الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى أضاءت ما حوله : أضاءت حوله، فـ {ما} زائدة مؤكدة، وقيل: هي مفعولة لـ {أضاءت} ، وجواب (لما) : ذهب الله بنورهم ، [وقيل: الجواب محذوف، وهو (طفئت) ، ونحوه، فمعنى ذهب الله بنورهم ] أي: ذهب به في الآخرة، كما تقدم، وقيل: معناه: أطلع الله المؤمنين على نفاقهم.

                                                                                                                                                                                                                                      صم بكم عمي تمثيل لمن لا ينتفع بسمعه ونطقه وبصره.

                                                                                                                                                                                                                                      أو كصيب من السماء الآية، (الصيب) : المطر، وأصله: (صيوب) عند البصريين، و (صويب) عند الكوفيين، وهو من (صاب يصوب; إذا نزل من علو إلى سفل، وهذا مثل للمنافقين أيضا، و {أو} : للإباحة، والمعنى: مثلوهم بأي المثلين شئتم، فما في الصيب من الظلمات مثل لما يعتقدونه من الكفر، والرعد [ ص: 145 ] والبرق مثل لما يخوفون به.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المطر مثل للقرآن، والظلمات مثل لشكهم فيه، والرعد: مثل لما في القرآن [من الزجر، والبرق: مثل لما فيه من البيان، والصواعق: مثل لما في القرآن] من الدعاء إلى القتال في العاجل، والوعيد في الآجل، و (الصاعقة) : الصوت الشديد.

                                                                                                                                                                                                                                      والله محيط بالكافرين أي: لا يفوتونه، مجاهد : يجمعهم في الآخرة.

                                                                                                                                                                                                                                      يكاد البرق يخطف أبصارهم من جعل البرق مثلا للتخويف; [فالمعنى: أن خوفهم مما ينزل بهم يكاد يذهب بأبصارهم، ومن جعله مثلا للبيان الذي في القرآن; فالمعنى: أنهم جاءهم من البيان ما بهرهم].

                                                                                                                                                                                                                                      كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا أي: [إذا] نزل القرآن بم يحبون; مالوا إليه، وإذا نزل بما يكرهون; نافقوا، عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة : إذا رأى المنافق رخاء; قال: أنا معكم، وإذا رأى شدة; لم يصبر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إضاءته لهم: امتناعهم بحرمته، وإظلامه: شكهم فيه، وثبوتهم على الكفر به.

                                                                                                                                                                                                                                      ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم أي: لو شاء لأطلع المؤمنين عليهم، [ ص: 146 ] فذهب منهم عز الإسلام، وخص السمع والبصر; لتقدم ذكرهما، ولأنهما اثنان من أشرف ما في الإنسان.

                                                                                                                                                                                                                                      وهذه عشرون آية على عدد الكوفيين، منها أربع آيات; وهي الأولى في وصف المؤمنين، ثم تليها اثنتان في ذكر الكافرين، وبقيتها في ذكر المنافقين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية