[ ص: 40 ] في تساوي العقوبات العاجلة مع تفاوت المفاسد
قد تتساوى العقوبات العاجلة مع تفاوت الزلات مع أن الأغلب تفاوت العقوبات بتفاوت المخالفات ، فإن من يحد كما يحد من شرب ما أسكره وخبل عقله مع تفاوت المفسدتين ، ولم يجعل الوسائل إلى الزنا والسرقة والقتل ، مثل الزنا والسرقة والقتل ، والفرق بينهما وبين شرب القطرة من الخمر خفة حد السكر وثقل ما عداه من الحدود ، مع أن التوسل إلى السرقة والقتل لا يحرك الداعية إليهما ، ولا يحث عليهما ، بخلاف وسائل الزنا من النظر واللمس وغيرهما ، فإنها تؤكد الحث عليه ، والدعاة إليه ، والقتل في الزواجر . فإن قيل شرب قطرة من الخمر مقتصرا عليها ؟ قلنا : لا ، بل يتفاوت وزرهما في الدار الآخرة بتفاوت مفسدة سرقتيهما . قال تعالى : { هل يكون وزر من سرق ربع دينار كوزر من سرق ألف دينار لاستوائهما في القطع ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } ، { وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها ، وكفى بنا حاسبين } .
والقطع الواجب في الألف متعلق بربع دينار من الألف ، ولا يلزم من الاستواء في العقوبة العاجلة الاستواء في العقوبة الآجلة ، ويجوز أن يجاب بمثل هذا في حدي القطرة والسكرة . لكن الحدود كفارة لأهلها ، فقد استويا في الحدين وتكفير الذنبين .
وفي السرقتين . استويا في المفسدتين ، وهما أخذ ربع دينار ، فيكفر الحدان ما يتعلق بربع الدينار من السرقتين ، ويبقى الزائد إلى تمام الألف لا مقابل له [ ص: 41 ] ولا تكفير .
وأما تفاوت حدي زنا البكر والمحصن ، ففيه إشكال يسر الله حله .