[ ص: 139 ] فصل
nindex.php?page=treesubj&link=18266_25037كمال الشريعة يستلزم كمال مقيمها حتى في العلوم الطبية قد سبق جملة كثيرة من الطب من نظر فيها وتأملها وأنصف ظهر له أن نسبة طب غير أتباع الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم بالنسبة إلى طبهم أقل من نسبة طب العجائز بالنسبة إلى طبهم هذا وإنما ذلك من بعض الفقراء المستضعفين ، فكيف لو ظهر ذلك وصدر عن الأئمة الكبار .
وظهر من ذلك أن هذه الشريعة كاملة كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } .
وأنها تضمنت جميع الطب المحتاج إليه نصا أو ظاهرا أو إيماء أو قياسا . وكيف لا يكون الأمر كذلك وهي شريعة سيد ولد
آدم صلوات الله وسلامه عليه الذي أرسله الله سبحانه رحمة للعالمين وبعثه إلى الناس عامة ، والإنس ، والجن بمصالح الدنيا ، والآخرة ، فاشتملت شريعته الطاهرة على مصالح الأبدان كما اشتملت على مصالح القلوب وفيها من الطب المحتاج إليه ما لا يعلمه إلا الأنبياء وأتباعهم كما سبق ذكره ، وهذا مما لا شك فيه ولا ينكر ذلك إلا جاهل أو معاند وقد قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=110كنتم خير أمة أخرجت للناس } .
وروى
الترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=110كنتم خير أمة أخرجت للناس } .
[ ص: 140 ]
أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12363إنكم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله عز وجل } إسناد جيد
وبهز حديثه حسن قال
الترمذي : وقد روى غير واحد هذا الحديث عن
بهز نحو هذا ولم يذكروا فيه يعني الآية وكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ، وكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وقال " توفون فهم خير الأمم " كما أن رسولهم أفضل الرسل صلوات الله وسلامه عليهم . ولهذا تغلب الطبيعة الدموية عليهم وكل وصف مطلوب شرعا وعرفا من العقل ، والفهم ، والعلم ، والحلم ، والكرم ، والشجاعة وغير ذلك .
وتغلب على
النصارى الطبيعة البلغمية ، والبلادة وقلة الفهم وكثرة الجهل ، ويغلب على
اليهود الطبيعة الصفراوية ، والهم ، والغم ، والحزن ، والحسد ، والمكر ، والصغار فالحمد لله على الإسلام ، والسنة ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يحيينا عليهما وأن يتوفانا عليهما بفضله ورحمته ، والحمد لله رب العالمين آمين .
[ ص: 139 ] فَصْلٌ
nindex.php?page=treesubj&link=18266_25037كَمَالُ الشَّرِيعَةِ يَسْتَلْزِمُ كَمَالَ مُقِيمِهَا حَتَّى فِي الْعُلُومِ الطِّبِّيَّةِ قَدْ سَبَقَ جُمْلَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ الطِّبِّ مَنْ نَظَرَ فِيهَا وَتَأَمَّلَهَا وَأَنْصَفَ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ نِسْبَةَ طِبِّ غَيْرِ أَتْبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ بِالنِّسْبَةِ إلَى طِبِّهِمْ أَقَلُّ مِنْ نِسْبَةِ طِبِّ الْعَجَائِزِ بِالنِّسْبَةِ إلَى طِبِّهِمْ هَذَا وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ بَعْضِ الْفُقَرَاءِ الْمُسْتَضْعَفِينَ ، فَكَيْفَ لَوْ ظَهَرَ ذَلِكَ وَصَدَرَ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْكِبَارِ .
وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الشَّرِيعَةَ كَامِلَةٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3الْيَوْمَ أَكْمَلْت لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا } .
وَأَنَّهَا تَضَمَّنَتْ جَمِيعَ الطِّبِّ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ نَصًّا أَوْ ظَاهِرًا أَوْ إيمَاءً أَوْ قِيَاسًا . وَكَيْفَ لَا يَكُونُ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَهِيَ شَرِيعَةُ سَيِّدِ وَلَدِ
آدَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمَيْنِ وَبَعَثَهُ إلَى النَّاسِ عَامَّةً ، وَالْإِنْسِ ، وَالْجِنِّ بِمَصَالِحِ الدُّنْيَا ، وَالْآخِرَةِ ، فَاشْتَمَلَتْ شَرِيعَتُهُ الطَّاهِرَةُ عَلَى مَصَالِحِ الْأَبَدَانِ كَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَى مَصَالِحِ الْقُلُوبِ وَفِيهَا مِنْ الطِّبِّ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا الْأَنْبِيَاءُ وَأَتْبَاعُهُمْ كَمَا سَبَقَ ذِكْرُهُ ، وَهَذَا مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا يُنْكِرُ ذَلِكَ إلَّا جَاهِلٌ أَوْ مُعَانِدٌ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=110كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } .
وَرَوَى
التِّرْمِذِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17124مَعْمَرٍ عَنْ
بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=110كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } .
[ ص: 140 ]
أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12363إنَّكُمْ تُتِمُّونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ } إسْنَادٌ جَيِّدٌ
وَبَهْزٌ حَدِيثُهُ حَسَنٌ قَالَ
التِّرْمِذِيُّ : وَقَدْ رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ
بَهْزٍ نَحْوَ هَذَا وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ يَعْنِي الْآيَةَ وَكَذَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابْنُ مَاجَهْ ، وَكَذَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ وَقَالَ " تُوفُونَ فَهُمْ خَيْرُ الْأُمَمِ " كَمَا أَنَّ رَسُولَهُمْ أَفْضَلُ الرُّسُلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ . وَلِهَذَا تَغْلِبُ الطَّبِيعَةُ الدَّمَوِيَّةُ عَلَيْهِمْ وَكُلُّ وَصْفٍ مَطْلُوبٍ شَرْعًا وَعُرْفًا مِنْ الْعَقْلِ ، وَالْفَهْمِ ، وَالْعِلْمِ ، وَالْحِلْمِ ، وَالْكَرَمِ ، وَالشَّجَاعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .
وَتَغْلِبُ عَلَى
النَّصَارَى الطَّبِيعَةُ الْبَلْغَمِيَّةُ ، وَالْبَلَادَةُ وَقِلَّةُ الْفَهْمِ وَكَثْرَةُ الْجَهْلِ ، وَيَغْلِبُ عَلَى
الْيَهُودِ الطَّبِيعَةُ الصَّفْرَاوِيَّةُ ، وَالْهَمُّ ، وَالْغَمُّ ، وَالْحُزْنُ ، وَالْحَسَدُ ، وَالْمَكْرُ ، وَالصَّغَارُ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الْإِسْلَامِ ، وَالسُّنَّةِ وَنَسْأَلُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يُحْيِيَنَا عَلَيْهِمَا وَأَنْ يَتَوَفَّانَا عَلَيْهِمَا بِفَضْلِهِ وَرَحْمَته ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ آمِينَ .