الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم قال ابن عباس : هؤلاء قوم من اليهود، نافقوا بعد إسلامهم، فكانوا يحدثون المؤمنين من العرب بما عذب به آباؤهم، فقال لهم اليهود: أتحدثونهم بما فتح الله عليكم من العذاب; ليقولوا: نحن أكرم على الله منكم؟

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة : كانوا يقولون: سيكون منا نبي.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 255 ] ابن زيد : قال لهم النبي (صلى الله عليه وسلم) يوم بني قريظة: "يا إخوة القردة والخنازير"، فقالوا: ما خرج هذا الخبر إلا من عندنا.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى {فتح} : حكم، ويكون (الفتح) بمعنى: النصر، وبمعنى: الفرق بين الشيئين.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى عند ربكم أي: في الآخرة، وقيل: عند ذكر ربكم.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن : {عند} بمعنى: (في) ، والمعنى ليحاجوكم به في ربكم، فيكونوا أولى به منكم.

                                                                                                                                                                                                                                      أفلا تعقلون خطاب من بعض المنافقين لبعض في قول قتادة وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن : رجع القول إلى المؤمنين، فقال: أفلا تعقلون أنهم لا يؤمنون؟ أولا يعلمون استفهام معناه التوبيخ.

                                                                                                                                                                                                                                      ومنهم أميون والضمير في {ومنهم} لليهود، وقيل لليهود والمنافقين.

                                                                                                                                                                                                                                      و (الأميون) : منسوبون إلى ما عليه الأمة من أنهم لا يحسنون الكتابة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: نسبوا إلى (الأم) ، كأن الأمي منسوب إلى ما ولدته أمه من أنه لا يكتب.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 256 ] وقيل: قيل لهم: أميون; لنزول الكتاب عليهم، كأنهم نسبوا إلى أم الكتاب، فكأنه قال: ومنهم أهل الكتاب لا يعلمون الكتاب.

                                                                                                                                                                                                                                      عكرمة، والضحاك : هم نصارى العرب.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس : هم قوم لم يؤمنوا برسول ولا كتاب، فكتبوا كتابا وقالوا: هذا من عند الله، فسموا أميين; لجحودهم الكتاب، فصاروا بمنزلة من لا يحسن شيئا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هم قوم من أهل الكتاب، رفع كتابهم لذنوب أحدثوها، فصاروا أميين.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : أنهم المجوس.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى إلا أماني : قيل: تلاوة، كانوا يتلونه ولا يعلمون ما فيه، [ ص: 257 ] ومنه قوله: ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ، قاله أبو عبيدة، والفراء .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: معناه إلا كذبا; أي: لكنهم يكذبون على الله تعالى، من قولهم: (أنت تتمنى هذا) ؛ أي: تختلقه، عن ابن عباس ومجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو من التمني بمعنى: التشهي، عن قتادة وابن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                      قال مجاهد : يقولون: في التوراة كذا، لما ليس فيها، فكأنهم يتمنون (أن يكون) في التوراة ما ليس فيها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن زيد : هم قوم يقولون: نحن من أهل الكتاب; تمنيا، وليسوا منهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وإن هم إلا يظنون أي: يدفعون نبوتك بالظن، عن ابن عباس، و (إن) بمعنى: (ما) .

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد : معنى {يظنون} : يكذبون.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية