في هذه السنة في صفر ، توفي فجأة الملك الأفضل علي بن صلاح الدين يوسف بن أيوب بقلعة سميساط ، وكان عمره نحو سبع وخمسين سنة ، وقد ذكرنا سنة تسع وثمانين وخمسمائة عند وفاة والده - رحمه الله - ملكه مدينة دمشق والبيت المقدس ، وغيرهما من الشام ، وذكرنا سنة اثنتين وتسعين أخذ الجميع منه ، ثم ذكرنا سنة خمس وتسعين ملكه ديار مصر ، وذكرنا سنة ست وتسعين أخذها منه ، وانتقل إلى سميساط وأقام بها ، ولم يزل بها إلى الآن ، فتوفي بها .
وكان - رحمه الله - من محاسن الزمان ، لم يكن في الملوك مثله ، كان خيرا [ ص: 391 ] عادلا ، فاضلا ، حليما ، كريما ، قل أن عاقب على ذنب ، ولم يمنع طالبا ، كان يكتب خطا حسنا ، وكتابة جيدة ، وبالجملة ، فاجتمع فيه من الفضائل والمناقب ما تفرق في كثير من الملوك ، لا جرم حرم الملك والدنيا ، وعاداه الدهر ، ومات بموته كل فعل جليل ، فرحمه الله ورضي عنه .
ورأيت من كتابته أشياء حسنة ، فمما بقي على خاطري منها أنه كتب إلى بعض أصحابه لما أخذت دمشق منه كتابا ، من فصوله : وأما أصحابنا بدمشق فلا علم لي بأحد منهم ، وسبب ذلك أني :
أي
صديق سألت عنه ففي الذل وتحت الخمول في الوطن وأي ضد سألت حالته
سمعت ما لا تحبه أذني
فتركت السؤال عنهم ، وهذا غاية الجودة في الاعتذار عن ترك السؤال والصاحب .
ولما ملك ، اختلف أولاده ، وعمهم قطب الدين موسى ، ولم يقو أحد منهم على الباقين ليستبد بالأمر .