الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ويستلم الحجر كلما مر به إن استطاع ) لأن أشواط الطواف كركعات الصلاة ، فكما يفتتح كل ركعة بالتكبير يفتتح كل شوط باستلام الحجر . وإن لم يستطع الاستلام استقبل وكبر وهلل على ما ذكرنا ( ويستلم الركن اليماني ) وهو حسن في ظاهر الرواية ، وعن محمد رحمه الله أنه سنة ، ولا يستلم غيرهما فإن النبي عليه الصلاة والسلام كان يستلم هذين الركنين [ ص: 456 ] ولا يستلم غيرهما ( ويختم الطواف بالاستلام ) يعني استلام الحجر .

التالي السابق


( قوله ويستلم الحجر كلما مر به ) ذكر في وجهه المعنى دون المنقول وهو إلحاق الأشواط بالركعات فما يفتتح به العبادة وهو الاستلام يفتتح به كل شوط كالتكبير في الصلاة ، وهو قياس شبه لإثبات استحباب شيء وفتح بابه قوله عليه الصلاة والسلام { الطواف بالبيت صلاة } لكن فيه المنقول وهو ما في مسند أحمد والبخاري وغيره { أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف على بعير كلما أتى على الركن أشار إليه بشيء في يده وكبر } ( قوله وإن لم يستطع الاستلام ) أي كلما مر ( استقبل وكبر وهلل ) ولم يذكر المصنف ولا كثير رفع اليدين في كل تكبير يستقبل به في كل مبدإ شوط ، فإن لاحظنا ما رواه من قوله عليه الصلاة والسلام { لا ترفع الأيدي إلا في سبعة مواطن ينبغي أن ترفع للعموم في استلام الحجر } وإن لاحظنا عدم صحة هذا اللفظ فيه وعدم تحسينه بل القياس المتقدم لم يفد ذلك إذ لا رفع مع ما به الافتتاح فيها إلا في الأول ، واعتقادي أن هذا هو الصواب ولم أر عنه عليه الصلاة والسلام خلافه .

( قوله وعن محمد أنه سنة ) هذا هو مقابل ظاهر الرواية في قوله ، وهو حسن في ظاهر الرواية ، ويقبله مثل الحجر .

وحديث ابن عمر من رواية الجماعة إلا الترمذي { لم أر النبي صلى الله عليه وسلم يمس من الأركان إلا اليمانيين } ليس حجة على ظاهر الرواية كما قد يتوهم ، إذ ليس فيه سوى إثبات رؤية استلامه عليه الصلاة والسلام للركنين ، ومجرد ذلك لا يفيد كونه على وجه المواظبة ولا سنة دونها غير أنا علمنا المواظبة على استلام الأسود من خارج ، فقلنا باستنانه فيكون مجرد حديث ابن عمر دليل ظاهر الرواية . وكذا ما في مسلم عن ابن عمر " ما تركت استلام [ ص: 456 ] هذين الركنين اليماني والحجر الأسود منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما " فإنه لا يزيد على أنه رآه يستلمه فلم يتركه هو ، وذلك قد يكون محافظة منه على الأمر المستحب ، وكذا ما عن ابن عمر أنه عليه الصلاة والسلام قال " مسح الركن اليماني والركن الأسود يحط الخطايا حطا " رواه أحمد والنسائي قال : هذا ندب ، والمندوب من المستحب .

نعم ما في الدارقطني عن ابن عمر " كان عليه الصلاة والسلام يقبل الركن اليماني ويضع يده عليه " وأخرجه عن ابن عباس رضي الله عنهما وقال " ويضع خده عليه " ظاهر في المواظبة .

وأظهر منه ما عن ابن عمر " كان عليه الصلاة والسلام لا يدع أن يستلم الحجر والركن اليماني في كل طوافه " رواه أحمد وأبو داود وعن مجاهد " من وضع يده على الركن اليماني ثم دعا استجيب له " وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال " وكل بالركن اليماني سبعون ألف ملك ، فمن قال : اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار قالوا : آمين " .

ويستحب الإكثار من هذا الدعاء لأنه جامع لخيرات الدنيا والآخرة




الخدمات العلمية