الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 311 ] وقوله: وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر قال علي: كانا يعلمان تعليم إنذار، لا تعليم دعاء إليه، كأنهما يقولان: (لا تفعل كذا؛ فيكون منه كذا)، كما لو سأل سائل عن صفة الزنا والقتل، فأخبر بصفته ليجتنبه، فكان معنى يعلمان السحر: يعلمان، كما قال كعب بن زهير: [من الطويل]

                                                                                                                                                                                                                                      تعلم رسول الله أنك مدركي وأن وعيدا منك كالأخذ باليد

                                                                                                                                                                                                                                      ويكون المنزل على الملكين النهي، فيكون المعنى: يعلمون الناس السحر، ويعلمون ما أنزل على الملكين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: كانا في ذلك الزمان محنة، يظهر بها المؤمن من الكافر، كالنهر لأصحاب طالوت، وشبهه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: كان الذي أنزل عليهما كلاما يفرق به بين المرء وزوجه.

                                                                                                                                                                                                                                      السدي : كانا يقولان لمن جاءهما: إنما نحن فتنة فلا تكفر ، فإن أبى أن يرجع؛ قالا له: إيت هذا الرماد فبل فيه، فإذا بال؛ خرج منه نور يسطع إلى السماء وهو الإيمان، ثم يخرج منه دخان أسود، فيدخل في أذنيه، وهو الكفر، فإذا أخبرهما بما رآه من ذلك علماه.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 312 ] وقوله: (فلا تكفر): قيل: معناه: لا تكفر بتعليم السحر، وقيل: بالعمل به.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فيتعلمون منهما : القول في عطفه مذكور في الإعراب.

                                                                                                                                                                                                                                      وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله أي: بقضاء الله، وقيل: بعلمه.

                                                                                                                                                                                                                                      ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم يعني: في الآخرة.

                                                                                                                                                                                                                                      ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق قيل: الضمير في علموا للشياطين، وفي ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون للإنس الذين تعلموا السحر.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكون (ولقد علموا) للملكين، فأخبر عنهما كما يخبر عن الجماعة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن الضمائر كلها لعلماء اليهود، والمعنى في (لو كانوا يعلمون): لو انتفعوا بعلمهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال: (لمن اشتراه) ؛ لأنهم كانوا يؤدون على التعليم الأجرة.

                                                                                                                                                                                                                                      والخلاق: النصيب من الخير، عن مجاهد، وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      ولبئس ما شروا به أنفسهم أي: باعوا، يقال: شرى: إذا باع، [وشرى: إذا ابتاع].

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: لمثوبة من عند الله (المثوبة) و (الثواب): اسمان من (أثاب)، [ ص: 313 ] وأصله: من (ثاب) ؛ إذا رجع، فـ (الثواب): ما يرجع إليهم من جزاء أعمالهم، ومعنى: (لمثوبة): لأثيبوا.

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في معنى: لا تقولوا راعنا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أن ينـزل عليكم من خير من ربكم : من الأولى: زائدة، والثانية: التي لابتداء الغاية.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية