الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1298 ( وقال حجاج بن منهال : حدثنا جرير بن حازم ، عن الحسن قال : حدثنا جندب رضي الله عنه في هذا المسجد فما نسينا وما نخاف أن يكذب جندب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " كان برجل جراح قتل نفسه فقال الله عز وجل : بدرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة " ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، ورجاله قد ذكروا غير مرة ، وهذا تعليق وصله في ذكر بني إسرائيل فقال : حدثنا محمد ، حدثنا حجاج بن منهال فذكره ، وفي ( التلويح ) : كذا ذكره عن شيخه بلفظ قال ، وخرجه في أخبار بني إسرائيل فقال : حدثنا محمد ، حدثنا حجاج بن منهال قال : وهو يضعف قول من قال إنه إذا قال عن شيخه وقال فلان يكون أخذه عنه مذاكرة ولفظه : " هناك كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكينا فحز بها يده فما رقي الدم حتى مات " ، وعند مسلم من حديث محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا وهب بن جرير ، حدثنا أبي ولفظه : " خرجت به قرحة فلما آذته انتزع سهما من كنانته فنكاها فلم يرق الدم حتى مات " ، وقال أبو عبد الله الحاكم : محمد هذا هو الذهلي ، قال الجياني : ونسبه أبو علي بن السكن ، عن الفربري فقال : حدثنا محمد بن سعيد ، حدثنا حجاج ، وقال الدارقطني : قد أخرج البخاري عن محمد بن معمر وهو مشهور بالرواية ، ثم رواه أبو علي ، عن حكيم بن محمد ، حدثنا أبو بكر بن إسماعيل ، حدثنا علي بن قديد ، حدثنا محمد بن علي بن محرز ، حدثنا حجاج ، فذكره .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه )

                                                                                                                                                                                  قوله : ( في هذا المسجد ) الظاهر أنه مسجد البصرة ، قوله : ( فما نسينا وما نخاف ) ذكر هذا للتأكيد والتحقيق ، قوله : ( عن النبي ) ويروى ( على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ) وهو ظاهر لأنه يقال كذب عليه ، وأما رواية عن فعلى معنى النقل ، قوله : ( برجل جراح ) لم يعرف الرجل من هو ، والجراح بكسر الجيم ، ويروى " خراج " بضم الخاء المعجمة وتخفيف الراء ، وهو في اصطلاح الأطباء الورم إذا اجتمعت مادته المتفرقة في ليف العضو الورم إلى تجويف واحد وقبل ذلك يسمى ورما ، وفي ( المحكم ) : هو اسم لما يخرج في البدن ، زاد في ( المنتهى ) : من القروح ، وفي ( المغرب ) : الخراج بالضم البثر ، الواحدة خراجة ، وزعم أبو موسى المديني أنه يجمع على خراجات وخرجات ، وفي ( الجمهرة ) و ( الجامع ) و ( الموعب ) : الخراج ما خرج على الجسد من دمل ونحوه ، وزعم النووي أن الخراج قرحة بفتح القاف وإسكان الراء وهي واحدة القروح وهي حبات تخرج في بدن الإنسان ، وفي ( التلويح ) : ينظر فيه من سلفه فيه ، قوله : ( قتل نفسه ) أي بسبب الجراح وهي جملة وقعت صفة ، ويروى " فقتل " ، قوله : ( بدرني ) معنى المبادرة عدم صبره حتى يقبض الله روحه حتف أنفه ، يقال بدرني أي سبقني من بدرت إلى الشيء أبدر بدورا إذا أسرعت ، وكذلك بادرت إليه ، قوله : ( حرمت عليه الجنة ) معناه إن كان مستحلا فعقوبته مؤبدة أو معناه حرمت قبل دخول النار ، أو المراد من الجنة جنة خاصة لأن الجنان كثيرة أو هو من باب التغليظ أو هو مقدر بمشيئة الله تعالى ، وقيل : يحتمل أن يكون هذا الوعيد لهذا الرجل المذكور في الحديث وانضم إلى هذا الرجل مشركه ، وقال ابن التين : يحتمل أن يكون كافرا لقوله " فحرمت عليه الجنة " وفيه نظر من حيث إن الجنة محرمة على الكافر سواء قتل نفسه أو استبقاها ، وعلى تقدير أن يكون كافرا ، إنما يتأتى على قول من يقول إن الكفار مطالبون [ ص: 192 ] بالفروع الشرعية ، وعلى القول الآخر لا يحسن ذلك ، ثم إن الحديث لا دلالة فيه على كفر ولا إيمان ، بل هو على الإيمان أدل من غيره والله أعلم ، لا سيما وقد ورد في ( المصنف ) لابن أبي شيبة : حدثنا شريك ، عن سماك ، " عن جابر بن سمرة أن رجلا من أصحاب النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - أصابته جراحة فآلمته ، فأخذ مشقصا فقتل به نفسه ، فلم يصل النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية