التفسير:
قيل: لا تعبدون إلا الله : قلنا لهم: والله لا تعبدون إلا الله، على القسم. معنى
وقيل: التقدير: أن لا تعبدوا إلا الله، فسقطت(أن) ، فارتفع الفعل.
وبالوالدين إحسانا أي: أحسنوا بهما إحسانا.
وذي القربى يعني: قرابة الرحم والصلب.
{واليتامى} قيل: وفي غير الناس: من قبل الأم، وإذا بلغ اليتيم حد البلوغ; زال عنه اسم اليتم. اليتيم في الناس: من قبل الأب،
[ ص: 274 ] {والمساكين} : يسمى به من لا شيء له، ومن له شيء يسير. (المسكين) : الذي أسكنه الفقر،
ثم توليتم إلا قليلا منكم : أي: تولى أسلافكم، وأنتم معرضون عن الحق مثلهم.
وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم أي: لا يسفك بعضكم دم بعض، وكذلك: ولا تخرجون أنفسكم من دياركم .
ثم أقررتم وأنتم تشهدون أي: اعترفتم أن هذا الميثاق أخذ عليكم وعلى أوائلكم، وشهدتم بذلك.
ويجوز أن يكون المراد بجميعه: أوائلهم، ثم خصوا بالخطاب، فقال: ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم أي: يقتل بعضكم بعضا.
وتخرجون فريقا منكم من ديارهم : وهذا نزل في بني قينقاع، وبني قريظة، والنضير، من اليهود، وكانت بنو قينقاع أعداء بني قريظة، وكانت الأوس حلفاء بني قينقاع، والخزرج حلفاء بني قريظة والنضير، والأوس والخزرج أخوان، وقريظة والنضير أيضا أخوان، ثم افترقوا فصارت النضير حلفاء الخزرج، وقريظة حلفاء [ ص: 275 ] الأوس، فكانوا يقتتلون، ثم ترفع الحرب، فيفدون أسراهم، فعيرهم الله بذلك فقال: وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض .
: تعاونون: مشتق من (الظهر) ؛ لأن بعضهم يقوي بعضا، فيكون له كظهره. ومعنى {تظاهرون عليهم}
و (الأسير) : مشتق من (الإسار) ؛ وهو القد الذي يشد به المحمل، فسمي أسيرا; لأنه يشد وثاقا، وتكسير {أسارى} مذكور في أصول القراءات.
و (الفداء من الشيء) : العوض منه.
وهو محرم عليكم إخراجهم أي: والأمر محرم عليكم إخراجهم، ويجوز أن يكون {هو} كناية عن الإخراج، ثم فسر.
و (الخزي في الدنيا) الذي جعله الله جزاءهم: ما نال بني النضير من الجلاء، وما نال بني قريظة من قتل المقاتلة، وسبي الذراري.
وقيل: هو عام في أهل الذمة، و (الخزي) : الجزية، والذل، وغير ذلك.
ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل (التقفية) : الاتباع، والإرداف.
وقوله: وأيدناه بروح القدس (الأيد) : القوة، و {وأيدناه} : قويناه، و (روح القدس): جبريل، عن وعنه أيضا: الاسم الذي كان يحيي به الموتى. ابن عباس،
[ ص: 276 ] : الإنجيل، سمي روحا كما سمي القرآن كذلك; لأنهما يحيا بهما، وكذلك ابن زيد جبريل يأتي بما يحيا به، وقد أخبر الله عن المؤمنين بالحياة، وعن الكافرين بالموت، فقال: أومن كان ميتا فأحييناه و {القدس} : الطهارة، وقد تقدم ذكره.
ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون يعني: ما فعله أسلافكم بالأنبياء.