الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت أي: ألم ينته علمك إلى خبرهم، فالألف للتوقيف.

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس : كان هؤلاء المخبر عنهم أربعين ألفا.

                                                                                                                                                                                                                                      [ السدي : كانوا بضعة وثلاثين ألفا، وقيل: أربعة آلاف، وقيل: ثمانية آلاف].

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس : هم ناس من بني إسرائيل، خرجوا فرارا من الطاعون، وقالوا: نأتي أرضا لا موت فيها، فأماتهم الله عز وجل، فمر بهم نبي، فدعا الله عز وجل، فأحياهم.

                                                                                                                                                                                                                                      [ويروى: أنهم عاشوا ثمانية أيام.

                                                                                                                                                                                                                                      الضحاك : خرجوا فرارا من الجهاد، فأماتهم الله، ثم أحياهم، ثم أمرهم بالجهاد، فقال: وقاتلوا في سبيل الله ].

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 555 ] وقيل: إنهم كانوا بواسط العراق.

                                                                                                                                                                                                                                      ويقال: إنهم أحيوا بعد أن أنتنوا، فتلك الرائحة موجودة في نسلهم إلى اليوم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقاتلوا في سبيل الله قيل: هو للذين تقدم ذكرهم، وقيل: لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا : (القرض) : ما يفعل ليجازى عليه، وأصله: القطع، وقيل له: قرض; لأنه يقطع لصاحبه مثل ما أعطى.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد : هذا في الجهاد، يضاعف للواحد سبع مئة.

                                                                                                                                                                                                                                      السدي : لا يدري أحد ما هذا التضعيف؟الحسن: المراد بالآية: جميع أبواب البر.

                                                                                                                                                                                                                                      والله يقبض ويبسط أي: يقتر ويوسع، وقيل: يقبض الصدقات، ويخلفها بالثواب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل : {الملإ} : الأشراف، كأنهم ممتلئون شرفا.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 556 ] الزجاج : سموا بذلك; لأنهم مليئون بما يحتاج إليه منهم.

                                                                                                                                                                                                                                      و {الملإ} : جمع لا واحد له من لفظه.

                                                                                                                                                                                                                                      وجاء في الخبر: أن هؤلاء المذكورين هم الذين أميتوا، ثم أحيوا.

                                                                                                                                                                                                                                      قال مجاهد : قالوا هذا حين رفعت التوراة، وسلط على بني إسرائيل عدوهم.

                                                                                                                                                                                                                                      السدي : كان اسم نبيهم: سمعون، سمته أمه بذلك; لأنها سمع دعاؤها فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      وهب بن منبه : اسمه شمويل.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة : هو يوشع بن نون، وكان الذين أمروا بجهادهم العمالقة، وملكهم جالوت.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي: أن نبيهم الذي أرسل إليهم كذبوه، وقالوا له: إن كنت صادقا; فابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله، فقال لهم: هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا ، وردوا عليه بما أخبر الله به عنهم، فسأل الله عز وجل، [ ص: 557 ] فأوحى الله تعالى إليه أني مملك طالوت، وكان من سبط بنيامين بن يعقوب، ولم يكن من سبط الملك; لأن الملك إنما كان من سبط معروف، فلذلك أنكروا ملكه، وكذلك كانت النبوة أيضا من سبط معروف.

                                                                                                                                                                                                                                      وذكر أصحاب الأخبار: أن طالوت كان سقاء، وقيل: كان دباغا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: اصطفاه عليكم أي: اختاره.

                                                                                                                                                                                                                                      وزاده بسطة في العلم والجسم قيل: إنه كان يزيد على أطول بني إسرائيل من منكبه إلى فوق.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أي: علامته.

                                                                                                                                                                                                                                      أن يأتيكم التابوت قيل: كان التابوت عند جالوت وأصحابه، وكانوا عبدة أوثان بأسفل جبل إيليا، فكان في كنيسة لهم فيها أصنام، وكانت الأصنام تصبح منكسة رءوسها، وسلط الله عليهم الفأر، فكانت تأتي أحدهم فتأكل ما في جوفه، فيصبح ميتا.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 558 ] وقيل: ابتلوا بالناسور، حتى أخرجوا التابوت من عند أنفسهم، فجعلوه على عجلة، وعلقوها بثورين، فساقته الملائكة حتى وقف بين يدي طالوت، وهو معنى قوله: تحمله الملائكة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: معناه: حمل إليهم بأمر الملائكة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الحسن : حملته الملائكة بين السماء والأرض عيانا.

                                                                                                                                                                                                                                      وهب بن منبه : كان طوله ثلاثة أذرع، وكان عرضه ذراعين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فيه سكينة من ربكم : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: السكينة: ريح هفافة، له وجه كوجه الإنسان.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد : لها رأس وذنب كرأس الهر وذنبه.

                                                                                                                                                                                                                                      وهب: روح من الله يكلمهم، إذا اختلفوا في شيء; بينه لهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس : هي دابة بقدر الهر، لها عينان لهما شعاع، إذا التقى الجمعان; أخرجت رأسها ونظرت إليهم، فينهزم الجيش من الرعب.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 559 ] وعنه: هي طست من ذهب، كانت تغسل فيها قلوب الأنبياء.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو مالك: هي طست من ذهب، ألقى فيها موسى الألواح، والتوراة، وعصاه.

                                                                                                                                                                                                                                      عطاء: السكينة: ما يعرفون من الآيات، فيسكنون إليه.

                                                                                                                                                                                                                                      الضحاك : السكينة: الرحمة.

                                                                                                                                                                                                                                      فأما (البقية) ؛ فروي عن ابن عباس، وقتادة، وغيرهما: أنها عصا موسى، [ورضراض الألواح; لأنها تكسرت حين ألقاها موسى، قيل: كانت من ياقوت ودر وزبرجد].

                                                                                                                                                                                                                                      أبو صالح: البقية: عصا موسى، وثيابه، وثياب هارون، ولوحان من التوراة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 560 ] السدي : رضاض الألواح، والتوراة، والعصا.

                                                                                                                                                                                                                                      مقاتل: رضراض الألواح، وعمامة موسى، وهن في طست من ذهب.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو صالح : هي لوحان من التوراة، وثياب موسى، وثياب هارون، وعصواهما، وكلمة الفرج: لا إله إلا الله الحليم الكريم، وسبحان الله رب السماوات السبع، ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين.

                                                                                                                                                                                                                                      الثوري : هي العصا والنعلان.

                                                                                                                                                                                                                                      الضحاك : هي القتال.

                                                                                                                                                                                                                                      فلما فصل طالوت بالجنود قال السدي : كانوا ثمانين ألفا.

                                                                                                                                                                                                                                      قال إن الله مبتليكم بنهر قال ابن عباس، وقتادة، وغيرهما: كان النهر بين الأردن وفلسطين، وعن ابن عباس أيضا: هو نهر فلسطين، وابتلوا به اختبارا لما شكوا قلة الماء، وأن الله تعالى أراد أن يري طالوت من يقاتل معه، ومن لا يقاتل.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية