والمواقيت الأربعة الأولى ، وهي ذو الحليفة والجحفة ويلملم وقرن متفق على أنها من توقيت الرسول صلى الله عليه وسلم واختلف في ذات عرق فقيل : إنها من توقيت سيدنا رضي الله عنه لما روى عمر عن البخاري أنه لما فتح هذان المصران أتوا ابن عمر فقالوا : يا أمير المؤمنين ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حد لأهل عمر نجد قرنا ، وهو جور عن طريقنا ، وإن أردنا قرنا شق علينا قال : انظروا حذوها من طريقكم فحد لهم ذات عرق ، والمراد ب " المصران " البصرة والكوفة والمراد بفتحهما بناؤهما ، فإنهما بنيتا في خلافة سيدنا رضي الله عنه ، وهو الذي جعلهما مصرين وقوله : جور بفتح الجيم وسكون الواو أي : مائلة عن طريقنا ، وقال عمر في المدونة : وقت مالك لأهل عمر العراق ذات عرق ، ولم يذكر في الموطإ من وقتها ، والصحيح : أنها من توقيت النبي صلى الله عليه وسلم ففي صحيح مسلم من حديث أنه { أبي الزبير يسأل عن المهل فقال : سمعت أحسبه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال مهل أهل جابر بن عبد الله المدينة من ذي الحليفة والطريق الآخر الجحفة ومهل أهل العراق من ذات عرق ومهل أهل نجد من قرن ومهل أهل اليمن من يلملم } وقوله : عن المهل هو بضم الميم وفتح الهاء وتشديد اللام أي : من وضع الإهلال ، وكذلك مهل أهل سمع المدينة وأهل العراق وأهل نجد وأهل اليمن أي : موضع إهلالهم اسم مكان من أهل وقوله : أحسبه يعني أبا فقال : أظن أن الزبير رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال جابرا النووي ، ولا يحتج بهذا الحديث مرفوعا لكونه لم يجزم برفعه انتهى .
( قلت : ) لكن رواه أبو داود على الجزم وبرفعه من حديث والنسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { عائشة العراق ذات عرق } ، وقال وقت لأهل ابن جماعة وإسناده صحيح ، ورواه الإمام من حديث أحمد عن أبي الزبير وجزم برفعه لكن في سنده جابر ورواه الإمام ابن لهيعة من حديث أحمد لكن في [ ص: 33 ] سنده ابن عمر إبراهيم بن يزيد الجويري ، وهو ضعيف لكن ظهر بما تقدم من طرق الحديث قوته وصلاحيته للاحتجاج به ( الثاني : ) قال صاحب الطراز : فإن قيل : لو وقته رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خفي على ، ولا غيره ( عمر قلت : ) يجوز أن يخفى ; لأن العراق لم تفتح في زمن الرسول حتى يكون إهلالا شائعا ذائعا ، وإنما كان النبي عليه السلام يقول ذلك في بعض مجالسه بيانا لما سيكون ومثل ذلك يجوز أن يخفى على معظم الصحابة ، كما خفي على توريث المرأة من دية زوجها حتى روي له الحديث بذلك وخفي على عمر أبي بكر أمر الجدة حتى روي له حكم الرسول صلى الله عليه وسلم فيها انتهى .
( قلت : ) فيحمل توقيت سيدنا على أنه لم يبلغه الحديث فوقت ذلك باجتهاده فوافق نص الحديث ، وقد نزل القرآن على وفق قوله : رضي الله عنه ثم قال في الطراز : فإن قيل : فأهل عمر العراق كانوا مشركين في زمنه صلى الله عليه وسلم فكيف يكون له ميقات ( قلنا ) عنه جوابان : أحدهما : أن ذلك لمن جاء من ناحية العراق ، وإن لم يكن من أهل العراق نفسها والثاني : أنه عليه السلام علم أنهم يسلمون كما يسلم أهل الشام وكما قال { لعدي بن حاتم يوشك أن تخرج الظعينة من الحيرة تؤم البيت لا جوار معها لا تخاف إلا الله } انتهى .
( قلت : ) يعني أنه كما وقت لأهل الشام ومصر الجحفة ، ولم تكونا فتحتا ، فكذلك وقت لأهل العراق ذات عرق ، وإن لم تكن فتحت ، وقد علم صلى الله عليه وسلم ما سيفتح بعده وزويت له مشارق الأرض ومغاربها ، وقال { } وكما أخبر صلى الله عليه وسلم بغير ذلك من المغيبات ، وقد ضعف : سيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها الحديث بما تقدم أعني كون الدارقطني العراق لم تفتح حينئذ ورد عليه بنحو ما تقدم ، والله أعلم . القاضي عياض
( الثالث : ) أجمع العلماء على هذه المواقيت الخمسة إلا أن رضي الله عنه استحب لأهل الشافعي العراق أن يهلوا من العقيق لحديث أبي رواه الترمذي عن أنه صلى الله عليه وسلم { ابن عباس } ، وهو أبعد من وقت لأهل المشرق العقيق ذات عرق بمرحلتين أو مرحلة والعقيق كل واد نسفته السيول ، وفي بلاد العرب مواضع كثيرة تسمى بالعقيق عدها بعضهم عشرة ، ووجه قول الجمهور : ما تقدم من نصوص الأحاديث وإجماع الناس على ما فعله رضي الله عنه قال صاحب الطراز : ولأنه لا خلاف أنهم إذا جاوزوا عمر العقيق وأحرموا من ذات عرق ، فإنه لا دم عليهم ، فلو كان العقيق ميقاتا لهم لوجب عليهم الدم بتركه ( قلت : ) والحديث الذي استدل به في إسناده الشافعي ، وقد ضعفوه ، وذكر يزيد بن أبي زياد أنه قد تفرد به ، والله أعلم . البيهقي
، وقد نظم بعضهم المواقيت الخمسة في بيتين فقال : -
عرق العراق يلملم اليمني وبذي الحليفة يحرم المدني والشامي جحفة إن مررت بها
ولأهل نجد قرن فاستبن