قد سبق الكلام في
nindex.php?page=treesubj&link=18085_19489الوعد والصدق والكذب ونحو ذلك والأخبار في ذلك ، وقد أثنى الله عز وجل على
إسماعيل عليه السلام فقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=54إنه كان صادق الوعد } .
وذلك ; لأنه عانى في الوفاء بالعهد ما لم يعانه غيره وعد رجلا فانتظره حولا ، روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وقيل انتظره اثني عشر يوما ، وقيل ثلاثة أيام قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : وقد روي {
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه انتظر رجلا وعده في موضع من طلوع الشمس إلى غروبها } . قال الشاعر :
لسانك أحلى من جنى النحل وعده وكفاك بالمعروف أضيق من قفل
وقال آخر :
لله درك من فتى لو كنت تفعل ما تقول
وقال الآخر :
لا خير في كذب الجواد وحبذا صدق البخيل
وقال آخر :
الخير أنفعه للناس أعجله وليس ينفع خير فيه تطويل
[ ص: 39 ] وقال آخر :
كانت مواعيد عرقوب لها مثلا وما مواعيدها إلا الأباطيل
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12861ابن الكلبي عن أبيه كان
عرقوب رجلا من
العماليق فآتاه أخ له يسأل شيئا فقال له
عرقوب إذا أطلع نخلي . فلما أطلع أتاه فقال : إذا أبلح ، فلما أبلح أتاه فقال : إذا أزهى ، فلما أزهى أتاه فقال : إذا أرطب ، فلما أرطب أتاه فقال : إذا أتمر ، فلما أتمر جذه ولم يعطه شيئا فضرب به
العرب المثل في خلف الوعد وقال غيره : كان
عرقوب جبلا مكللا بالسحاب أبدا ولا يمطر شيئا قالت الحكماء من خاف الكذب أقل المواعيد ، وقالوا : أمران لا يسلمان من الكذب كثرة المواعيد ، وشدة الاعتذار .
وقال آخر :
إن الكريم إذا حباك بموعد أعطاكه سلسا بغير مطال
وقال آخر :
قم لوجه الله بالحق وكن صادق الوعد فمن يخلف يلم
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر قول
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها قلت {
يا رسول الله بم يعرف المؤمن ؟ قال وقاره ، ولين كلامه ، وصدق حديثه } وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه من كانت له عند الناس ثلاث وجبت له عليهم ثلاث من إذا حدثهم صدقهم ، وإذا ائتمنوه لم يخنهم ، وإذا وعدهم وفى لهم وجب له عليهم أن تحبه قلوبهم ، وتنطق بالثناء عليه ألسنتهم ، وتظهر له معونتهم .
وقال
سعيد : كل الخصال يطبع عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب قيل
للقمان الحكيم ألست عبد بني فلان ؟ قال بلى قيل فما بلغ بك ما أرى قال : تقوى الله عز وجل ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وترك ما لا يعنيني ، ثم قال :
[ ص: 40 ] ألا رب من تغتشه لك ناصح ومؤتمن بالغيب غير أمين
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع مولى ابن عمر : طاف
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر سبعا وصلى ركعتين فقال له رجل من
قريش : ما أسرع ما طفت وصليت يا
nindex.php?page=showalam&ids=12أبا عبد الرحمن ، .
فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنتم أكثر منا طوافا وصياما ، ونحن خير منكم بصدق الحديث . وأداء الأمانة وإنجاز الوعد . أنشد
nindex.php?page=showalam&ids=17049محمود الوراق :
اصدق حديثك إن في الصدق الخلاص من الدنس
ودع الكذوب لشانه خير من الكذب الخرس
وقال آخر :
ما أقبح الكذب المذموم صاحبه وأحسن الصدق عند الله والناس
وقال
منصور الفقيه :
الصدق أولى ما به دان امرؤ فاجعله دينا
ودع النفاق فما رأيت منافقا إلا مهينا
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : لا تستقيم أمانة رجل حتى يستقيم لسانه ، ولا يستقيم لسانه حتى يستقيم قلبه .
وقال
الفريابي كنت عند
الأوزاعي إذ جاءه رجل فقال يا
أبا عمرو ، هذا كتاب صديقك وهو يقرأ عليك السلام فقال متى قدمت ؟ قال : أمس ، قال ضيعت أمانتك لا أكثر الله في المسلمين أمثالك قال الشاعر :
إذا أنت حملت الأمانة خائنا فإنك قد أسندتها شر مسند
وقال بعض الحكماء من عرف بالصدق جاز كذبه ، ومن عرف بالكذب لم يجز صدقه ، قالوا والصدق عز والكذب خضوع .
وقال
كعب بن زهير :
ومن دعا الناس إلى ذمه ذموه بالحق وبالباطل
مقالة السوء إلى أهلها أسرع من منحدر السائل
[ ص: 41 ] وقال
لقمان لابنه : يا بني احذر الكذب فإنه شهي كلحم العصفور من أكل منه شيئا لم يصبر عنه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي : قيل لكذاب ما يحملك على الكذب ؟ فقال أما إنك لو تغرغرت ماءه ما نسيت حلاوته ، وقيل لكذاب هل صدقت قط قال أكره أن أقول لا فأصدق .
قَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=18085_19489الْوَعْدِ وَالصِّدْقِ وَالْكَذِبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالْأَخْبَارِ فِي ذَلِكَ ، وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى
إسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=54إنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ } .
وَذَلِكَ ; لِأَنَّهُ عَانَى فِي الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ مَا لَمْ يُعَانِهِ غَيْرُهُ وَعَدَ رَجُلًا فَانْتَظَرَهُ حَوْلًا ، رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَقِيلَ انْتَظَرَهُ اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا ، وَقِيلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : وَقَدْ رُوِيَ {
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ انْتَظَرَ رَجُلًا وَعَدَهُ فِي مَوْضِعٍ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى غُرُوبِهَا } . قَالَ الشَّاعِرُ :
لِسَانُكَ أَحْلَى مِنْ جَنَى النَّحْلِ وَعْدُهُ وَكَفَّاكَ بِالْمَعْرُوفِ أَضْيَقُ مِنْ قُفْلِ
وَقَالَ آخَرُ :
لِلَّهِ دَرُّكَ مِنْ فَتًى لَوْ كُنْتَ تَفْعَلُ مَا تَقُولْ
وَقَالَ الْآخَرُ :
لَا خَيْرَ فِي كَذِبِ الْجَوَادِ وَحَبَّذَا صِدْقُ الْبَخِيلْ
وَقَالَ آخَرُ :
الْخَيْرُ أَنْفَعُهُ لِلنَّاسِ أَعْجَلُهُ وَلَيْسَ يَنْفَعُ خَيْرٌ فِيهِ تَطْوِيلُ
[ ص: 39 ] وَقَالَ آخَرُ :
كَانَتْ مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ لَهَا مَثَلًا وَمَا مَوَاعِيدُهَا إلَّا الْأَبَاطِيلُ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12861ابْنُ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِيهِ كَانَ
عُرْقُوبُ رَجُلًا مِنْ
الْعَمَالِيقِ فَآتَاهُ أَخٌ لَهُ يَسْأَلُ شَيْئًا فَقَالَ لَهُ
عُرْقُوبٌ إذَا أَطْلَعَ نَخْلِي . فَلَمَّا أَطْلَعَ أَتَاهُ فَقَالَ : إذَا أَبْلَحَ ، فَلَمَّا أَبْلَحَ أَتَاهُ فَقَالَ : إذَا أَزْهَى ، فَلَمَّا أَزْهَى أَتَاهُ فَقَالَ : إذَا أَرْطَبَ ، فَلَمَّا أَرْطَبَ أَتَاهُ فَقَالَ : إذَا أَتْمَرَ ، فَلَمَّا أَتْمَرَ جَذَّهُ وَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا فَضَرَبَ بِهِ
الْعَرَبُ الْمَثَلَ فِي خُلْفِ الْوَعْدِ وَقَالَ غَيْرُهُ : كَانَ
عُرْقُوبٌ جَبَلًا مُكَلَّلًا بِالسَّحَابِ أَبَدًا وَلَا يُمْطِرُ شَيْئًا قَالَتْ الْحُكَمَاءُ مَنْ خَافَ الْكَذِبَ أَقَلَّ الْمَوَاعِيدَ ، وَقَالُوا : أَمْرَانِ لَا يَسْلَمَانِ مِنْ الْكَذِبِ كَثْرَةُ الْمَوَاعِيدِ ، وَشِدَّةُ الِاعْتِذَارِ .
وَقَالَ آخَرُ :
إنَّ الْكَرِيمَ إذَا حَبَاكَ بِمَوْعِدٍ أَعْطَاكَهُ سَلِسًا بِغَيْرِ مِطَالِ
وَقَالَ آخَرُ :
قُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ بِالْحَقِّ وَكُنْ صَادِقَ الْوَعْدِ فَمَنْ يُخْلِفْ يُلَمْ
وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قُلْتُ {
يَا رَسُولَ اللَّهِ بِمَ يُعْرَفُ الْمُؤْمِنُ ؟ قَالَ وَقَارُهُ ، وَلِينُ كَلَامِهِ ، وَصِدْقُ حَدِيثِهِ } وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ النَّاسِ ثَلَاثٌ وَجَبَتْ لَهُ عَلَيْهِمْ ثَلَاثٌ مَنْ إذَا حَدَّثَهُمْ صَدَقَهُمْ ، وَإِذَا ائْتَمَنُوهُ لَمْ يَخُنْهُمْ ، وَإِذَا وَعَدَهُمْ وَفَّى لَهُمْ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِمْ أَنْ تُحِبَّهُ قُلُوبُهُمْ ، وَتَنْطِقَ بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ أَلْسِنَتُهُمْ ، وَتَظْهَرَ لَهُ مَعُونَتُهُمْ .
وَقَالَ
سَعِيدٌ : كُلُّ الْخِصَالِ يُطْبَعُ عَلَيْهَا الْمُؤْمِنُ إلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ قِيلَ
لِلُقْمَانَ الْحَكِيمِ أَلَسْتَ عَبْدَ بَنِي فُلَانٍ ؟ قَالَ بَلَى قِيلَ فَمَا بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى قَالَ : تَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَصِدْقُ الْحَدِيثِ ، وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ ، وَتَرْكُ مَا لَا يَعْنِينِي ، ثُمَّ قَالَ :
[ ص: 40 ] أَلَا رُبَّ مَنْ تَغْتَشُّهُ لَكَ نَاصِحٌ وَمُؤْتَمَنٍ بِالْغَيْبِ غَيْرُ أَمِينِ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17191نَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ : طَافَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ سَبْعًا وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ
قُرَيْشٍ : مَا أَسْرَعَ مَا طُفْتَ وَصَلَّيْتَ يَا
nindex.php?page=showalam&ids=12أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، .
فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ أَنْتُمْ أَكْثَرُ مِنَّا طَوَافًا وَصِيَامًا ، وَنَحْنُ خَيْرٌ مِنْكُمْ بِصِدْقِ الْحَدِيثِ . وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَإِنْجَازِ الْوَعْدِ . أَنْشَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=17049مَحْمُودٌ الْوَرَّاقُ :
اُصْدُقْ حَدِيثَكَ إنَّ فِي الصِّدْقِ الْخَلَاصَ مِنْ الدَّنَسْ
وَدَعْ الْكَذُوبَ لِشَانِهِ خَيْرٌ مِنْ الْكَذِبِ الْخَرَسْ
وَقَالَ آخَرُ :
مَا أَقْبَحَ الْكَذِبَ الْمَذْمُومَ صَاحِبُهُ وَأَحْسَنَ الصِّدْقَ عِنْدَ اللَّهِ وَالنَّاسِ
وَقَالَ
مَنْصُورٌ الْفَقِيهُ :
الصِّدْقُ أَوْلَى مَا بِهِ دَانَ امْرُؤٌ فَاجْعَلْهُ دِينَا
وَدَعْ النِّفَاقَ فَمَا رَأَيْتُ مُنَافِقًا إلَّا مَهِينَا
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : لَا تَسْتَقِيمُ أَمَانَةُ رَجُلٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ ، وَلَا يَسْتَقِيمُ لِسَانُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ .
وَقَالَ
الْفِرْيَابِيُّ كُنْتُ عِنْدَ
الْأَوْزَاعِيِّ إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا
أَبَا عَمْرٍو ، هَذَا كِتَابُ صَدِيقِكَ وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ فَقَالَ مَتَى قَدِمْتَ ؟ قَالَ : أَمْسِ ، قَالَ ضَيَّعْت أَمَانَتَك لَا أَكْثَرَ اللَّهُ فِي الْمُسْلِمِينَ أَمْثَالَكَ قَالَ الشَّاعِرُ :
إذَا أَنْتَ حَمَّلْتَ الْأَمَانَةَ خَائِنًا فَإِنَّكَ قَدْ أَسْنَدْتَهَا شَرَّ مَسْنَدِ
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ مَنْ عُرِفَ بِالصِّدْقِ جَازَ كَذِبُهُ ، وَمَنْ عُرِفَ بِالْكَذِبِ لَمْ يَجُزْ صِدْقُهُ ، قَالُوا وَالصِّدْقُ عِزٌّ وَالْكَذِبُ خُضُوعٌ .
وَقَالَ
كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ :
وَمَنْ دَعَا النَّاسَ إلَى ذَمِّهِ ذَمُّوهُ بِالْحَقِّ وَبِالْبَاطِلِ
مَقَالَةُ السُّوءِ إلَى أَهْلِهَا أَسْرَعُ مِنْ مُنْحَدَرِ السَّائِلِ
[ ص: 41 ] وَقَالَ
لُقْمَانُ لِابْنِهِ : يَا بُنَيَّ احْذَرْ الْكَذِبَ فَإِنَّهُ شَهِيٌّ كَلَحْمِ الْعُصْفُورِ مَنْ أَكَلَ مِنْهُ شَيْئًا لَمْ يَصْبِرْ عَنْهُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13721الْأَصْمَعِيُّ : قِيلَ لِكَذَّابٍ مَا يَحْمِلُكَ عَلَى الْكَذِبِ ؟ فَقَالَ أَمَا إنَّكَ لَوْ تَغَرْغَرْتَ مَاءَهُ مَا نَسِيتَ حَلَاوَتَهُ ، وَقِيلَ لِكَذَّابٍ هَلْ صَدَقْتَ قَطُّ قَالَ أَكْرَهُ أَنْ أَقُولَ لَا فَأَصْدُقُ .