ذكر خوارزم شاه بخراسان ما فعله
لما وصل خوارزم شاه إلى خوارزم أتته الأخبار بما فعله كزلك خان وأخوه علي شاه وغيرهما ، فسار إلى خراسان وتبعته العساكر ، فتقطعت ، ووصل هو إليها في اليوم السادس ومعه ستة فرسان ، وبلغ كزلك خان وصوله ، فأخذ أمواله وعساكره وهرب نحو العراق ، وبلغ أخاه عليا شاه ، فخافه ، وسار على طريق قهستان ملتجئا إلى ، صاحب فيروزكوه فتلقاه ، وأكرمه ، وأنزله عنده . غياث الدين محمود الغوري
وأما خوارزم شاه فإنه دخل نيسابور ، وأصلح أمرها ، وجعل فيها نائبا ، وسار إلى هراة ، فنزل عليها مع عسكره الذين يحاصرونه ، وأحسن إلى أولئك الأمراء ، ووثق بهم لأنهم صبروا على امتثال أمره في تلك الحال ولم يتغيروا ، ولم يبلغوا من هراة غرضا بحسن تدبير ذلك الوزير ، فأرسل خوارزم شاه إلى الوزير يقول له : إنك وعدت عسكري أنك تسلم المدينة إذا حضرت ، وقد حضرت فسلم . فقال : لا أفعل ، لأني أعرف أنكم غدارون ، لا تبقون على أحد ، ولا أسلم البلد إلا إلى غياث الدين محمود .
فغضب خوارزم شاه من ذلك ، وزحف إليه بعساكره ، فلم يكن فيه حيلة ، فاتفق جماعة من أهل هراة وقالوا : هلك الناس من الجوع والقلة ، وقد تعطلت علينا معايشنا ، وقد مضى سنة وشهر ، وكان الوزير يعد بتسليم البلد إلى خوارزم شاه إذا [ ص: 257 ] وصل إليه ، وقد حضر خوارزم شاه ولم يسلم ، ويجب أن نحتال في تسليم البلد ، والخلاص من هذه الشدة التي نحن فيها .
فانتهى ذلك إلى الوزير ، فبعث إليهم جماعة من عسكره ، وأمرهم بالقبض عليهم ، فمضى الجند إليهم ، فثارت فتنة في البلد عظم خطبها ، فاحتاج الوزير إلى تداركها بنفسه ، فمضى لذلك ، فكتب من البلد إلى خوارزم شاه بالخبر ، وزحف إلى البلد وأهله مختلطون فخربوا برجين من السور ، ودخلوا البلد فملكوه ، وقبضوا على الوزير فقتله خوارزم شاه ، وملك البلد ، وذلك سنة خمس وستمائة ، وأصلح حاله ، وسلمه إلى خاله أمير ملك ، وهو من أعيان أمرائه ، فلم يزل بيده حتى هلك خوارزم شاه .
وأما ابن شهاب الدين مسعود فإنه أقام عند الخطا مديدة ، فقال له الذي استأسره يوما : إن خوارزم شاه قد عدم فإيش عندك من خبره ؟ فقال له : أما تعرفه ؟ ! قال : لا . قال : هو أسيرك الذي كان عندك . فقال : لم لم تعرفني حتى كنت أخدمه ، وأسير بين يديه إلى مملكته ؟ قال : خفتكم عليه . فقال الخطائي : سر بنا إليه فسارا إليه ، فأكرمهما ، وأحسن إليهما ، وبالغ في ذلك .