحدة ، فإن ما ذكرناه من توابع الأمر يتنزل منزلة تكريره . والله يسمع من يشاء من عباده ، فطوبى لمن فهم خطابه ، وتبع كتابه ، وقبل نصائحه ، فمن أفضل منائحه تفهم كتابه ، وتعقل خطابه ، ليتقرب بذلك إليه شكرا على ما أولاه من إبلائه ومنحه وإعطائه ، وشكره هو طاعته واجتناب معصيته ، ومن جملة شكره الثناء عليه والانقطاع إليه ، وقد يقع في هذا الكتاب من التكرير ما يدخل في بابين من المصالح فيذكر في أحد البابين لأجل النوع الذي يليق بذلك الباب ويكرر في الباب الآخر لأجل النوع الآخر المتعلق بالباب الآخر ، فما وقع من هذا كان تكريره في بابين لأجل أن فيه دلالتين على معنيين مختلفين ، فمعظم حقوق العباد ترجع إلى الدماء والأموال والأعراض ، وقد أوحى بذلك عليه السلام في حجة الوداع وصية مؤكدة بقوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18894دماؤكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا } ، وإنما شبهه بذلك لأنه كان عندهم في أعلى غايات الاحترام ، ثم أمر بتبليغ ذلك عنه بقوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1707ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب } ، ثم اعتذر إلى ربه بقوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15047اللهم هل بلغت ؟ فقالوا نعم . فقال : اللهم اشهد } أي اشهد عليهم باعترافهم أني بلغتهم .
[ ص: 162 ] وَقَدْ نَظَرْت فِي
nindex.php?page=treesubj&link=18619_29568الْقُرْآنِ فَوَجَدْته يَنْقَسِمُ إلَى أَقْسَامٍ : أَحَدُهَا الثَّنَاءُ عَلَى الْإِلَهِ ، وَالثَّانِي : الْأَحْكَامُ ، وَالثَّالِثُ : تَوَابِعُ الْأَحْكَامِ وَمُؤَكِّدَاتُهَا وَهِيَ أَنْوَاعٌ :
أَحَدُهَا : مَدْحُ الْأَفْعَالِ وَذَمُّهَا تَرْغِيبًا فِي مَمْدُوحِهَا ، وَتَزْهِيدًا فِي مَذْمُومِهَا وَهَذَا ضَرْبٌ مِنْ التَّأْكِيدِ .
النَّوْعُ الثَّانِي : مَدْحُ الْفَاعِلِينَ تَرْغِيبًا لِلْعِبَادِ فِي الدُّخُولِ فِي مِدْحَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الَّتِي هِيَ زَيْنٌ لِلطَّائِعِينَ .
النَّوْعُ الثَّالِثُ : ذَمُّ الْغَافِلِينَ تَنْفِيرًا مِنْ الدُّخُولِ فِي مَذَمَّةِ اللَّهِ الَّتِي هِيَ شَيْنٌ لِلْعَاصِينَ . وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=43549يَا مُحَمَّدُ اعْطِنِي فَإِنَّ مَدْحِي زَيْنٌ وَهَجْوِي شَيْنٌ ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ } .
النَّوْعُ الرَّابِعُ : الْوَعْدُ بِأَنْوَاعِ الثَّوَابِ الْآجِلِ تَرْغِيبًا فِي تَحْصِيلِ مَصَالِحِ الطَّاعَاتِ .
النَّوْعُ الْخَامِسُ : الْوَعِيدُ بِأَنْوَاعِ الْعِقَابِ الْآجِلِ تَنْفِيرًا مِنْ الْمَعَاصِي وَالْمُخَالَفَاتِ .
النَّوْعُ السَّادِسُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28847_29468الْوَعْدُ بِأَنْوَاعِ الثَّوَابِ الْعَاجِلِ ، فَإِنَّ النُّفُوسَ قَدْ جُبِلَتْ عَلَى حُبِّ الْعَاجِلَةِ وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } ، {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=4وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا } .
وَكَذَلِكَ بَيَانُ مَا فِي الْفِعْلِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ الْعَاجِلَةِ كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=34ادْفَعْ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَك وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } ، وَكَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=7إنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } ، فَإِنَّ فِي مَصْلَحَةِ الْفِعْلِ حَثًّا عَلَيْهِ وَتَرْغِيبًا فِيهِ .
[ ص: 163 ]
النَّوْعُ السَّابِعُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28847_29468الْوَعِيدُ بِأَنْوَاعِ الْعِقَابِ الْعَاجِلِ ، فَإِنَّ النُّفُوسَ قَدْ جُبِلَتْ عَلَى الْخَوْفِ مِنْ الْمَكْرُوهِ الْآجِلِ وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى } ، وَكَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا } ، وَكَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ } .
وَكَذَلِكَ بَيَانُ مَا فِي الْفِعْلِ مِنْ الْمَفْسَدَةِ الْعَاجِلَةِ كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لَا تَعُولُوا } ، وَكَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=46وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } ، فَإِنَّ فِي بَيَانِ مَفْسَدَةِ الْفِعْلِ زَجْرًا عَنْهُ وَتَزْهِيدًا فِيهِ .
النَّوْعُ الثَّامِنُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28902الْأَمْثَالُ وَهِيَ ضَرْبَانِ : أَحَدُهُمَا مَا ذُكِرَ تَرْغِيبًا فِي الْخُيُورِ وَلَهُ مِثَالَانِ . أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=261مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاَللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ } ، ذَكَرَ ذَلِكَ تَرْغِيبًا فِي النَّفَقَاتِ وَحَثًّا عَلَى التَّبَرُّعَاتِ .
الْمِثَالُ الثَّانِي فِي مِثْلِ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا } ، ذَكَرَ ذَلِكَ تَرْغِيبًا فِي كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ .
nindex.php?page=treesubj&link=28902الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ الْأَمْثَالِ : مَا ذُكِرَ تَنْفِيرًا مِنْ الشُّرُورِ وَلَهُ مِثَالَانِ . أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=17مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا } ، ذَكَرَهُ تَنْفِيرًا مِنْ النِّفَاقِ .
[ ص: 164 ]
الثَّانِي قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=26وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اُجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ } ، ذَكَرَهُ تَنْفِيرًا مِنْ كَلِمَةِ الْكُفْرِ .
النَّوْعُ التَّاسِعُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28901قِصَصُ الْمُرْسَلِينَ وَمَا فِيهَا مِنْ ذِكْرِ إنْجَاءِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِهْلَاكِ الْكَافِرِينَ ، ذَكَرَهُ تَرْغِيبًا فِي اتِّبَاعِ الْمُرْسَلِينَ ، وَتَنْفِيرًا مِنْ عِصْيَانِ النَّبِيِّينَ ، وَكَذَلِكَ اللَّوْمُ وَالتَّقْرِيعُ وَالتَّوْبِيخُ عَلَى بَعْضِ الْأَفْعَالِ .
النَّوْعُ الْعَاشِرُ :
nindex.php?page=treesubj&link=29568_29485تُمَنُّنَّهُ عَلَيْنَا بِمَا خَلَقَهُ لِأَجْلِنَا لِنَشْكُرَهُ عَلَى إحْسَانِهِ إلَيْنَا وَإِنْعَامِهِ عَلَيْنَا ، وَلَهُ أَمْثِلَةٌ : أَحَدُهَا قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=78وَاَللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا ، وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } ، ذَكَرَ ذَلِكَ لِنَشْكُرَهُ عَلَى هَذِهِ النِّعَمِ الْجِسَامِ الَّتِي لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَذْكُرُهَا إلَّا عِنْدَ اخْتِلَالِهَا أَوْ فَقْدِهَا ، ثُمَّ صَرَّحَ بِالسَّبَبِ فَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=52لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } .
الْمِثَالُ الثَّانِي : قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81وَاَللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا ، وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ الْجِبَالِ أَكْنَانًا ، وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ ، كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ } .
الْمِثَالُ الثَّالِثُ : قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=12اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمْ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } ، وَأَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=13وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا } ،
nindex.php?page=treesubj&link=29568_29485وَكُلُّ شَيْءٍ ذَكَرَهُ تُمَنِّنَا عَلَيْنَا كَانَ ذَلِكَ مُقْتَضِيًا لِأَمْرَيْنِ ، أَحَدِهِمَا : شُكْرُهُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ .
وَالثَّانِي : إبَاحَتُهُ لَنَا ، إذْ لَا يَصِحُّ التَّمَنُّنُ عَلَيْنَا بِمَا نُهِينَا عَنْهُ ، وَقَدْ تَمَنَّنَ عَلَيْنَا فِي كِتَابِهِ بِالْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ ، وَالْمَلَابِسِ وَالْمَنَاكِحِ ، وَالْمَرَاكِبِ وَالْفَوَاكِهِ ، وَالتَّجَمُّلِ وَالتَّزَيُّنِ وَالتَّحَلِّي بِالْجَوَاهِرِ ، فَذَكَرَ تَمَنُّنَهُ بِالضَّرُورِيَّاتِ وَالْحَاجِيَاتِ ، وَالتَّتِمَّاتِ وَالتَّكْمِلَاتِ ، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ ، فَمِنْهُ مَا هُوَ جَالِبٌ لِلْمَصَالِحِ كَقَوْلِهِ :
[ ص: 165 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } ، وَمِنْهُ مَا هُوَ دَارِئٌ لِلْمَفَاسِدِ كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيَكُمْ بَأْسَكُمْ } . وَمِنْ مَدْحِ الْإِلَهِ نَفْسَهُ مَا لَا يَخْرُجُ مَخْرَجَ الْمَدْحِ بَلْ يَخْرُجُ مَخْرَجَ تَأْكِيدِ الْأَحْكَامِ كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=18وَاَللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } ، ذَكَرَ ذَلِكَ تَرْغِيبًا فِي الطَّاعَاتِ ، وَتَنْفِيرًا مِنْ الْمَعَاصِي وَالْمُخَالَفَاتِ ، وَكَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=14ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } ، فَإِنَّا إذَا تَأَمَّلْنَا نَظَرَهُ إلَيْنَا وَاطِّلَاعَهُ عَلَيْنَا اسْتَحْيَيْنَا مِنْهُ أَنْ يَرَانَا حَيْثُ نَهَانَا ، أَوْ يَفْقِدَنَا حَيْثُ اقْتَضَانَا .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=181لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ } ، لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ تَمَدُّحًا بِسَمْعِهِ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ تَهْدِيدًا لِقَائِلِيهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } ، إنَّمَا يَتَحَقَّقُ التَّرْغِيبُ وَالتَّرْهِيبُ بِصِفَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ دُونَ الْحَيَاةِ وَالْكَلَامِ ، فَإِنَّهُمَا لَا يُذْكَرَانِ إلَّا تَمَدُّحًا ، أَمَّا الْحَيَاةُ فَفِي مِثْلِ قَوْلِهِ : هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ .
وَفِي مِثْلِ قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=2اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } وَأَمَّا الْكَلَامُ فَفِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=76هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ } يُرِيدُ بِمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ : نَفْسَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى . فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَتَمَدَّحُ بِالْحَيَاةِ وَلَا يَصِحُّ تَمَدُّحُ غَيْرِهِ بِهَا لِاشْتِرَاكِ الْحَيَوَانَاتِ فِيهَا ؟ . قُلْنَا : إنَّمَا يَتَمَدَّحُ بِحَيَاةٍ يَخْتَصُّ بِهَا بِأَزَلِيَّتِهَا وَأَبَدِيَّتهَا وَكَوْنِهَا غَيْرَ مُسْتَفَادَةٍ مِنْ أَحَدٍ ، وَلَا شَرِيكَ لَهُ فِي ذَلِكَ ، فَلَمَّا انْفَرَدَتْ بِهِ الصِّفَاتُ عَنْ كُلِّ حَيَاةٍ ، صَحَّ التَّمَدُّحُ بِهَا لِاخْتِصَاصِهَا بِمَا ذَكَرْنَاهُ ، وَلِأَنَّهَا تُذْكَرُ تَفْرِقَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَصْنَامِ الَّتِي هِيَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ، وَإِنَّمَا تَمَدَّحَ بِالْكَلَامِ فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=76هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ } ، وَهُوَ لِأَنَّهُ قَابَلَ بِهِ الْأَبْكَمَ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ ، فَقَابَلَ الْأَمْرَ بِالْعَدْلِ بِالْبَكَمِ الَّذِي هُوَ الْخَرَسُ
[ ص: 166 ] الْمَانِعُ مِنْ الْكَلَامِ
وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ كُلُّهَا وَالْأَنْوَاعُ بِأَسْرِهَا شَاهِدَةٌ لِمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ أَنَّ التَّأْكِيدَ وَالتَّكْرِيرَ أَنْفَعُ وَأَنْجَعُ مِنْ ذِكْرِ الشَّيْءِ مَرَّةً وَاحِدَةً ، فَإِنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَوَابِعِ الْأَمْرِ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ تَكْرِيرِهِ . وَاَللَّهُ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ، فَطُوبَى لِمَنْ فَهِمَ خِطَابَهُ ، وَتَبِعَ كِتَابَهُ ، وَقَبِلَ نَصَائِحَهُ ، فَمِنْ أَفْضَلِ مَنَائِحِهِ تَفَهُّمُ كِتَابِهِ ، وَتَعَقُّلُ خِطَابِهِ ، لِيَتَقَرَّبَ بِذَلِكَ إلَيْهِ شُكْرًا عَلَى مَا أَوْلَاهُ مِنْ إبْلَائِهِ وَمَنْحِهِ وَإِعْطَائِهِ ، وَشُكْرُهُ هُوَ طَاعَتُهُ وَاجْتِنَابُ مَعْصِيَتِهِ ، وَمِنْ جُمْلَةِ شُكْرِهِ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ وَالِانْقِطَاعُ إلَيْهِ ، وَقَدْ يَقَعُ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ التَّكْرِيرِ مَا يَدْخُلُ فِي بَابَيْنِ مِنْ الْمَصَالِحِ فَيَذْكُرُ فِي أَحَدِ الْبَابَيْنِ لِأَجْلِ النَّوْعِ الَّذِي يَلِيقُ بِذَلِكَ الْبَابِ وَيُكَرِّرُ فِي الْبَابِ الْآخَرِ لِأَجْلِ النَّوْعِ الْآخَرِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْبَابِ الْآخَرِ ، فَمَا وَقَعَ مِنْ هَذَا كَانَ تَكْرِيرُهُ فِي بَابَيْنِ لِأَجْلِ أَنَّ فِيهِ دَلَالَتَيْنِ عَلَى مَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ ، فَمُعْظَمُ حُقُوقِ الْعِبَادِ تَرْجِعُ إلَى الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَعْرَاضِ ، وَقَدْ أَوْحَى بِذَلِكَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَصِيَّةً مُؤَكَّدَةً بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18894دِمَاؤُكُمْ وَأَمْوَالُكُمْ وَأَعْرَاضُكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا } ، وَإِنَّمَا شَبَّهَهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ فِي أَعْلَى غَايَاتِ الِاحْتِرَامِ ، ثُمَّ أَمَرَ بِتَبْلِيغِ ذَلِكَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1707أَلَا فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ مِنْكُمْ الْغَائِبَ } ، ثُمَّ اعْتَذَرَ إلَى رَبِّهِ بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15047اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْت ؟ فَقَالُوا نَعَمْ . فَقَالَ : اللَّهُمَّ اشْهَدْ } أَيْ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ بِاعْتِرَافِهِمْ أَنِّي بَلَّغْتهمْ .