الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 608 ] ولا يضار كاتب ولا شهيد قال طاووس : لا يكتب الكاتب ما لم يمل عليه، ولا يزيد الشاهد في شهادته، فالأصل على هذا: (يضارر) ، وعلى قول ابن عباس، ومجاهد، وغيرهما: يكون الأصل: (يضارر) ؛ قالا: نهى الله تعالى أن يدعى الشاهد إلى الشهادة والكاتب إلى الكتابة وهما مشغولان، فيقال لهما: قد أمركما الله ألا تمتنعا، فيضر بهما.

                                                                                                                                                                                                                                      وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم أي: معصية، عن سفيان الثوري .

                                                                                                                                                                                                                                      وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة : الرهن في السفر: بنص التنزيل، والرهن في الحضر: جائز بسنة النبي عليه الصلاة والسلام، ولم يرو عن أحد منعه في الحضر سوى مجاهد، ولا يكون إلا مقبوضا، كما قال الله عز وجل، وكونه على يدي عدل قبض له في قول مالك وأكثر العلماء، وقال قتادة والحكم وغيرهما: ليس بقبض.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله قال ابن عباس، وعائشة، وغيرهما رضي الله عنهم: هي محكمة عامة، والمعنى عندهما: أن الله تعالى يحاسب خلقه على ما عملوه، وما أسروه في أنفسهم، فيغفر [ ص: 609 ] للمؤمنين، ويؤاخذ الكافرين والمنافقين.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن عائشة رضي الله عنها: أن محاسبة الله عز وجل على ما أسروه ولم يعملوه; إنما هو بالمصائب في الدنيا، هذا معنى قولها، وروت معناه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن مجاهد، وعكرمة، وغيرهما: أنها محكمة مخصوصة في كتمان الشهادة.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن ابن عباس أيضا، وأبي هريرة، وابن مسعود، وسعيد بن جبير، وغيرهم: أنها منسوخة بقوله: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأحسن ما يحمل هذا المذهب عليه: أن تكون الآية إنما نسخت الشدة اللاحقة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عند نزولها، فتكون من قولهم: (نسخت الريح الآثار) ؛ أي: أزالتها، ومن قولهم: (نسخت الشمس الظل) ؛ إذا أزالته، وحلت محله، فكأن اللين الذي في الآية الأخرى أزال الشدة التي في الآية الأولى، وحل محلها، فإن لم يحمل على هذا; ففيه بعد; لأن الآية خبر، وإذا لم يكن في الخبر معنى الأمر والنهي; استحال نسخه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية