الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ربنا تقبل منا أي: يقولان: ربنا، وكذلك: ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك : [أي: واجعل من ذريتنا أمة مسلمة لك]، ودلت (من) على تخصيص بعض الذرية.

                                                                                                                                                                                                                                      و (الأمة) ههنا: الجماعة، وتكون أيضا: الملة، وتكون: السنين، وتكون: القامة، وأصله كله: القصد.

                                                                                                                                                                                                                                      وأرنا مناسكنا أي: عرفناها، فهو [من رؤية القلب، ويجوز أن يكون] من رؤية البصر، والمراد بـ(المناسك) ههنا: مناسك الحج.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هي المذابح، فالمعنى: أرنا كيف نذبح؟

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هي جميع المتعبدات، وكل ما يتقرب به إلى الله تعالى يقال له:

                                                                                                                                                                                                                                      (منسك) و (منسك) ؛ وهو واحد: (المناسك).

                                                                                                                                                                                                                                      وتب علينا : قيل: قالا ذلك؛ ليكون ذلك الموضع معروفا بالتوبة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: معناه: ثب على الظلمة منا.

                                                                                                                                                                                                                                      ربنا وابعث فيهم رسولا منهم : هو محمد صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      ويعلمهم الكتاب والحكمة يعني: القرآن الذي يأتي به.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 346 ] {والحكمة}: المعرفة بالدين، والفقه في التأويل، عن مالك بن أنس.

                                                                                                                                                                                                                                      {ويزكيهم}: ويطهرهم من الشرك، عن ابن جريج، وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه :

                                                                                                                                                                                                                                      (ملة إبراهيم): الإسلام، ومعنى (سفه نفسه) في قول أبي عبيدة: أهلكها.

                                                                                                                                                                                                                                      الأخفش : هي لغة بمعنى: (سفه).

                                                                                                                                                                                                                                      الزجاج : (سفه) بمعنى: جهل؛ أي: جهل أمر نفسه، فلم يفكر فيها، وقيل: المعنى: (سفه في نفسه)، فحذفت (في) ؛ فانتصب.

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء : هو تميز.

                                                                                                                                                                                                                                      ولقد اصطفيناه في الدنيا أي: اخترناه، وهو: (افتعلناه) ؛ من (الصفوة).

                                                                                                                                                                                                                                      وإنه في الآخرة لمن الصالحين أي: وإنه لصالح في الآخرة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: (لمن الصالحين) تبيين للمحذوف، ولا يتعلق و (في الآخرة) بـ(الصالحين) إن جعلت الألف واللام بمعنى (الذي) ؛ لأن الصلة لا تتقدم على الموصول؛ فهو على التقدير المتقدم، فإن كانت الألف واللام للتعريف؛ جاز تقدمه عليه، وتعلقه به.

                                                                                                                                                                                                                                      إذ قال له ربه أسلم أي: اصطفيناه؛ إذ قال له ربه: أسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 347 ] (وأوصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب): الهاء والألف في بها للملة، و (يعقوب) عطف على (إبراهيم) عن ابن عباس وغيره، والمعنى: قال لهم: يا بني.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن (يعقوب) مستأنف، والمعنى: وصى يعقوب أن يا بني.

                                                                                                                                                                                                                                      إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون : [أي: الزموا الإسلام؛ ليصادفكم الموت وأنتم مسلمون).

                                                                                                                                                                                                                                      أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت الآية: (أم): منقطعة، وقد تقدم القول في مثلها، والعامل في (إذ) الأولى: معنى الشهادة، و (إذ) الثانية: بدل من الأولى مؤكدة.

                                                                                                                                                                                                                                      والخطاب لأهل الكتاب الذين ينسبون إلى إبراهيم ما لم يوص به بنيه، ولم يحضروه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية