الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر عود جلال الدين إلى تبريز ، وملكه مدينة كنجة ، ونكاحه زوجة أوزبك .

لما فرغ جلال الدين من هزيمة الكرج ، ودخل البلاد وبث العساكر فيها ، أمرهم بالمقام بها مع أخيه غياث الدين ، وعاد إلى تبريز .

وسبب عوده أنه كان قد خلف وزيره شرف الملك في تبريز ليحفظ البلد ، وينظر في مصالح الرعية ، فبلغه عن رئيس تبريز وشمس الدين الطغرائي ، وهو المقدم على كل من في البلد ، وعن غيرهما من المقدمين ، أنهم قد اجتمعوا ، وتحالفوا على الامتناع على جلال الدين ، وإعادة البلد إلى أوزبك ، وقالوا : إن جلال الدين قد قصد بلاد الكرج ، فإذا عصينا عليه وأحضرنا أوزبك ومن معه من العساكر ، يضطر جلال الدين إلى العود ، فإذا عاد تبعه الكرج ، فلا يقدر على المقام ، ويجتمع أوزبك والكرج ويقصدونه ، فينحل نظام أمره ، وتتم عليه الهزيمة .

فبنوا أمرهم على أن جلال الدين يسير الهوينا إلى بلاد الكرج ، ويتريث في الطريق احتياطا منهم ، فلما اتفقوا على ذلك ، أتى الخبر إلى الوزير ، فأرسل إلى جلال الدين يعرفه الحال ، فأتاه الخبر وقد قارب بلاد الكرج ، فلم يظهر من ذلك شيئا ، وسار نحو الكرج مجدا ، فلقيهم وهزمهم ، فلما فرغ منهم ، قال لأمراء عسكره : إنني قد بلغني من الخبر كذا وكذا ، فتقيمون أنتم في البلاد على ما أنتم عليه من قتل من ظفرتم به ، وتخريب ما أمكنكم من بلادهم ، فإنني خفت أن أعرفكم قبل هزيمة الكرج ; لئلا يلحقكم وهن وخوف .

[ ص: 398 ] فأقاموا على حالهم ، وعاد هو إلى تبريز ، وقبض على الرئيس والطغرائي وغيرهما ، فأما الرئيس فأمر أن يطاف به على أهل البلد ، وكل من له عليه مظلمة فليأخذها منه ، وكان ظالما ، ففرح الناس بذلك ، ثم قتله ، وأما الباقون فحبسوا ، فلما فرغ منهم واستقام له أمر البلد ، تزوج زوجة أوزبك ابنة السلطان طغرل ، وإنما صح له نكاحها ; لأنه ثبت عن أوزبك أنه حلف بطلاقها أنه لا يقتل مملوكا له اسمه ( . . . . . ) ثم قتله ، فلما وقع الطلاق بهذه اليمين ، نكحها جلال الدين ، وأقام بتبريز مدة ، وسير منها جيشا إلى مدينة كنجة فملكوها ، وفارقها أوزبك إلى قلعة كنجة فتحصن فيها .

فبلغني أن عساكر جلال الدين تعرضوا لأعمال هذه القلعة بالنهب والأخذ ، فأرسل أوزبك إلى جلال الدين يشكو ، ويقول : كنت لا أرضى بهذه الحال لبعض أصحابي ، فأنا أسأل أن تكف الأيدي المتطرقة إلى هذه الأعمال عنها . فأرسل جلال الدين إليها من يحميها من التعرض لها من أصحابه وغيرهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية