الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 605 ] الأول : ففهمناها سليمان ولولا تعين الحق في جهة لما خص بالتفهيم ، ولولا سقوط الإثم عن المخطئ لما مدح داود بـ كلا آتينا .

                الثاني : لا غرض للشارع في تعيين حكم ، وإنما قصده تعبد المكلف بالعمل بمقتضى اجتهاده الظني ، وطلب الأشبه ، فإن أصابه أجر أجرين ، وإن أخطأه أجر للاجتهاد ، وفاته أجر الإصابة ، وتخصيص سليمان بالتفهيم لإصابته الأشبه ، لا لأن ثم حكما معينا هو مطلوب المجتهد .

                التالي السابق


                قوله : " الأول " ، أي : احتج الأول ، وهو القائل : إن الحق في قول واحد بعينه بقوله - سبحانه وتعالى - : وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان [ الأنبياء : 78 - 79 ] ولولا أن الحق في جهة بعينها ، " لما خص " سليمان " بالتفهيم " ، إذ كان يكون ترجيحا بلا مرجح ، " ولولا سقوط الإثم عن المخطئ ، لما مدح داود " عليه السلام بقوله - عز وجل - : وكلا آتينا حكما وعلما [ الأنبياء : 79 ] ، لأن المخطئ لا يمدح ، فدل هذا على أن الحق في قول مجتهد معين ، وأن المخطئ في الفروع غير آثم .

                قوله : " الثاني " ، أي : احتج الثاني وهو القائل : إن كل مجتهد في الفروع مصيب ، وليس هناك حكم مقصود ، بل المقصود ما أدى إليه ظن المجتهد ؛ بأن قال : " لا غرض للشارع في تعيين حكم دون حكم " لأن الغرض في [ ص: 606 ] ذلك إنما يكون لمن بعض الأشياء أولى به من بعض ، والشارع ليس كذلك . إذ هذا شأن من يلحقه النفع بفعل الأولى به ، والضرر بتركه ، والشارع بريء من ذلك ، " وإنما قصده تعبد المكلف بالعمل بمقتضى اجتهاده الظني ، وطلب الأشبه " بمقصود الشرع لو كان له مقصود معين ، فإذا اجتهد المكلف في طلب الأشبه ، " فإن أصابه أجر أجرين ، وإن أخطأه أجر للاجتهاد ، وفاته أجر الإصابة " .

                قوله : " وتخصيص سليمان بالتفهيم " هذا جواب عن حجة الأول الذي زعم أن الحق معين ، وهو أن تخصيص سليمان بالتفهيم ، أي : بالإخبار ، أنه فهم الحكم " لإصابته الأشبه ، لا لأن ثم حكما معينا هو مطلوب للمجتهد " ، وقد فسرنا الأشبه ما هو .




                الخدمات العلمية