الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1202 23 - حدثنا أحمد ، قال : حدثنا عبد الله بن وهب ، قال : أخبرنا ابن جريج أن أيوب أخبره قال : سمعت ابن سيرين يقول : جاءت أم عطية رضي الله عنها امرأة من الأنصار من اللاتي بايعن ، قدمت البصرة تبادر ابنا لها ، فلم تدركه ، فحدثتنا قالت : دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته ، فقال : اغسلنها ثلاثا ، أو خمسا ، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر ، واجعلن في الآخرة كافورا ، فإذا فرغتن فآذنني ، قالت : فلما فرغنا ألقى إلينا حقوه ، فقال : أشعرنها إياه ، ولم يزد على ذلك ولا أدري ، أي بناته ، وزعم الإشعار الففنها فيه ، وكذلك كان ابن سيرين يأمر بالمرأة أن تشعر ولا تؤزر .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " وزعم الإشعار الففنها فيه " وفيه بيان كيفية الإشعار وهو اللف ، وصدر السند مثل صدر سند الحديث في الباب السابق ; لأن في كل منهما حدثنا أحمد قال : حدثنا ابن وهب قال : أخبرنا ابن جريج إلى هنا كلاهما سواء عن أحمد بن صالح على الخلاف ، عن عبد الله بن وهب المصري ، عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ، وهناك قال أيوب وسمعت حفصة بنت سيرين قال: حدثتنا أم عطية وهنا أن أيوب أخبره قال : سمعت ابن سيرين يقول : جاءت أم عطية امرأة الحديث .

                                                                                                                                                                                  ذكر معناه : قوله : " امرأة من الأنصار " مرفوع لأنه عطف بيان ولا يلزم في عطف البيان أن يكون من الأعلام والكنى ، وكلمة من في الموضعين بيانية ، ويجوز أن تكون الثانية للتبعيض . قوله : " قدمت البصرة " بيان لقوله : " جاءت " ، أو بدل منه . قوله : " تبادر ابنا لها " جملة حالية ، وتبادر من المبادرة ، وهي الإسراع ، والمعنى أنها أسرعت في المجيء إلى بصرة لأجل ابنها الذي كان فيها ، ولم تدركه ; لأنه إما مات قبل مجيئها ، وإما خرج إلى موضع آخر .

                                                                                                                                                                                  قوله : " فحدثتنا " أي أم عطية ، والقائل بهذا ابن سيرين قوله : " ذلك " بكسر الكاف خطابا لأم عطية لأنها كانت الغاسلة قوله : " في الآخرة " ، أي في الغسلة الآخرة قوله : " حقوه " ، أي إزاره قوله : " ولم يزد على ذلك " ، أيقال أيوب : لم يزد ابن سيرين على المذكور بخلاف حفصة بنت سيرين فإنها زادت أشياء منها أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ابدءوا بميامنها ومواضع الوضوء منها " قوله : " ولا أدري أي بناته " ، أيقال أيوب : ولا أدري أي بناته كانت المغسولة ; فأي مبتدأ وخبره محذوف والتقدير : أي بناته كانت ونحوه ، وهذا لا ينافي ما قاله آخرون أنها زينب ; إذ عدم علمه لا ينافي علم الغير ، وقد صرح عاصم في روايته عن حفصة أنها زينب ، وهي رواية مسلم قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد جميعا ، عن أبي معاوية قال عمرو : حدثنا محمد بن حازم أبو معاوية قال : حدثنا عاصم الأحول ،عن حفصة بنت سيرين ،عن أم عطية قالت : : " لما ماتت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغسلنها وترا " الحديث قوله : " وزعم " ، أي أيوب قوله : " الإشعار " منصوب بقوله : " زعم " ، أيقال أيوب : إن معنى أشعرنها في الحديث ، أي ألففنها .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 47 ] فيه من الإلفاف ، وذكر فيه لفظة الإشعار ، مع أنه ليس فيه صيغة الأمر ، ثم فسره بصيغة الأمر بقوله : ألففنها فيه ، وذلك لأنه طلب الاختصار ، وتقديره : أن الإشعار هو اللف ، فمعنى : " أشعرنها إياه " ألففنها فيه ، ولا التباس فيه للقرينة الدالة على ذلك. قوله : " وكذلك كان ابن سيرين " ، أيقال أيوب : " وكذلك كان محمد بن سيرين يأمر بالمرأة أن تشعر " ، أي تلف وتشعر على صيغة المجهول ، وكذلك قوله : " ولا تؤزر " ، أي ولا تجعل الشعار عليها مثل الإزار ; لأن الإزار لا يعم البدن ، بخلاف الشعار ، وكان ابن سيرين أعلم التابعين بعمل الموتى وأيوب بعده . قوله : " لا تؤزر " بضم التاء وسكون الهمزة وفتح الزاي ، ويجوز بفتح الهمزة وتشديد الزاي من التأزير .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية