الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر بعض سيرة شهاب الدين

كان - رحمه الله - شجاعا مقداما كثير الغزو إلى بلاد الهند ، عادلا في رعيته ، حسن السيرة فيهم ، حاكما بينهم بما يوجبه الشرع المطهر ، وكان القاضي بغزنة يحضر داره كل أسبوع السبت والأحد والاثنين والثلاثاء ، ويحضر معه أمير حاجب ، وأمير داذ ، وصاحب البريد . فيحكم القاضي ، وأصحاب السلطان ينفذون أحكامه على الصغير والكبير ، والشريف والوضيع ، وإن طلب أحد الخصوم الحضور عنده أحضره وسمع كلامه ، وأمضى عليه أو له ، حكم الشرع ، فكانت الأمور جارية على أحسن نظام .

حكي لي عنه أنه لقيه صبي علوي عمره نحو خمس سنين فدعا له ، وقال : لي خمسة أيام ما أكلت شيئا ، فعاد من الركوب لوقته ، ومعه الصبي ، فنزل في داره وأطعم العلوي أطيب الطعام بحضرته ، ثم أعطاه مالا بعد أن أحضر أباه وسلمه إليه ، وفرق في سائر العلويين مالا عظيما .

وحكي عنه أن تاجرا من مراغة كان بغزنة ، وله على بعض مماليك شهاب الدين دين مبلغه عشرة آلاف دينار ، فقتل المملوك في حرب كانت له ، فرفع التاجر حاله ، [ ص: 218 ] فأمر بأن يقر إقطاع المملوك بيد التاجر إلى أن يستوفي دينه ففعل ذلك .

وحكي عنه أنه كان يحضر العلماء بحضرته ، فيتكلمون في المسائل الفقهية وغيرها ، وكان فخر الدين الرازي يعظ في داره ، فحضر يوما فوعظ ، وقال في آخر كلامه : يا سلطان ، لا سلطانك يبقى ولا تلبيس الرازي ، وإن مردنا إلى الله ! فبكى شهاب الدين حتى رحمه الناس لكثرة بكائه .

وكان رقيق القلب ، وكان شافعي المذهب مثل أخيه .

قيل : وكان حنفيا - والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية