فصل في بيان
nindex.php?page=treesubj&link=25451_8106_8107_7862_7920_7922رتب المصالح وهي ضربان : أحدهما مصلحة أوجبها الله عز وجل نظرا لعباده ، وهي متفاوتة الرتب منقسمة إلى الفاضل والأفضل والمتوسط بينهما . فأفضل المصالح ما كان شريفا في نفسه ، دافعا لأقبح المفاسد ، جالبا لأرجح المصالح ، وقد {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19967سئل عليه السلام أي الأعمال أفضل ؟ فقال : إيمان بالله ، قيل ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله ، قيل ثم أي ؟ قال : حج مبرور } .
جعل الإيمان أفضل الأعمال لجلبه لأحسن المصالح ، ودرئه لأقبح المفاسد ، مع شرفه في نفسه وشرف متعلقه ، ومصالحه ضربان : أحدهما عاجلة وهي إجراء أحكام الإسلام ، وصيانة النفوس والأموال والحرم والأطفال .
والثاني : آجلة وهو خلود الجنان ورضاء الرحمن . وجعل الجهاد تلو الإيمان ، لأنه ليس بشريف في نفسه ، وإنما وجب وجوب الوسائل - وفوائده ضربان أحدهما مصالحه ، وهي منقسمة إلى العاجل والآجل فأما مصالحه العاجلة فإعزاز الدين ، ومحق الكافرين ، وشفاء صدور المؤمنين من اغتنام أموالهم وتخميسها ، وإرقاق نسائهم وأطفالهم .
وأما مصالح الآجلة فالأجر العظيم قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف [ ص: 55 ] نؤتيه أجرا عظيما } ، فجعل الأجر العظيم للقتلى والغالبين ، والغالب أفضل من القتيل ، لأنه حصل مقاصد الجهاد ، وليس القتيل مثابا على القتل لأنه ليس من فعله ، وإنما يثاب على تعرضه للقتل في نصرة الدين .
الضرب الثاني : من فوائد الجهاد درؤه لمفاسد عاجلة وآجلة ، أما الآجلة فلأنه سبب لغفران الذنوب ، والغفران دافع لمفاسد العقاب .
وأما العاجلة فإنه يدرأ الكفر من صدور الكافرين إن قتلوا أو أسلموا خوفا من القتل ، وكذلك يدرأ استيلاء الكفار على قتل المسلمين وأخذ أموالهم وإرقاق حرمهم وأطفالهم ، وانتهاك حرمة الدين . وجعل الحج في الرتبة الثالثة لانحطاط مصالحه عن مصالح الجهاد وهو أيضا يجلب المصالح ويدرأ المفاسد .
أما جلبه للمصالح فلأن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة وأما درؤه للمفاسد فإنه يدرأ العقوبات بغفران الذنوب . قال صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36208من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه } ، ولا تزال رتب المصالح الواجبة التحصيل تتناقض إلى رتبة لو تناقضت لانتهينا إلى رتب المصالح المندوبات .
وكذلك تتفاوت رتب فرض الكفاية فيما تجلبه من مصلحة أو تدرؤه من مفسدة ، فقتال الدفع أفضل من قتال الطلب ، ودفع الصوال عن الأرواح والأبضاع أفضل من درئهم عن المنافع والأموال .
وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=20190_3278_9918_9907_9909_9910تتفاوت رتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بتفاوت رتب المأمور به في المصالح والمنهي عنه في المفاسد .
nindex.php?page=treesubj&link=25450_20190الضرب الثاني : من رتب المصالح : ما ندب الله عباده إليه إصلاحا لهم ، وأعلى رتب مصالح الندب دون أدنى رتب مصالح الواجب ، وتتفاوت إلى أن تنتهي إلى مصلحة يسيرة لو فاتت لصادفنا مصالح المباح .
وكذلك مندوب الكفاية يتفاوت بتفاوت رتب مصالحه وفضائله .
فَصْلٌ فِي بَيَانِ
nindex.php?page=treesubj&link=25451_8106_8107_7862_7920_7922رُتَبِ الْمَصَالِحِ وَهِيَ ضَرْبَانِ : أَحَدُهُمَا مَصْلَحَةٌ أَوْجَبَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَظَرًا لِعِبَادِهِ ، وَهِيَ مُتَفَاوِتَةُ الرُّتَبِ مُنْقَسِمَةٌ إلَى الْفَاضِلِ وَالْأَفْضَلِ وَالْمُتَوَسِّطُ بَيْنَهُمَا . فَأَفْضَلُ الْمَصَالِحِ مَا كَانَ شَرِيفًا فِي نَفْسِهِ ، دَافِعًا لِأَقْبَحِ الْمَفَاسِدِ ، جَالِبًا لِأَرْجَحِ الْمَصَالِحِ ، وَقَدْ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19967سُئِلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ ؟ فَقَالَ : إيمَانٌ بِاَللَّهِ ، قِيلَ ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ : الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، قِيلَ ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ : حَجٌّ مَبْرُورٌ } .
جَعَلَ الْإِيمَانَ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ لِجَلْبِهِ لِأَحْسَنِ الْمَصَالِحِ ، وَدَرْئِهِ لِأَقْبَحِ الْمَفَاسِدِ ، مَعَ شَرَفِهِ فِي نَفْسِهِ وَشَرَفِ مُتَعَلَّقِهِ ، وَمَصَالِحُهُ ضَرْبَانِ : أَحَدُهُمَا عَاجِلَةٌ وَهِيَ إجْرَاءُ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ ، وَصِيَانَةُ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ وَالْحُرُمِ وَالْأَطْفَالِ .
وَالثَّانِي : آجِلَةٌ وَهُوَ خُلُودُ الْجَنَانِ وَرِضَاءُ الرَّحْمَنِ . وَجَعْلُ الْجِهَادِ تِلْوَ الْإِيمَانِ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَرِيفٍ فِي نَفْسِهِ ، وَإِنَّمَا وَجَبَ وُجُوبُ الْوَسَائِلِ - وَفَوَائِدُهُ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا مَصَالِحُهُ ، وَهِيَ مُنْقَسِمَةٌ إلَى الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ فَأَمَّا مَصَالِحُهُ الْعَاجِلَةُ فَإِعْزَازُ الدِّينِ ، وَمَحْقُ الْكَافِرِينَ ، وَشِفَاءُ صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ اغْتِنَامِ أَمْوَالِهِمْ وَتَخْمِيسِهَا ، وَإِرْقَاقِ نِسَائِهِمْ وَأَطْفَالِهِمْ .
وَأَمَّا مَصَالِحُ الْآجِلَةِ فَالْأَجْرُ الْعَظِيمُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ [ ص: 55 ] نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } ، فَجَعَلَ الْأَجْرَ الْعَظِيمَ لِلْقَتْلَى وَالْغَالِبِينَ ، وَالْغَالِبُ أَفْضَلُ مِنْ الْقَتِيلِ ، لِأَنَّهُ حَصَّلَ مَقَاصِدَ الْجِهَادِ ، وَلَيْسَ الْقَتِيلُ مُثَابًا عَلَى الْقَتْلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ ، وَإِنَّمَا يُثَابُ عَلَى تَعَرُّضِهِ لِلْقَتْلِ فِي نُصْرَةِ الدِّينِ .
الضَّرْبُ الثَّانِي : مِنْ فَوَائِدِ الْجِهَادِ دَرْؤُهُ لِمَفَاسِدَ عَاجِلَةٍ وَآجِلَةٍ ، أَمَّا الْآجِلَةُ فَلِأَنَّهُ سَبَبٌ لِغُفْرَانِ الذُّنُوبِ ، وَالْغُفْرَانُ دَافِعٌ لِمَفَاسِدِ الْعِقَابِ .
وَأَمَّا الْعَاجِلَةُ فَإِنَّهُ يَدْرَأُ الْكُفْرَ مِنْ صُدُورِ الْكَافِرِينَ إنْ قُتِلُوا أَوْ أَسْلَمُوا خَوْفًا مِنْ الْقَتْلِ ، وَكَذَلِكَ يَدْرَأُ اسْتِيلَاءَ الْكُفَّارِ عَلَى قَتْلِ الْمُسْلِمِينَ وَأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ وَإِرْقَاقِ حَرَمِهِمْ وَأَطْفَالِهِمْ ، وَانْتِهَاكِ حُرْمَةِ الدِّينِ . وَجَعَلَ الْحَجَّ فِي الرُّتْبَةِ الثَّالِثَةِ لِانْحِطَاطِ مَصَالِحِهِ عَنْ مَصَالِحِ الْجِهَادِ وَهُوَ أَيْضًا يَجْلِبُ الْمَصَالِحَ وَيَدْرَأُ الْمَفَاسِدَ .
أَمَّا جَلْبُهُ لِلْمَصَالِحِ فَلِأَنَّ الْحَجَّ الْمَبْرُورَ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلَّا الْجَنَّةَ وَأَمَّا دَرْؤُهُ لِلْمَفَاسِدِ فَإِنَّهُ يَدْرَأُ الْعُقُوبَاتِ بِغُفْرَانِ الذُّنُوبِ . قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36208مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ } ، وَلَا تَزَالُ رُتَبُ الْمَصَالِحِ الْوَاجِبَةِ التَّحْصِيلِ تَتَنَاقَضُ إلَى رُتْبَةٍ لَوْ تَنَاقَضَتْ لَانْتَهَيْنَا إلَى رُتَبِ الْمَصَالِحِ الْمَنْدُوبَاتِ .
وَكَذَلِكَ تَتَفَاوَتُ رُتَبُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ فِيمَا تَجْلِبُهُ مِنْ مَصْلَحَةٍ أَوْ تَدْرَؤُهُ مِنْ مَفْسَدَةٍ ، فَقِتَالُ الدَّفْعِ أَفْضَلُ مِنْ قِتَالِ الطَّلَبِ ، وَدَفْعُ الصِّوَالِ عَنْ الْأَرْوَاحِ وَالْأَبْضَاعِ أَفْضَلُ مِنْ دَرْئِهِمْ عَنْ الْمَنَافِعِ وَالْأَمْوَالِ .
وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=20190_3278_9918_9907_9909_9910تَتَفَاوَتُ رُتَبُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ بِتَفَاوُتِ رُتَبِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْمَصَالِحِ وَالْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي الْمَفَاسِدِ .
nindex.php?page=treesubj&link=25450_20190الضَّرْبُ الثَّانِي : مِنْ رُتَبِ الْمَصَالِحِ : مَا نَدَبَ اللَّهُ عِبَادَهُ إلَيْهِ إصْلَاحًا لَهُمْ ، وَأَعْلَى رُتَبِ مَصَالِحِ النَّدْبِ دُونَ أَدْنَى رُتَبِ مَصَالِحِ الْوَاجِبِ ، وَتَتَفَاوَتُ إلَى أَنْ تَنْتَهِيَ إلَى مَصْلَحَةٍ يَسِيرَةٍ لَوْ فَاتَتْ لَصَادَفْنَا مَصَالِحَ الْمُبَاحِ .
وَكَذَلِكَ مَنْدُوبُ الْكِفَايَةِ يَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِ رُتَبِ مَصَالِحِهِ وَفَضَائِلِهِ .