وأما كمنافع الملاهي والفروج المحرمة واللمس والمس والتقبيل والضم المحرم فلا جبر لهذه المنافع احتقارا لها ، كما لا تجبر الأعيان النجسة لحقارتها ، فإن استوفى شيئا منها بغير مطاوعة من ذي المنفعة فلا يجبر شيء منها إلا مهر المزني بها كرها أو شبهة ، ولا يجبر مثل ذلك في اللواط لأنه لم يتقوم قط فأشبه القبل والعناق . المنافع فضربان : أحدهما منفعة محرمة
الضرب الثاني : والفوات تحت الأيدي المبطلة والتفويت بالانتفاع ، لأن الشرع قد قومها ونزلها منزلة الأموال فلا فرق بين جبرها بالعقود وجبرها بالتفويت والإتلاف ، لأن المنافع هي الغرض الأظهر من جميع الأموال ، فمن غصب قرية أو دارا قيمتها في كل سنة ألف درهم وبقيت في يده سبعين سنة ينتفع بها منافع تساوي أضعاف قيمتها ولم تلزمه قيمتها لكان ذلك بعيدا من العدل والإنصاف الذي لم ترد شريعة بمثله ولا بما يقاربه ، وهذا كله في منافع الأعيان المملوكة . [ ص: 184 ] وأما أن تكون المنفعة مباحة متقومة فتجبر في العقود الفاسدة والصحيحة فيجبر استيفاؤها في العقود الصحيحة والفاسدة وفي غير العقود ، وهل تجبر بحبس الحر من غير استيفاء لها ؟ فيه خلاف من جهة أن الحر على منافعه فلا يتصور فواتها في يد غيره . منافع الأحرار
وأما الأبضاع فإنها تجبر في العقود الفاسدة والصحيحة وفي وطء الشبهة ووطء الإكراه بمهور الأمثال ، ولا تجبر منافع الأبضاع إلا بعقد صحيح أو فاسد أو تفويت بشبهة أو إكراه ، ولا تجبر بالفوات تحت الأيدي العادية ، أن القليل من المنافع يجبر بقليل الأجر وحقيرها ، وضمان الأبضاع بمهور الأمثال يتحقق بمجرد إيلاج الحشفة في الفرج . فلو جبر بالفوات تحت الأيدي لجبر بما لا يمكن ضبطه من الأموال . فإذا كان مهر المثل مائة ومدة الإيلاج لحظة لطيفة ، فأمسكها يوما يشتمل على ألفي لحظة للزمه في اليوم الواحد ألفا دينار بل ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف أو عشرة آلاف ، إذ لا يمكن أن يأتي في اليوم الواحد بعشرة آلاف إيلاجة وذلك بعيد من مقاصد الشرع . والفرق بين منافع الأبضاع وسائر المنافع الفائتة تحت الأيدي العادية